رهان “عوني” على بو صعب لتحرير “التيار” من هيمنة باسيل

زياد سامي عيتاني

منذ الانتخابات النيابية في العام 2022، ظهر الخلاف الذي كان صامتاً بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ونائب رئيس مجلس النواب الوزير السابق إلياس بو صعب، على خلفية دعم باسيل لمرشح آخر على لوائح التيار في المتن على حساب بو صعب، بحيث جيّرت أصوات التيار لمنافس الأخير.

وتعمّق الخلاف بين الرجلين، عندما دعم رئيس مجلس النواب نبيه بري بو صعب لنيابة رئاسة المجلس، خلافاً لإرادة باسيل، الذي كانت علاقته ببري دائمة التوتر، وإن لم تنقطع. وهذا ما هيأ المجال واسعاً أمام بو صعب للعب دور سياسي بارز من موقعه كنائب رئيس للبرلمان، مدعوماً من الرئيس بري، وجعله مفاوضاً باسم الدولة اللبنانية الى جانب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين بشأن هندسة اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل عام 2022.

كذلك، فإن بو صعب عرف كيف يتمايز في أدائه السياسي عن باسيل، مبقياً على “شعرة معاوية” الحوارية مع مختلف الكتل النيابية، بحيث كان يحرص على التواصل مع غالبية القوى السياسية، لا سيما المتخاصمة مع باسيل.

كل هذه العوامل فاقمت الخلاف بين الرجلين، ليبلغ ذروته، عندما اتهم بو صعب بعدم الالتزام خلال جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية بقرار التيار باعتماد الورقة البيضاء، وأنه كان يصوّت لزياد بارود. كما أن أوساطاً مقربة من باسيل اتهمت بو صعب بأنه كان يسوّق تحت الطاولة لسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، بالتنسق مع بري، وقيل انه عندما سار التيار في التصويت للوزير السابق جهاد أزعور، إقترع بو صعب لفرنجية.

ومع وقوع الطلاق بين باسيل وبو صعب، يعاد فتح ملف الخلافات العميقة داخل التيار، والتي تتمحور جميعها حول إستئثار باسيل بالقرارات بصورة إستعلائية وديكتاتورية، ما دفع الكثير من القيادات التاريخية في التيار العوني الى الاستقالة أو الاقالة، مع بقاء العديد منهم في مواقعهم التنظيمية و/أو النيابية على مضض، حرصاً على عدم التسبب بمزيد من إتساع دائرة الخلافات والانشقاقات داخل التيار.

ولا يزال بو صعب يحتفظ بعلاقة ممتازة مع الرئيس ميشال عون ويتمتع بمروحة واسعة من العلاقات السياسية المحلية والخارجية، وبحيثية شعبية داخل “التيار الوطني الحر”، لذا فإن خروجه من التيار ليس كخروج من سبقه مثل حكمت ديب وزياد أسود وماريو عون، فهو يملك قدرة واسعة على التحرك بإستقلالية، مع البقاء داخل الأروقة السياسية، ما يجعله غير متأثر بخروجه عن الأطر التنظيمية للتيار. وهذه الحالة التي يتميز بها عن سواه، تجعله قادراً على لعب دور إصلاحي وتطويري على صعيد التيار نفسه، لما يتمتع به من مصداقية وبراغماتية في أدائه السياسي، بعيداً عن الشعبوية والأنانية الذاتية.

وفي هذا الاطار، لا تخفي قيادات وكوادر في التيار رهانها على أن يتولى بو صعب هذه المهمة الانقاذية للتيار، ليعود تياراً جامعاً للحالة “العونية” التي تمكنت من إكتساح الساحة المسيحية، قبل أن تتحول إلى حالة “باسيلية”، ساهمت في تراجع التيار وتقهقره، وتحويله الى أداة مفصلة على قياس رئيسه الحالي جبران باسيل.

شارك المقال