استهجنت فعاليات طرابلسيّة الاحتفالية الرسمية التي أعلنت طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024، إذْ واجهت هذه الفعالية مجموعة انتقادات “لاذعة”، يُؤكّد مطلقوها أنّها لا تستهدف تشويه صورة المدينة، بل لتعزيز الجهود المبذولة من أجلها، خصوصاً وأنّ طرابلس “المنكوبة” مالياً، سياسياً وثقافياً، يُخشى عليها من خسران لقبها “بثماره”، كما خسرت لقبها الذي اختارته لها المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، كعاصمة للثقافة الاسلامية عن المنطقة العربية في العام 2013، بحيث خُصّصت لها الخطط المطلوبة، لكنّها واجهت استحقاقات المعارك العسكرية فيها والتي أدّت إلى قرار “التأجيل”، مع الاحتفاظ بحقّها في “الاحتفال في عامٍ لاحق” لم يحن موعده بعد.
وتُوضح الفعاليات لـ “لبنان الكبير” ثغرات عدّة لم تُؤخذ في الاعتبار في احتفالية المدينة بلقبها المنتظر منذ العام 2015، وتُؤكّد أنّ سوء التنظيم والأخطاء البروتوكولية كانا من أبرزها، “فهناك من اعتقد أنّ التنظيم كان جيّداً، لكن بعد تدخلات (كما يُروّج) حصلت تعديلات، دفعت ببعض الوجوه الى الجلوس في الصف الثاني، فيما جلس النقباء، أعضاء المجلس البلديّ، والقضاة في الصفوف الخلفية، وجلس رئيس البلدية رياض يمق في آخر الصف الثاني”.
وتتطرّق الفعاليات الى برنامج الحفل الذي لم يُوزّع على الحاضرين، ولم يتضمّن تصوّراً للخطط المقبلة خلال الأشهر الستة المقبلة قبْيل نهاية العام، معتبرة أنّه “غنائي” وغير رسميّ، خصوصاً حين بدأ بعرض أغنيتيْن ثمّ بالحفل، “وتصيّدت” أخطاءً لمستشار وزير الثقافة وعريف الحفل شوقي ساسين الذي غفل عن فقرة “التوأمة” بين مدينتي طرابلس والقدس ليُذكّره بها الوزير محمّد وسام المرتضى علناً، فتعرّض لانتقادات مرتبطة بأدائه في الحفل الذي شاركت فيه بعض الفرق الموسيقية والفنانين من خارج المدينة، (كفنانة من صور وأخرى من بزعون، وفرقة من الجزائر غنّت في آخر الحفل، مع العلم أنّه لا بدّ من تكريمها بتقديمها وسط الحفل)، ما عدا “كورال الفيحاء” الذي أصرّ المايسترو بركيف تسلاكيان على الغناء بالأرمنية ضمن طرابلس “العربية” وبحضور السفراء العرب، فيما تجاهل الحاضرون الفنان الطرابلسي وليد توفيق في الحفل، صاحب أغنية طرابلسية بعنوان: “أرض النور”، وسمعت أغان غير مرتبطة بالمدينة والمناسبة.
وعن الأفلام، تُشير الفعاليات إلى أنّها ضعيفة إخراجياً وتصويرياً، “ومنها ما التُقط بجودة ضعيفة أو قديمة”، مع انتقادها توزيع كُتيّب “ضعيف” من حيث الإخراج ونشر باللغة العربية فقط، ما يعوق التعرّف إلى المدينة.
وتتحدّث الفعاليات عن الستارة التي أزيحت عن لوحة “اعتقدنا أنّها تذكارية، واكتشفنا أنّها لوحة تتضمّن خبر ترميم القاعة في عهد الرئيس (نجيب) ميقاتي، بجهود المرتضى، بالتعاون مع وزير الاقتصاد أمين سلام، وباسم المهندس داني بو صالح، مع العلم أنّ القاعة تمّ ترميمها مسبقاً وزُيّنت منذ عامين، لكنّهم فرشوا موكيت ووضعوا بوسترات كتب عليها طرابلس عاصمة الثقافة من دون العربية بإخراج ضعيف، وبالتالي إن هذا الاعلان دفع بالمصوّرين إلى التوجه بكاميراتهم فجأة إلى العمود الجانبيّ الذي وضعت عليه لوحة التأهيل، وعند عودتهم مسرعين لتصوير تقديم الدروع، عمّت الفوضى واضطروا الى وضع كاميراتهم بوجه السفراء”.
