ارتدادات عرقلة “جلسة المرفأ” تطاول التشكيل الحكومي

رواند بو ضرغم

يوم أعلن “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” مقاطعتهما جلسة النظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ، أصر رئيس المجلس النيابي نبيه بري على انعقاد الجلسة، وقال: أنتم لا تدرون ماذا تفعلون! وهو حقا كذلك.. فلو شك الثنائي المسيحي “برأسهم ريش”، لن ينصاع الرئيس بري لمطلبهما، ولن يدعو الى جلسة لرفع الحصانات عن النواب، فليس على توقيت جبران باسيل أو سمير جعجع يفتح بري أبواب المجلس، وليس نزولاً عند إرادتهما يغلق بري أبوابه، فإن أسلوب الفرض على رئيس المجلس لم ولن يفلح، وكان الأجدى بهما أن يشاركا في الجلسة ويحجبا أصوات كتلتيهما عن الاتهام بدلاً من المقاطعة، فلو فعلوا لما كان للرئيس بري من حجة لعدم التجاوب مع دعوتيهما وتحديد موعد لجلسة رفع الحصانات.

فخطوة “التيار” و”القوات” بالدعوة الى مقاطعة الجلسة، رآها رئيس المجلس محاولة منهما لاختصار الرئاسة الثانية بكتلتيهما، وأن يحُلا مكان المجلس النيابي بالانقضاض على تسيير عمله والسيطرة على قراره، وهذا أمر لا يقبله الرئيس بري ولا يرتضيه. لذلك فإن المقاطعة الشعبوية وامتناع التكتلين المسيحيين عن التصويت سلباً أم ايجاباً، قطعت الطريق أمام إمكانية أي دعوة لجلسة تخصص لرفع الحصانات، نكاية بإرادة هذين التكتلين ونهجهما السلطوي.

ولكن ليس فقط الثنائي المسيحي من خذل الرئيس بري، إنما أيضا وبالدرجة الأولى رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، يليه رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري..

عتب بري على حليفيه الحريري وجنبلاط كبير جداً ولكنه لا يرتقي الى منزلة القطيعة، فالحريري لم يقف الى جانب المجلس النيابي وأرسل أربعة نواب فقط الى الجلسة، على الرغم من أن الاتهام يطال موقع الرئاسة الثالثة بالادعاء على الرئيس حسان دياب وما يُحكى عن الادعاء على الرئيس تمام سلام في لائحة القاضي طارق بيطار الثانية، أما جنبلاط فلم يرد لبري الجميل قتاله لعدم تحويل قضية قبرشمون على المجلس العدلي، فانقاد وراء مخاوفه من الغضب الشعبي متخطياً الآليات الدستورية واحترامها.

كتلة “اللقاء الديمقراطي” كان موقفها معلنا بالمقاطعة، أما كتلة “المستقبل” فكانت قد وقعت على عريضة الاتهام. ويتوافق الرئيس الحريري مع الرئيس بري على أن هذه الجلسة دستورية وصحيحة، وكان التنسيق قائما بينهما قبل الجلسة، وجرى الاتفاق على حضور ١٥ نائباً من المستقبل للمساهمة بتأمين النصاب، لم يحضر منهم سوى أربعة نواب، وهذا ما يطرح تساؤلات: هل لم يعد الحريري يمون على أعضاء كتلته؟ أم انه انسجم مع الشعبوية قبيل الانتخابات؟ أم أنه يخاف الناس على أنقاض ما تبقى من دستور ومؤسسات؟ كلها أسئلة يمكن أن تكون ظالمة بحق الحريري وخصوصا أنه صارع من أجل إحقاق الحق في تحقيقات المرفأ وتوفير المساواة ومساءلة الجميع من رئيس الجمهورية حتى أصغر موظف له علاقة بالمرفأ، ولكن كيف يُفسر غياب النائبين سمير الجسر وهادي حبيش عن الجلسة؟ فإن الجسر كان المدافع الشرس عن دستورية العريضة الاتهامية، وحبيش كان المسوّق لقانون تعليق الدستور لرفع الحصانات عن الجميع…ٍ وهل انكفأ النائب هادي حبيش الى طائفته وخاف من اتهامه بالتفريط في حقوق المسيحيين؟ أم ان موقفه يعد انقلابا على “المستقبل” وتمهيداً لتغيير تحالفاته في عكار؟

كل هذا الانقسام الطائفي والسياسي في ملف تحقيقات المرفأ، سينعكس سلباً على كافة الاستحقاقات بدءاً من تأليف الحكومة. فما ساهم به باسيل من تطيير لجلسة الاتهام النيابية، لن يستطيع أن يفرضه رئيس الجمهورية ميشال عون على الحقائب الشيعية، وعليه لن يتراجع بري عن تسمية يوسف خليل للمالية. واصطف “حزب الله” الى جانب حليفه بري، وإلى جانب كل من حضر جلسة مجلس النواب، وخلافاً لكل الأجواء الحكومية الإيجابية السائدة، فالحكومة لن تولد الأسبوع المقبل، والتوزيعة الطائفية التي توصل إليها الرئيسان عون وميقاتي تراها المصادر المطلعة “خنفشارية” و”ما رح تمشي”.

شارك المقال