الحرب الايرانية – الاسرائيلية: سوريا ساحة رئيسية للمعارك

حسناء بو حرفوش

بعد انتقال حرب الظل بين إسرائيل وإيران إلى العلن، تتجه الأنظار إلى سوريا “الأرض الخصبة لشرارة أخرى”، حسب تحليل لناتاشا دانون. ووفقاً للتحليل، “تعتبر سوريا مهمة في الوقت الحالي ومكاناً يستحق المراقبة في أعقاب التصعيد غير المسبوق الذي سجل هذا الشهر واستمرار خطر تجدد الصراع.

ووفقاً للتحليل، “لطالما شكلت سوريا ساحة معركة رئيسية في حرب الظل التي تخوضها إيران وإسرائيل. لكن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، عندما شنت حركة حماس المدعومة من إيران توغلها البري داخل إسرائيل من غزة، انتشرت الهجمات على الأراضي السورية ومنها من حيث الحجم والنطاق.

وفي سوريا أثارت ضربة إسرائيلية تصعيداً غير مسبوق هذا الشهر بين إيران وإسرائيل. وفي أعقاب اغتيال كبار القادة الايرانيين في الأول من نيسان/أبريل في قنصلية طهران في دمشق، وصل البلدان إلى أعلى مستوى من الصراع المباشر حتى الآن. وعندما أطلقت إيران ووكلاؤها الاقليميون وابلاً من الصواريخ والمسيرات على إسرائيل رداً على ذلك في 18 نيسان/أبريل، كسر خط أحمر كان ثابتاً لوقت طويل الأمد.

وحملت الأيام التالية دلائل على مساعٍ لتجنب التصعيد على مستوى المنطقة. وشنت إسرائيل، بفعل ضغوط الولايات المتحدة، ضربات محدودة ضد إيران وسوريا في 21 إبريل/نيسان. ومنذ ذلك الحين قللت إيران من أهمية الرد. ومع ذلك، فإن خطر تجدد الصراع لا يزال قائماً. وفي أي تصعيد مستقبلي، من غير المرجح أن تكون سوريا بعيدة عن المشهد.

الدور السوري والوضع في لبنان

وفقاً للباحثة حنين غدار من معهد واشنطن، كانت سوريا “ميداناً مفتوحاً” لاسرائيل منذ فترة طويلة. “إنهم يشعرون أنهم قادرون على فعل ما يريدون”. ومن دون ردع إيراني كبير، قامت إسرائيل بضرب أفراد إيرانيين والميليشيات والبنية التحتية المدعومة من طهران في سوريا لسنوات.

وأضافت أن الوضع في لبنان، على عكس سوريا، مختلف حيث لا تزال هناك “خطوط حمر غير معلنة بين حزب الله المدعوم من إيران وإسرائيل وفي لبنان، سيواصلون استدامة هذا الوضع الراهن مع بعض التصعيد اعتماداً على ما يفعله حزب الله”.

وعلى الرغم من تصاعد الصراع بين إسرائيل و”حزب الله” عبر الحدود الجنوبية للبنان خلال الأشهر الستة الماضية، تتوقع غدار أن تظل سوريا الساحة الرئيسية لصراع إسرائيل وإيران. “سوريا مختلفة، ولطالما كانت كذلك”.

ووفقاً لغدار، “حزب الله” هو “الدرع الدفاعية” لإيران، وهو “بوليصة تأمين” لا تبدي طهران استعداداً لاستخدامها إلا إذا تعرضت لتهديد مباشر. وفي ردها على قصف قنصليتها، لم تستخدم لبنان على الرغم من أن المواجهة كانت الأعنف على الاطلاق. ووصفت غدار ذلك بـ”الخيار الاستراتيجي” لأن إيران تريد “الحفاظ على لبنان بمنأى من حرب شاملة”.

