مفتي طرابلس لـ”لبنان الكبير”: لسنا مكان الدولة

إسراء ديب
إسراء ديب

تشهد مدينة طرابلس حالة من الغضب الشعبيّ والفوضى الأمنية في معظم المناطق والأحياء الشعبية التي أعلنت عجزها عن تحمّل أزمة انقطاع التيار الكهربائي المستمرّة، وأزمة انقطاع المازوت التي تُؤثر بدورها في تقنين المولّدات الكهربائية، ما دفع الكثير من أبناء المدينة إلى قطع الطرقات والبقاء في الشوارع مع قرع الطبول وإطلاق الرصاص العشوائي مساءً، احتجاجًا على الأوضاع المزرية التي تعصف بهم.

ولا يُخفي أبناء هذه المدينة التي تُعاني الأمرّين منذ سنوات طويلة، غضبهم من الطبقة الحاكمة التي يصفونها بالفاسدة بدءًا من رأس الهرم وصولًا إلى أصغر موظف فيها. كما باتوا يعبّرون عن عتبهم ولومهم وغضبهم من رجال الدين، متسائلين عبر كلّ منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر التلفاز أو أيّ بث مباشر، عن دور دار الفتوى والمشايخ في طرابلس والشمال، ومعتبرين أنّهم تخلّوا عن مسؤولياتهم وخدماتهم التي يُمكنهم تقديمها لأبناء مدينتهم.

وبعد تكرار السؤال عن سبب غياب رجال الدين عن الصورة في المدينة، وبعد إصدار دار الفتوى في طرابلس والشمال فتوى تُعلن فيها أنّ إطلاق الرصاص في الهواء محرّم شرعًا ولا يجوز، تواصل ” لبنان الكبير” مع مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام للحديث عن هذه الفتوى وعن الأزمات التي يُواجهها شبان طرابلس مؤخرًا، فضلًا عن دور رجال الدين ودار الفتوى في مواجهتها.

إمام: أسلوبنا مختلف

يعتبر الشيخ محمّد إمام أنّ الصورة عن المشايخ ودار الفتوى من قبل بعض الشبان فيها الكثير من المبالغة، ويوضح: “الشباب يتأمّلون في أيّ شيء لمساعدتهم، لكن من دون وجود أي تصوّر صحيح ودقيق منهم عن دور وأداء دار الفتوى، إذ يعتقد الكثير منهم أنّ دور دار الفتوى أن تحلّ مكان الدّولة”.

ويُضيف:” دور دار الفتوى هو ديني، توجيهي، واجتماعي أكثر على قدر الإمكانات، وما يصل إلى أيدينا نقدّمه للآخرين، فنحن لدينا مثلًا صندوق الزكاة في الدار موجود في كلّ المناطق والمحافظات الشمالية، وهو يقوم بدوره بشكلٍ يسدّ ثغرة ما إغاثية أو صحية. وخلال الفترة السابقة، وصلتنا حصص غذائية وتم توزيعها على المحتاجين، والمشايخ في كلّ المناطق وفي كل المساجد يقومون بمساعدتنا عبر تسجيل الأسماء والمعلومات الاجتماعية لتوزيع الحصص بين الناس وفق نموذج موحد”.

ويُؤكّد إمام تواصله مع جهات مختلفة من الشبان المحتجين شمالًا: “تبيّن أنّ هدفهم هو قيام المشايخ ودار الفتوى بالنزول إلى التظاهرات أيّ أنّ الأسلوب بين الجهتين مختلف، فهم يتمتعون بحرية كاملة في تحرّكاتهم، أما نحن فنملك أسلوبًا مختلفًا نساهم من خلاله في المساعدة، فمنذ أسبوع تقريبًا شكّلنا في دار الفتوى مجلس فعاليات طرابلس، أيّ يضمّ مختلف الفعاليات في المدينة من مطارنة، نقابات، بلدية، مجتمع مدني، واقتصاديين وغيرهم. واجتمعنا في مسجد الوفاء وقمنا بزيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ثمّ وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر للحديث عن مسألة الطاقة وأزمة المازوت وتأثيرها في المدينة وأهلها”.

ولفت المفتي إلى الرغبة في متابعة هذا الملف ليشهد ولو بعض التحسن، معتبرًا أنّه يُعاني مثلما يُعاني كلّ أبناء المدينة بسبب الاشتراكات الكهربائية وانقطاعها منذ يومين.

إطلاق الرصاص محرّم شرعًا

بعد سقوط إصابات وقتلى شمالًا مؤخرًا بسبب إطلاق الرصاص العشوائي في الهواء، أصدرت دار الفتوى في طرابلس والشمال فتوى لتحريم هذا الفعل، ويُوضّح إمام: “أنّ إطلاق الرصاص الذي أصدرنا فتوى بتحريمه يهدر الأموال، لا فائدة منه ولا يُجدي نفعًا أبدًا، فيه أذى للآخرين، فضلًا عن كونه يُروّع ويُخيف الناس، لهذه الأسباب حرّمنا عملية إطلاق الرصاص لأنّها لا تجوز شرعًا”.

ويُضيف: “دار الفتوى أصدرت هذه الفتوى من صميم الشرع ويجب القيام بمساعدة الدار والالتزام بتنفيذ هذه الوصايا الدينية للحدّ من هذه الظاهرة التي لا بدّ من التعاون المشترك للحدّ منها، لأنّنا جميعًا نعاني وفي خندق واحد، وأنّ الحلّ الوحيد يكمن في ضرورة حث السياسيين على القيام بدورهم الصحيح”.

وكان قد صدر عن دار الفتوى في طرابلس والشمال فتوى جاء فيها: “لقد انتشرت ظاهرة إطلاق الرصاص في الهواء في المناسبات المختلفة للتعبير عن الفرح أو الحزن أو الغضب، ويقوم بعض الناس باستعمال السلاح وإطلاق النار في الهواء غير مقدّرين الخطر والضرر المترتب على هذا العمل. إنّ دار الفتوى في طرابلس والشمال تُؤكّد وتُعلن أنّ إطلاق الرصاص في الهواء محرّم شرعًا، ولا يجوز، وهو مخالف لأحكام الله تعالى ورسوله، وفاعله آثم ومرتكب للمعصية، وكلّ ما ينتج عن هذا العمل من قتل إنسان أو جرحه أو إضرار بالممتلكات أو ترويع للناس يتحمل إثمه ومسؤوليته عند الله كلّ من أطلق الرصاص في حينه ووقته. لذلك تُشدّد دار الفتوى على عدم جواز استخدام السلاح وإطلاق النار في الهواء لأدلة كثيرة من القرآن والسنّة تُحرّم هذا العمل وتنهى عنه، وفّق الله الجميع إلى الصواب وتجنّب الوقوع في الإثم والعدوان”.

شارك المقال