طريق المطار يا بابا… سالكة غير آمنة!

جورج حايك
جورج حايك

عندما تصل إلى أي دولة في العالم، تخرج من مطارها الى طرق واسعة، وتسرّ العين بالحدائق والخضار والأبنية الجميلة، وتشعر بالتطوّر والحداثة ليلاً من خلال إنارة قويّة، لأن كل دولة ترغب في إعطاء أفضل صورة عنها للسائح لدى وصوله إليها.

ولكن التمايز موجود في لبنان فقط، وأغنية “طريق المطار يا بابا” لا تزال تخطر على بالنا لدى المرور في المكان، فبدل أن نعطي للسائح أجمل صورة عن بلدنا وللمواطن المغادر أنه يترك بلده الجميل، نعيش للأسف على طريق المطار القول المعروف: الداخل مفقود والخارج مولود! وكل ذلك، بسبب الفوضى الأمنية الناجمة عن وجود عصابات تقوم بعمليات سطو وسلب للسيارات المارة على طريق المطار الداخلي والخارجي الذي يجب أن يكون الأكثر أماناً في لبنان نظراً إلى أنه شريان حيوي مهم.

واللافت أن هذه الظاهرة المخيفة تكاثرت في الآونة الأخيرة، وتبدو هذه العصابات مرتاحة الى وضعها نظراً إلى اتكائها على بؤر أمنية، وتعمل في مكان جغرافي وبيئة حاضنة، فمن جهة هناك مخيمات فلسطينية مثل مخيمي برج البراجنة وشاتيلا، ومن جهة أخرى الضاحية الجنوبية وما تتضمنه من فائض قوة وانتشار للسلاح.

تتنوع عصابات السلب على طريق المطار، فمنها من امتهن سلب المارة على الدراجات النارية، وأخرى سلب سائقي السيارات عبر إعداد الكمائن لهم، أحياناً تكون من خلال القاء الحجارة، وأحياناً أخرى من خلال رمي المسامير على الطريق لتعطيل الدواليب.

هذا الواقع المرّ جعل سلوك طريق المطار ذهاباً واياباً بتفرّعاتها وأنفاقها محفوفاً بمخاطر لا تُدرَك عواقبها، بل هي، بالنسبة إلى اللبنانيين والمغتربين والسيّاح أشبه بمغامرة مليئة بالمخاطر، والمفارقة أن الطريق الممتدة بين بيروت والمطار تفتقر إلى الإنارة اللازمة بسبب انقطاع الكهرباء أحياناً، ما يسهّل حركة العصابات المتخصصة بالتشليح والسلب.

لا شك في أن الأجهزة الأمنية بدءاً من الجيش اللبناني وصولاً إلى قوى الأمن الداخلي، تحاول أن تبذل أقصى جهدها لحفظ الأمن على هذه الطريق وتعقّب هذه العصابات وتوقيف أفرادها، وقد نجحت في كبح جماحها والفوضى التي تسببها نسبياً. وتمكنت مديرية المخابرات في الجيش منذ يومين من توقيف عصابة مؤلفة من ثلاثة أفراد بعدما داهمت أوكارها في بلدة بريتال – بعلبك ومنطقة حي السلم – الضاحية الجنوبية. كذلك، أوقفت المواطن (ع.ج) في الضاحية الجنوبية، وقد اعترف بارتكاب نحو 120 عملية سلب، 80 منها على طريق المطار!

هذا غيض من فيض ما يحصل على طريق المطار، ولا بد من التنويه بعمل مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى التي تسيّر دوريات دائمة باللباسين المدني والعسكري على هذه الطريق. لكنّها تُشدّد على تحميل المواطن مسؤولية أيضاً بسبب عدم المبادرة إلى الادّعاء، خصوصاً عند عدم تعرّضه لخسائر كبيرة.

والمفارقة أنّ غالبية الحوادث تصل إلى الأجهزة الأمنية عبر فيديوات تنتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن نظراً إلى أهمية طريق المطار، المطلوب أن تكون مزروعة بالكاميرات ومراقبة على مدار الـ24 ساعة من القوى الأمنية، لا الاعتماد على فيديوات المواطنين، إضافة إلى ضرورة تكثيف الوجود الأمني بحيث لا يكون لهذه العصابات فرصة للإنقضاض على المواطنين العابرين على هذه الطريق وتعريض سلامتهم وحياتهم للخطر.

هذا الوضع المتفلّت والخطير دفع عضو “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم الى رفع الصوت عبر موقع “لبنان الكبير” وخصوصاً أنه يُشارك في لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية، مؤكداً أن أحد البنود الأساسية الذي تضمنه جدول أعمال اللجنة أمس كان “الأمن”. واعتبر أن “الأجهزة الأمنية لا تتقاعس، لكن الوضع السياسي وتفلّت السلاح يضعان الجميع في مكان صعب جداً، والأجهزة تحتاج إلى غطاء من السلطة السياسية كي تقوم بدورها على أكمل وجه، ولا بد من مصارحة الناس بأن المرض الأساسي هو الدويلة”.

ولا يستغرب كرم ما يحصل على طريق المطار بسبب ضعف الدولة واستقواء الدويلة، موضحاً أن “البيئة الحاضنة لهذه العصابات معروفة وهي الدويلة، ونحن كقوات دفعنا ثمنها عبر قتل الشهيدين الياس الحصروني وباسكال سليمان”. وأشار إلى أن “كل دول العالم تحصل فيها جرائم، إلا أن لديها دولة وقوى أمنية ووحدة سلاح تضبط الأمور وتعتقل المجرمين ولا تسمح بانتشار البؤر الأمنية. أما في لبنان فيبدو الأمن متفلتاً ونعود إلى السبب الجوهري: الدويلة!”.

لكن كرم قال: “ليس بالضرورة أن كل جريمة تحصل في لبنان يكون خلفها فريق السلاح، إلا أنه يشكّل بيئة حاضنة للعصابات التي تختبئ في مناطقه والجزر الأمنية المتفلتة والمحميّة منه، وبالتالي كل الشعب اللبناني معرّض لجرائم من هذا النوع بسبب وجود ما يسمّى محور الممانعة الذي يُضعف الدولة”.

وبالنسبة إلى النائب كرم “البلد كلّه مخطوف وحتماً طريق المطار مهم جداً والمرفأ أيضاً، لكن كل مناطق لبنان مستباحة للعصابات والتفلّت الأمني، ولا يمكننا التوصّل إلى حلّ إلا من خلال أن تصطف الدويلة وراء الدولة وتسلّم سلاحها إلى الشرعيّة، فتبسط الدولة سلطتها على كل الأراضي اللبنانية ونعود إلى الشراكة اللبنانية. أما إذا بقينا على هذا المنوال فستضطر كل منطقة إلى حماية نفسها وأمن أهلها، وامكان إنشاء مطار آخر غير مستبعد لأن أحداً لا يريد أن يبقى تحت رحمة السلاح المتفلّت والعصابات المحميّة”.

شارك المقال