بدوره يوافق تشارلز ليستر، وهو باحث بارز في معهد الشرق الأوسط، على ضرورة مراقبة سوريا لأنه يرى أنها الأصل الاقليمي الرئيسي الذي تهدف إيران إلى حمايته وليس لبنان.

وقال ليستر: “تشعر إيران أن هناك الكثير من المخاطر في سوريا حيث أن إسرائيل تتمتع بقدر أكبر من حرية المناورة وضرب الأصول الايرانية”. وأضاف أنه بالنسبة الى ايران، فإن “نفوذها الاقليمي وسيطرتها في البلاد أمر ضروري ونفوذ طهران مترسخ بعمق في سوريا، حيث أصبح نظام الأسد فعلياً دولة عميلة. وعلى النقيض من لبنان، تمتلك إيران قوات على الأرض في سوريا، بالاضافة إلى مجموعة من القوات التي تسيطر عليها بالوكالة”. وتابع: ان سوريا هي أيضاً “محور” طرق الإمداد الاقليمية الايرانية التي تربط إيران والعراق ولبنان. وخلص ليستر إلى القول: “إذا كانت هناك جبهة لا يمكن للإيرانيين المخاطرة بخسارتها، فهي الجبهة السورية”.

زيادة التصعيد

وسطرت قراءة لـ “تشاتام هاوس” تصعيداً واضحاً على مدى العقد الماضي، بين إيران وإسرائيل في سوريا. ومع تطور الحرب في سوريا، واعتماد دمشق بصورة متزايدة على طهران للحصول على الدعم، نمت بصمة إيران في سوريا وأخذت إسرائيل علماً بذلك. وحاولت إسرائيل في البداية الحد من إمدادات “الأسلحة التي يتم توجيهها عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان”. وردت إيران بزيادة وجودها داخل سوريا ومحاولة إنتاج أسلحة محلياً.

كما يقال إن إيران تستخدم المنشآت العسكرية السورية لإنتاج مسيرات وأسلحة أخرى لوكلائها، ويتم تصدير بعضها إلى “حزب الله” في لبنان بينما يتم نقل البعض الآخر إلى نظام الأسد لمحاربة قوات المعارضة في شمال غرب سوريا. ومع تزايد الوجود الإيراني في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة، تحولت إسرائيل إلى نهجها الحالي: “استهداف المنشآت الإيرانية بصورة مباشرة… والقضاء على قادة إيران وهذا خروج كبير عن قواعد الاشتباك التقليدية”، التي كانت تعتبر في السابق “حزب الله” وغيره من القوات الوكيلة أهدافاً رئيسية لاسرائيل.

ويعد التصعيد الأخير من إسرائيل في الأراضي السورية غير مسبوق. ومع احتدام الصراع بين طهران وتل أبيب، تظل سوريا ساحة رئيسية، لأن ما يحدث بين الخصمين هناك ينطوي على آثار خطيرة على المنطقة عموماً. حسب ليستر، “منع الحروب من التصاعد أصعب بكثير من حروب الظل، التي عادة ما يكون لها أنواع كثيرة من الخطوط الحمر غير المعلنة”. ولكن مع تجاوز هذه الخطوط الحمر، يصبح مسار الصراع بالوكالة غامضاً بالكامل.

وفي الوقت الحالي، تم تجنب الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران. وإذا قرر الطرفان الاستمرار في تهدئة التوترات، “سيعود الوضع الراهن في سوريا، وهو ليس هادئاً للغاية”. ومع ذلك، فإن شبح جولة جديدة من التصعيد لا يزال قائماً. ويفسر هذا التحول “استعداد إسرائيل المتزايد لإيقاع عدد أكبر من الضحايا، وضرب مستودعات ذخيرة أكبر، وحتى ضرب منشآت مشتركة مع النظام السوري”. وأضاف: “ان ذلك قد يعني أيضاً زيادة أخرى في استهداف المنازل الآمنة للحرس الثوري الايراني في المناطق الحضرية، حيث يحتفظ فيلق القدس بوجوده”.

شارك المقال