إيران وإسرائيل: طبول النصر وطبول الحرب

حسناء بو حرفوش

في ظل الاضطرابات التي تعصف بالشرق الأوسط، يبدو أن الكواليس تضج بالكثير ولعل أهم ما يحصل هو السيناريوهات المتناقضة بين السعي الى التهدئة والتمسك بالاستثمار في الحرب. مقال في موقع مجلة “فوربس” الأميركية طرح علامات استفهام حول موقف كل من إيران وإسرائيل بعد الأحداث الأخيرة، فهل تميلان الى التصعيد أم الى التهدئة؟

إيران: النصر مقابل التهدئة

وفقاً للمقال، “على الرغم من أن إيران تشعر بضرورة الرد على أي استهداف للشخصيات الايرانية البارزة كما حصل في سوريا، لا يرغب نظام طهران حالياً في إثارة حرب لأن الخسارة تلوح في الأفق لأسباب ليس أقلها أن هناك فئات من الشعب الايراني تترصد أي إضعاف لنظام الملالي. ولذلك، عمدت إيران مثلاً الى تحذير إسرائيل والولايات المتحدة عبر تركيا من خططها للهجوم ضد إسرائيل، بشكل سمح لهذه الأخيرة بالخروج سالمة منه الأسبوع الماضي وبإسقاط الصواريخ بالتعاون مع حلفائها.

إسرائيل: بيبي يقرع طبول الحرب

لكن من الجانب الآخر، الأمر ليس سيان بالنسبة الى إسرائيل، حيث أن حكومة بنيامين نتنياهو تجد نفسها عالقة في مأزق. ومن الناحية المثالية، وحتى من الناحية العملية، ينبغي لها أن تنتقم من إيران، أقله أمام الرأي العام. ويشعر نتنياهو بالوطأة نفسها وقد يكون التصعيد هو خياره الوحيد لأن شعبه سيسارع الى إيجاد طريقة لإطاحته عند أي تعثر. ويأتي ذلك بعد أن اتهمه الشارع الاسرائلي بالفشل في توقع السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بل قال العديد من الاسرائيليين إن أفعاله اللاحقة كانت في مصلحة حماس وطهران.

كما أن منتقدي بيبي يرون أنه فشل أيضاً في إنقاذ الرهائن، وخسر الصراع الدعائي في الخارج، وقسم بلاده فعلياً. وبالتالي، قد يلجأالى استخدام حرب وجودية مع إيران، بهدف مواجهة شعبه وإدعاء أنه سواء أكان محبوباً أم لا، يتطلب الأمر شخصاً مثلي (أي نتنياهو) للقيام بهذا النوع من العمل. ولكن في حال أراد التصعيد، سيجد رئيس الوزراء الاسرائيلي نفسه وحيداً لأن الحلفاء يرفضون مساعدته في التصعيد. وإذا كان يريد حرباً واسعة النطاق مع إيران، فيجب على إسرائيل خوضها بمفردها. ومع ذلك، لا يمكنه السماح للهجوم المباشر من إيران بأن يمر من دون رد، وهذا هو العرف السائد. وفي كل الأحوال، ربما يعتبر أنه حقق شيئاً كبيراً – لفترة من الوقت، على الأقل، من خلال دفع العالم الى تركيز النقاش على الحرب المحتملة بين إسرائيل وإيران بدلاً من الخسائر البشرية في غزة.

لكن نتنياهو، وفقاً للتحليل، “لا يستطيع المضي إلى النهاية والتصعيد بصورة واضحة للغاية لأنه يخاطر بإبعاد حلفائه الغربيين الذين لا يريدون حرباً عالمية أو حتى حرباً إقليمية. ولذلك هاجم القواعد العسكرية في أصفهان، وأثناء الهجوم، تم تدمير رادار رئيسي للدفاع الجوي، لإرسال رسالة مفادها أن إيران، على عكس إسرائيل، معرضة للقصف على نطاق واسع. وبينما لا تعترف طهران بالهجوم، تستمر ببث مقاطع فيديو عن هجومها المهيب وغير الفاعل الذي وقع قبل أيام.

مسرحية أم حرب شاملة؟

يحول ذلك المواجهة المتفجرة المحتملة إلى مسرحية تواطؤية بحيث يشن كل طرف هجمات في الغالب لحفظ ماء الوجه. المشكلة هي أن هذا السيناريو لا يناسب نتنياهو على الاطلاق. بالنسبة اليه، إذا لم يقم بتحييد التهديد الايراني إلى الأبد، وإذا لم يعد صياغة المواجهة باعتبارها تحدياً وجودياً لإسرائيل، وبالتالي إدامة القتال، فسيتعين عليه قريباً مواجهة الجمهور الاسرائيلي. أما إذا حاول تعزيز الحرب، فسيخسر الحماية الاضافية والذخيرة التي يوفرها الحلفاء الغربيون. وبالتالي، يعكف على البحث عن الخيارات والسوابق. وتقدم أوكرانيا مثالاً على ذلك من خلال استهدافها المتدرج لمستودعات النفط الروسية ومصانع الأسلحة والمطارات وما شابه بشكل ضربات استراتيجية وتصعيد مستتر من دون أي هجوم شامل. ولهذا السبب نرى حالياً حرائق تندلع في قواعد الميليشيات الموالية لايران في العراق. ونتوقع المزيد من الهجمات ضد القوى الموالية لإيران في المنطقة”.

ويختم التحليل: “إذا نجح نتنياهو في استفزاز إيران فسيسير كل شيء على ما يرام بالنسبة اليه. وإلا، سيستمر في الضغط حتى تبالغ طهران في رد فعلها وتبدأ الحرب الشاملة. والأفضل من ذلك بالنسبة اليه أن الغرب لن يلقي باللوم عليه في هذه الحالة، بل سيهب لمساعدته”.

شارك المقال