رسائل طهران العمق الايراني حصراً دونه وحدة الساحات

د. زياد علوش

على قاعدة اغتيال ستة “عسكريين” مسألة فيها خطر وإبادة “غزة وبيروت ودمشق وبغداد وعدن” مسألة فيها نظر. عندما نقارن بين حصيلة الفظائع التي ارتكبها ولا يزال جيش الاحتلال الاسرائيلي في غزة خلال الأشهر الستة من تاريخ “طوفان الأقصى” وبين الخسائر الاسرائيلية نتيجة الرد الايراني بما يفوق 300 صاروخ ومسيرة، فإن ذلك يدعو الى الدوران حول شكل هذه الحرب لاكتشاف المضمون.

حتى تاريخ 17 ابريل/نيسان 2024 وبعداد يرتفع لحظياً، أعلنت وزارة الصحة في غزة، ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على القطاع إلى 33899 شهيداً و76664 مصاباً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

حصيلة الرد الايراني على اسرائيل الذي جاء على خلفية سحق قنصليتها في دمشق وليس على أساس المجازر إياها المرتكبة، بلغت “الصفر” من القتلى والجرحى الاسرائيليين، وبغض النظر عن أن طهران أرادت ذلك أو لم تقدر عليه.

في قراءة موضوعية كيف أن ايران قالت منذ البداية ان “طوفان الأقصى” صناعة “حمساوية” حصرية، كذلك جهدت كل من واشنطن وتل أبيب وكذا لندن وبرلين وباريس لتأكيد المعنى نفسه بتبرئة طهران من دماء مستوطني غلاف غزة، كان ذلك مقدمة للدفع الأميركي الى تمكين اسرائيل من الاستفراد بالفلسطينيين وعلى هذا الأساس كانت جولات المسؤولين الأميركيين في الشرق الأوسط، بدت معها أطروحة وحدة الساحات محرجة للغاية ولا يخرجها سوى الاسناد المقنن غير القادر على تغيير المعادلات أو الحد من الضحايا في غزة.

تحول الاسناد المفتوح الى التضامن الكلي والقادر على إعادة خلط الأوراق، دونه تعرض المركز للنيران المباشرة أي طهران وليس الأذرع، حدث ذلك أثناء عدوان “عناقيد الغضب” الذي شنته اسرائيل على لبنان في العام 2006، وأمعنت في التدمير ولم يحرك المركز ساكناً.

على هذا الأساس ومع تصاعد تهديدات بنيامين نتنياهو بالرد على الرد الايراني، وكعينة لما يمكن أن يحدث تم تسخين الجبهة اللبنانية بالانتقال الى وضع ما بين الاسناد والتضامن كتحذير إضافي لتل أبيب بعد 300 مقذوفة خلبية ايرانية، من أن التعرض لطهران مباشرة خط أحمر دونه اندلاع وحدة الساحات، يدرك جو بايدن وريتشي سوناك على وجه الخصوص ومعهما نتنياهو أنها دعوة ايرانية، بعد فاصل هزلي أشاح النظر لبرهة عما ترتكبه اسرائيل مكنها من إعادة تحديث ترسانتها وسردية مظلوميتها التي أصابها الوهن بفعل الفظائع المرتكبة، لضرورة العودة الى قواعد الاشتباك القديمة، أي العودة الى حصر الحرب في غزة ودعونا نتعارك هذة المرة في رفح فعين المحور مسلطة باتجاه العاصمة الخامسة هذة المرة عمان – الأردن.

ومع قواعد الاشتباك الجديدة ضمن فلسفة معارك التحريك الحالية، هل يمكن للمحور المقاوم الانتقال من حصرية المحور الى عموم الساحات في وحدتها بانتظار حرب التحرير وإزالة الكيان الغاصب؟

بعض المحللين يعتقد فعلاً أن طهران قد انتقلت الى تبني المفهوم الجديد عندما قالت انها تخلت عما وصمت به على الدوام بالصبر الاستراتيجي الى الرد التلقائي السريع والحاسم، وانها تركت لتل أبيب فضيلة التروي والشكوى في مجلس الأمن والاحتفاظ بحق الرد الزماني والمكاني.

وقد اختبرت طهران فاعلية الجبهة اللبنانية حيث تقدمت فاعلية الفرع على الأصل بالانتقام والاسناد لظروف موضوعية ووحدة خصومها على مدى ستة أشهر وهم يقاتلون صفاً واحداً بهدف الحفاظ على التفوق الاسرائيلي واستمرار عربدته، بما يمكنها من سحب البساط من تحدت أقدام “المترددين العرب” وإعلان حرب التحرير الشاملة ووحدة الساحات والقول ان أميركا هي العدو، بدل الرضوخ لاملاءاتها بصورة مستمرة خلف الكواليس.

الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت وحذاري الانخداع بالشعارات، فالعلاقة الجدلية بين طهران وتل أبيب في عالمنا العربي لتقاسم النفوذ في الشرق الأوسط على أعين واشنطن، أن أحدهما يزرع القنبلة والآخر يشعل الفتيل كما حصل في مرفأ بيروت.

شارك المقال