لماذا توثق إسرائيل عملياتها؟

فاطمة البسام

هل أصبحنا في زمن الحروب المصوّرة؟ فكرة تطرّق إليها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، في خطاباته عن المعركة مع إسرائيل، متوعداً بهزيمتها أمام العالم، في أكثر من مرّة. إلاّ أن الطرف الأكثر إستغلالاً لهذه النظرية في عملياته، هو الجيش الاسرائيلي، الذي أصبحت لديه ألبومات مصوّرة عن الجرائم التي يقوم بها سواء في غزة أو في لبنان.

200 يوم على “طوفان الأقصى”، 34183 قتيلاً في غزة، و356 قتيلاً في لبنان بحسب أرقام “الدولية للمعلومات”، ومئات البيوت المدمرة، وعشرات الفيديوهات المصوّرة من المسيرات التي توثق إعتداءات اسرائيل على السيارات والمنازل، وتقوم بنشرها فيما بعد لتؤكد الاستهداف الذي قامت به ولترفع أسهم المصداقية والمعنويات لدى شعبها.

ولعل آخر توثيق نشره الاعلام العبري، كان إستهداف سيارة على طريق عام أبو الأسود – عدلون، في جنوب لبنان. وبحسب مزاعم العدو، أنه استهدف مهندساً في وحدات الدفاع الجوي تابعاً لـ “حزب الله”، الذي نعاه “شهيداً على طريق القدس”، من دون التطرّق إلى صفته العسكرية.

فكرة التوثيق ليست جديدة، بل اعتمدها الانسان قبل الحضارات في صراعاته مع الحيوانات والطبيعة، ووثق هزائمه وانتصاراته بنقوشات ومنحوتات عبر التاريخ.

مصدر إعلامي مقرّب من “حزب الله”، يقول لموقع “لبنان الكبير”: “الكاميرا في الميدان هي جزء من العمل في كلّ الحروب، وتقنية التصوير والتوثيق ليست جديدة، واعتمدها العدو في حرب 2006 على لبنان، إلاّ أنه لم تكن هناك منصات إعلامية مثل اليوم تسمح بإنتشارها”.

ومما لا شك فيه أن الجبهة الاعلامية توازي الجبهة العسكرية من ناحية الأهمية من دون مبالغة، لأنه بالاضافة الى الأضرار والخسائر الفعلية التي يلحقها الجيش الإسرائيلي بالجبهة الجنوبية، يريد أيضاً أن يوصل الرسائل والتطمينات إلى سكان الشمال.

ويضيف المصدر: “تأكيداً على أهمية الجبهة الاعلامية، الاسرائيلي اليوم لا يكتفي بنشر مقطع مصور عبر منصاته، بل أصبح يقدّم معلومات بصياغة خبرية تشرح العملية التي قام بها بعد دقائق من حصولها، مستفيداً من المنصات كافة”.

وبفضل التطور التكنولوجي، يستطيع الاسرائيلي نقل عملياته ومشاهدتها مباشرة من قلب الحدث، مثلما فعل أثناء إغتيال عماد مغنية في سوريا، وكما فعل الأميركي عند تصفية أسامة بن لادن في باكستان.

في المقابل يوثق “حزب الله” عملياته كلّها، من الناقورة حتى جبل الشيخ، لكنه يكتفي بنشر ما يخدمه لإيصال الرسائل أيضاً، ويحتفظ ببعضها للوقت المناسب.

أمّا من جهة قانونية، فهذه التوثيقات تعتبر أدلة لادانة إسرائيل على جرائمها، بغض النظر عن رأي القانون فيها، الذي يمكن أن يعتبرها أهدافاً عسكرية، بحسب ما يقول المحامي فاروق مغربي لموقع “لبنان الكبير”، وهذه الأدلة تندرج تحت مسمى “المصادر المفتوحة” التي تعتمدها لجان التقصي كأدلة رقمية.

شارك المقال