وبتفاصيل “التوأمة” أيّ “مفاجأة” الاحتفالية، تُضيف الفعاليات: “إنّها كانت طلباً من الوزير للمجلس البلديّ لاتخاذ القرار الذي أجري بموجب قرارات سابقة اتُخذت وطلبت إعلان التوأمة العرفية والحكمية مع القدس منعاً لتهويدها وللاعتراف بها كعاصمة فلسطين، ولكن هذه الحركة لا تُقطف من الوزير وحده، فوقّع التوأمة الحاصلة أساساً بين المدينتين، مع وزير الثقافة الفلسطينيّ عماد حمدان ممثلاً بالسفير أشرف دبور، وطلب وجود رئيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) محمّد ولد أعمر وميقاتي، ولم يدع رئيس البلدية الذي غادر بعد هذه الحركة التي استبعدته كما استبعدت البلدية من كلّ الكلمات الانشائية والتي نحمد الله أنّها شكرت صاحب الفضل بالإتيان بهذا اللقب وهو المدير العام السابق لوزارة الثقافة فيصل طالب”.
الاحتفالية التي لم تُشارك فيها شخصيات أساسية وشمالية، كالمدير العام لـ”الثقافة” علي الصمد، والمدير العام للآثار سركيس خوري بموجب خلافات مع الوزير كما يتردّد، تلفت معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ وزير الثقافة فوجئ بعدم توجيه دعوات لشخصيات مهمّة إليها، ما دفعه إلى توجيهه الدّعوة مباشرة لها.
إلى ذلك، أثيرت أقاويل تناولتها هذه الفعاليات من “جهات مسؤولة”، وتشير إلى أنّ “ألكسو” خصّصت مبلغ “مليون ونصف المليون دولار لإقامة الاحتفالية، مع أنّ الوزير المرتضى كان لفت إلى أنّ المبلغ لا يتجاوز الـ 50 ألفاً لتنظيمها، فيما تردّد أنّ عملية رفع الأعلام على المداخل كلّفت 70 ألف دولار، أيّ أكثر من المبلغ المرصود من المنظمة”، لكن يُؤكّد مصدر خبير في هذا الملف أنّ “ألكسو” لا تُقدّم معونات مالية بالمعنى الدقيق، موضحاً لـ”لبنان الكبير” أنّها تُقدّم معونات استشارية، فنية وتقنية، “وقد تكون هناك استثناءات لظروف معيّنة لا ندرك تفاصيلها، لكنّ الوزير المرتضى بذل جهوداً مضنية خلال أشهر، مع العلم أنّ التحضيرات تحتاج الى سنوات، ولجان بأعداد أقلّ ترفع الإنتاجية، وخططٍ يُوفر فيها الدّعم المالي لتنفيذ مشاريع ثقافية تُعزّز الواقع الثقافي وترفع نسبة المهتمين به برؤية تأثيرية وتنموية تخلق فضاء ثقافياً يتمّ تدشينه خلال الاحتفالية، فمخزون طرابلس المادّي وغير المادّي والذي لا نجده في أيّة مدينة أخرى، يستحقّ (على الأقلّ) تأسيس متحف وطني في مدينة تُلقّب بأنّها متحف في الهواء الطلق للنهوض بها، ومخطئ من يرى أنّ الاحتفالية هي أمسية شعرية وتوقيع كتب، بل هي تأسيس للمرحلة المقبلة، لذلك يأتي الاحتفال تحت سقف التوقعات، على الرّغم من تقديرنا للظروف”.