الجنوبيون يحتجون على الذل

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

مع موجة الاحتجاجات على ذل المحطات وانقطاع المازوت والغلاء المتصاعد بسبب رفع الدعم عن المحروقات لتصبح على سعر السوق وتقاذف التهم والمسؤوليات بين أصحاب القرار وعدم التوصل إلى اتفاق في ما بينهم، انفجر الشارع اللبناني، وكان لافتا أن الجنوب في قلب التحركات الاحتجاجية على هذا القرار الذي يصيب الناس في حياتهم المعيشية بموجب ارتفاعها تلقائياً بحجة تحليق أسعار البنزين والمازوت وفلتان الدولار، حيث قطعت الطرقات وتجمع الأهالي في الساحات.

الجنوبيون المحتجون كان رأيهم أن الازمة لها حل بسيط وقف التهريب وضبط الحدود وعدم التعاون مع النظام السوري المعاقب دولياً بقانون سيزر والذي يتم الالتفاف عليه بفضل حاكم بعبدا اللبناني الذي يسهل أمور شريكه السوري لعل وعسى يضمن رضا الأسد وتبني حزب الله لجبران باسيل رئيساً مقبلاً.

ويعتبر ناشطون جنوبيون أن تحركات الأهالي جاءت بعد أن “كفروا بعيشتهم”، وكان من الطبيعي التعبير عن الحالة المعيشية التي تتفاقم وتزيد على الناس صعوبات العيش في وقت يتنعم البعض بالمازوت والبنزين ويعيش فوق مستوى البشر لأنه ينتمي للحزب المقدس أو لميليشيا الحليف في تركيبة الثنائي.

ويشير هؤلاء إلى أن “كثيراً من الأشخاص من البيئة المؤيدة لحزب الله لا ترضى عن الأوضاع وفي أول أيام الثورة نزلت إلى الشارع وشاركت المنتفضين، إلا أن الحزب كان يعتقد أن كل القصة يومين ثلاثة وتنتهي الفورة وحاول استغلال الشارع مع جبران باسيل حتى يقطفوا ما جرى ويقلبوا الطاولة كما صرحوا قبل فترة، لكن حساباتهم باءت بالفشل ولم يتوقعوا أن الشارع سيهب هذه الهبة وأول من طالت صرخات المنتفضين حزب الله ورئيس الجمهورية وجبران باسيل”.

وبرأي هؤلاء أن “حزب الله تراجع وعمم على بيئته عدم المشاركة، لكن كثيراً من الناس والشباب لم يقتنعوا وبقوا في الشارع”.

لاحقا، كما يشرح الناشط احمد إسماعيل لــ “لبنان الكبير”: “بدأت حملة الضغط عليهم والترهيب وبدأوا بتشويه الانتفاضة واتهامها بالتمويل من الخارج وان من يديرها جماعة السفارات وخونوا النشطاء في الجنوب، وعندما لم يفلحوا في إخمادها لجأوا إلى الهجوم المباشر عبر غزوات على ساحات الانتفاضة في النبطية وسحق الناس، وزرع الخوف، ما أدى إلى انسحاب الكثير من الشباب المحسوب على بيئة حزب الله خوفاً من تخوينهم ومحاربتهم في مصالحهم خاصة حين نشروا صور نشطاء على أنهم عملاء سفارات وخونة”.

ويقول إن “رحلة حزب الله بدأت عندها، عبر التخطيط عملياً لإنهاء الانتفاضة عن طريق مجموعات ومكونات بدأت تكون صلات معها على أن لا مشكلة معهم بل مع افراد ومجموعات في الساحات من المتعاملين مع السفارات والخونة وضد المقاومة وزرعوا الفتنة بين الثوار وخاصة هناك قابلية سياسية لدى هؤلاء الشباب كونهم في الأصل يتبنون خطابهم السياسي الممانع”.

ويفيد “حصلت إشكالات مع هذه المكونات ممن تولوا الدفاع عن حزب الله وهو خطا خطواته باتجاه تلك الأفراد والمجموعات، ناهيك على أن الحزب ارسل إلى هذه الساحات بعد ذلك أفراداً ومجموعات خاصة من بعد الهجوم على الساحة تابعة لنجاح واكيم وجميل السيد واتباع جريدة “الأخبار” وحاولوا تنصيبها في موقع مسؤولية ساحة النبطية لأجل تفريغها من الناشطين والشباب الحقيقيين الذين أطلقوا الشرارات الأولى لانتفاضة النبطية وصور ومدن وقرى الجنوب ونجحوا كثيراً في الامر”.

ويتابع: “بعدها منعوا “بوسطة الثورة” من إكمال طريقها إلى صور والنبطية وأوكلوا المهمة لأفراد ومجموعات موجودة داخل هذه الساحات وأحدثوا الانشقاقات والخلافات والمشكلات على هذه القضية وأصبح الجو الإعلامي التابع لهم مضاداً لهدف بوسطة الثورة القادمة من عكار واتهموا منسقيها بالعملاء”.

ويشرح انه “بعد استقالة الرئيس سعد الحريري وقدوم حكومة حسان دياب أعطوا الفرصة لها من قبل المجموعات السلطوية وكأن الهدف لديهم كان إسقاط الحريري فقط لا غير وعند تسمية دياب فكوا اعتصامهم وعادوا لبيوتهم ينتظرون، وهنا حصل انقسام واضح بين من يريد الاستمرار ومن يريد الانكفاء لأجل دياب، ما تسبب بترهل وحصل احتكاك وبرز أشخاص مرتبطون بأجهزة وتابعون للسلطة يخرقون الساحات ويتولون أمرها والهدف شل الحراك والنشاط وضرب الشباب الثوري المتحمس من فعل مبادرات على الأرض”.

ويوضح “يمكن القول لقد أصبح الفرز الواضح بين الثوار وبين من يريد تحييد حزب الله عن المنظومة ومن يريد تحميله المسؤولية الكبيرة. وحول هذه النقطة تفرق الثوار واصبحت الأجندات واضحة واصبح الموضوع سياسياً وليس لقمة العيش هي الأزمة فقط “.

أما اليوم فيبدو أن اهتراء الأوضاع ووصولها إلى خبز الناس ومعاناتهم من انقطاع المحروقات وعدم اهتمام من نصب نفسه وكيلاً عنهم، وأن عصابات التهريب تتبع هذا أو ذاك من المسؤولين والناطقين والملتجئين على حساب الأهالي الذين صمدوا ودعموا وصدقوا مقولات كاذبة تتردد لمصادرة الرأي وقمع الناس يتاجرون بلقمة العيش، فالغلاء يتزايد ولا يترك مجالاً إلا لإطلاق صرخة الجوع في الشارع ضد الجميع.

شارك المقال