ممانعة موحدة ومعارضة مشتتة… والقارب واحد!

صلاح تقي الدين

وحده فريق الممانعة موحد وعلى الأقل حول ثوابت يعتبرها من ضروريات وجوده وفي مقدمها مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لا “يطعنه في ظهره”، في حين أن فريق المعارضة مشتّت ومنقسم، أعضاؤه يجتمعون حول معارضة “حزب الله” وسلاحه، ويختلفون على كثير من الضروريات التي يجب أن تكون منطلق تجمعهم وفي مقدمها انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.

لم تأتِ نتائج الانتخابات النيابية الماضية بما تشتهيه سفن المعارضين لـ”حزب الله” وسلاحه فلم يحصلوا على أكثرية مريحة، كما لم تلبِّ طموح الثنائي الشيعي المتماسك بالتوسع نحو “الطوائف” الأخرى لكي يتمكن من تشكيل فريق يحظى بأكثرية تساعده على فرض إرادته وطريقة حكم البلاد دستورياً وقانونياً، كما لم تفرز فريقاً “تغييرياً” يمكن الاعتماد عليه ليكون قاطرة التغيير المنشود في البلاد.

وعندما جاء الفرج برحيل العهد القوي دخلت البلاد في خضم فراغ لا يزال ممتداً منذ ثمانية عشر شهراً ونيف ولم يتمكن السادة المشرّعون من الاجتماع تحت قبة البرلمان للقيام بواجبهم في انتخاب رئيس جديد، ذلك أن الانقسام الذي كان واضحاً ولا يزال، هو داخل فريق المعارضة المشتت وليس ضمن فريق الممانعة الموحد حول ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، ولو أن الخلاف بين أركان الممانعة تمثل في انفراد “التيار الوطني الحر” بقيادة النائب جبران باسيل بمخالفة توجهات الفريق الممانع وذهب نحو “التقاطع” مع فريق المعارضة حول اسم الوزير السابق جهاد أزعور، من دون أن يعطي المعارضين الأكثرية المطلوبة ومن دون أن يؤثر على عدد النواب الذين يلتقون مع الممانعة حول اسم فرنجية.

ويعتقد كثيرون من المتابعين أن تركيبة المجلس النيابي الحالي لن تتيح انعقاده وانتخاب رئيس وعلى هذا الأساس يتصرف السادة النواب المعارضون كما لو أنهم غير معنيين، وبدافع حفظ ماء الوجه يطلقون تصاريح في أوقات مختلفة حول ضرورة انعقاد المجلس لانتخاب رئيس ويلقون اللوم على الرئيس نبيه بري بأنه يمنع هذا الأمر كونه المعني الأول بتوجيه الدعوة للمجلس إلى الانعقاد.

وشرط المعارضين هو أن تكون جلسات المجلس مفتوحة إلى أن يتم انتخاب رئيس، وقد يكون هذا الأمر ولو اختلفت حوله الآراء الدستورية محقاً، لكن بري دعا النواب مراراً وتكراراً إلى الحوار والتوافق قبل التوجه إلى جلسة انتخابية، ورفض الدعوة من يتهمه بإقفال أبواب المجلس.

لبنان هو بلد التوافق والتسويات باعتراف جميع أركانه السياسيين، لكن هذه الصفة بالنسبة الى فريق المعارضة لا تسقط على انتخابات ديموقراطية، لذا “فلينعقد المجلس وليفز من يفوز” كما قال أحد أركان المعارضة لموقع “لبنان الكبير”.

وأضاف: “يجب على اللعبة الديموقراطية أن تأخذ مداها، والديموقراطية تعني ربحاً وخسارة في صناديق الاقتراع، وفي صندوقة انتخاب الرئيس أيضاً، فلماذا لا نذهب الى ممارسة ديموقراطيتنا التي لطالما تغنينا بها؟”.

غير أن العبرة ليست في فوز أحد المرشحين مهما يكن اسم هذا المرشح وانتماؤه السياسي، فالمسألة هي في قدرته على ممارسة الحكم ولدينا في هذا الصدد مثال حديث وهو فوز الرئيس ميشال عون بالرئاسة في العام 2016، لكنه لطالما ردّد عند سؤاله عن الانجازات التي حققها في عهده “ما خلّونا” في إشارة إلى عدم قدرته على ممارسة الحكم كون معارضيه كانوا يتحكمون بمفاصل اللعبة الديموقراطية.

لكن على الفريقين الممانع والمعارض أن يتذكرا أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وهذا نص واضح في الدستور الذي يشكل سقف الممارسة السياسية، وأن جميع اللبنانيين في مركب واحد وهو يغرق، والكارثة ستحل على الجميع، وهي حلّت ولم تستثنِ أحداً، فما خسره اللبنانيون من أموال في المصارف لم يكن على فريق منهم دون الآخر، وعدم القدرة على الاستشفاء وشراء الدواء ليست على الممانعين دون المعارضين، والوجود السوري كابوس على جميع اللبنانيين، والأطماع الاسرائيلية ليست مخفية والحرب الدائرة جنوباً تنعكس على اللبنانيين جميعاً وكل المشكلات الأخرى التي لا يمكن أن تحلّ ما لم يتفق السياسيون على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية ويبدأ ذلك بالحوار والتوافق.

لعل الصورة المعبّرة جداً والتي تحمل تفسيرات مختلفة ونشرها الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على صفحته على موقع “أكس”، تحمل في طياتها رسالة موجهة إلى جميع القوى السياسية: عندما يسقط الهيكل لن يستثني أحداً.

شارك المقال