اقتراب وقف إطلاق النار؟

زاهر أبو حمدة

دخلت عوامل ضاغطة في المشهد تدفع نحو التوصل الى وقف مؤقت أو دائم لاطلاق النار في غزة والاقليم. ما يحصل في 40 جامعة أميركية من تحركات أشبه بالتمرد ويجعل إدارة جو بايدن تُكثف ضغطها لا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية. هذه الاحتجاجات تتوسع نجو الجامعات الأوروبية والعربية، لذلك سيكون الانصات إلى مطالب المتظاهرين أولوية للحكومات.

أما العامل الثاني، فهو الرعب في دولة الاحتلال بحيث أن المحكمة الجنائية الدولية تعتزم إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين كبار في إسرائيل ومن بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي. ومن المحتمل أن يُتهم المسؤولون الاسرائيليون بمنع إيصال المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة، والقيام بردٍّ شديد القسوة على هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول الماضي. ووفق “نيويورك تايمز”، فمن المرجح أن يُنظَر إلى أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة في معظم أنحاء العالم على أنها “توبيخ أخلاقي مهين”.

وسبق أن أكد المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أن فريقه يحقق في حوادث وقعت خلال الحرب. وقالت هيئة البث الرسمية الاسرائيلية: “إن حكومة إسرائيل تدرس بقلق احتمال إصدار المحكمة مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، والمسؤولين الاسرائيليين”. وفي السياق، ذكر موقع “والا” الاسرائيلي أن “نتنياهو تحت ضغط غير عادي بشأن احتمال صدور مذكرة الاعتقال، وهو ما سيكون بمثابة تدهور واسع في مكانة إسرائيل الدولية”. وأضاف: “نتنياهو يقود حملة متواصلة لمنع صدور مذكرة الاعتقال، مع التركيز خصوصاً على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن”.

وفي العامل الثالث، دخلت مصر بقوة من دون قطر على خط الوساطة لا سيما في ما يتعلق بهجوم الاحتلال المحتمل على رفح. وهذه المرة وصفت “حماس” العرض الجديد بـ”الجدي”، وكذلك خرجت أصوات إسرائيلية وازنة تؤكد تراجع الاحتلال عن شروط مهمة أبرزها القبول بالانسحاب من خط نتساريم الفاصل بين شمال غزة وجنوبها، والسماح بعودة النازحين من الجنوب الى الشمال مع ادخال المساعدات بصورة منتظمة ومكثفة. ويشير مصدر في “حماس”، الى أن “الحركة تدرس العرض المقدم ويمكن أن تقبل به ولو جزئياً، وأن محاولات رمي الكرة في الملعب الفلسطيني واتهام المقاومة بأنها تعرقل الاتفاق ستفشل”.

ماذا في العرض؟

يرجح أن تفرج المقاومة عما يقرب من 40 أسيراً إسرائيلياً من فئات النساء ومجندات ومسنين ومصابين ومزدوجي الجنسية. أما مدة الهدنة أو وقف إطلاق النار فتُحدد لاحقاً. وتطالب “حماس” بإطلاق 50 أسيراً فلسطينياً مقابل كل مجندة إسرائيلية، و30 أسيراً مقابل كل أسير مدني يفرج عنه. ووفقاً للمبادرة المصرية يتعهد الاحتلال بوقف الاستعدادات كافة للهجوم على رفح. أما البند الثاني فيتضمن إطلاق جميع الأسرى الاسرائيليين على مرحلتين بفاصل زمني مدته 10 أسابيع. ويشمل البند الثالث وقفاً كاملاً لإطلاق النار لمدة عام، مع التزام الاحتلال و”حماس” بعدم إطلاق النار أو استخدام الأسلحة أرضاً أو جواً. وسيعلن خلال وقف إطلاق النار عن بدء تنفيذ مراحل إقامة الدولة الفلسطينية.

ماذا يعوق الاتفاق؟

يمكن أن يعوق أي اتفاق عدم تنفيذه من الاحتلال، أو التنصل من بعض بنوده، إضافة إلى الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى، أو رفض الاحتلال إدراج بعض أسماء الأسرى الفلسطينيين في قائمة المفرج عنهم. أما المعضلة الأساسية فستكون داخل المجلس الوزاري الاسرائيلي حيث أعلن الوزير بيني غانتس رفضه للمبادرة المصرية، إلى جانب الوزير بتسلئيل سموتريتش الذي رفضها كلياً وأكد أنه “في حال لم تكن هناك عملية برية في رفح فلن تكون هنا حكومة ائتلافية”، ملوحاً بالخروج من الائتلاف الحكومي.

وعلى الرغم من الفجوات لعقد اتفاق، وأهمها المطالبة بإنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من كل قطاع غزة، يمكن أن ينجح الضغط الكبير من الأطراف الاقليمية والدولية في وقف العدوان بصفة مؤقتة. لكن الأخطر أن الألغام كثيرة في رؤية الأطراف لليوم التالي للحرب، لذلك ستكون هدنة هشة ليعود العدوان من جديد.

شارك المقال