أغضبت المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي في رفح المخيّمات الفلسطينية شمالاً، إذْ لم يتخطَّ اللاجئون الفلسطينيون المشاهد الدّامية التي نُشرت عن غزة منذ ثمانية أشهر بلا توقّف، لتكتمل الرؤية الدّموية التي يعتمدها الكيان في رفح حالياً عند ارتكابه المزيد من جرائم الحرب المصنّفة عالمياً بـ”الابادة”، ما دفعهم إلى تسجيل موقف صارم يُنصف حملة المقاطعة، ويدعم حملة إسناد غزة مع إعلان الناشطين عن حملة تمنع إدخال منتجات شركة “بيبسيكو” وغيرها من الشركات الدّاعمة للكيان إلى المخيّمات الفلسطينية محلّياً.
وتقوم شركة “بيبسيكو” الأميركية والمتعدّدة الجنسيات بصناعة الأغذية والمشروبات المختلفة، لتسويقها وتوزيع علاماتها التجارية للعالم، وأبرز منتجاتها تشمل: “بيبسي”، “سفن آب”، “ميراندا”، “لايز”، “تشيتوز”، “دوريتوس”، “تروبيكانا”، “ماونتن ديو”، ومياه “أكوافينا” وغيرها من المنتجات التي تُنتج موادها الأساسية من داخل الكيان، وتعدّ مرفوضة حالياً بصورة “قاطعة” في مخيّمات اللاجئين الذين يجدون أنّ المقاطعة تبقى السبيل الوحيد الذي يدعمون من خلاله غزة ورفح أخيراً.
وبعد حملة تظاهرات وتبرّعات جُمعت مسبقاً دعماً لغزّة، تسعى المخيّمات الفلسطينية شمالاً إلى الحدّ من “تمادي” بعض التجار في توزيع المنتجات المقاطعة في المخيّمات، حيث انتقد الكثير من اللاجئين والمواطنين في الفترة الأخيرة، كيفية شراء واستثمار المصنوعات الدّاعمة للكيان في المخيّمات، في وقتٍ كان أعلن فيه بعض المحال التجارية فيها عدم استقباله لأيّ منتج لا يدعم القضية الفلسطينية منذ بداية الحرب، لكن في ظلّ استمرار العدوان وتماديه في فلسطين، أعلن ناشطون في نهر البارد حراكاً فلسطينياً بعنوان: “زاد الحدّ وطفح الكيل” يمنع دخول المنتجات إلى المخيّمات تشجيعاً لمقاطعتها “بالإكراه” المطلوب هذه المرّة.
وفي تسجيلات صوتية وأخبار عدّة، تمكّن الناشطون في المخيّم (الذي يُعاني من الدمار وذاق مرارة النزوح عقب معركة 2007)، من تعميم هذه المقاطعة على المخيّمات ومنها مخيّم البدّاوي، حيث انتشر عدد كبير من الشبان على شارعه العام، لمنع أيّة شاحنة أو “بيك آب” لأيّ شركة داعمة لاسرائيل من الدّخول إليه، بحيث “سيتمّ التشهير بها وبكلّ من يُغطّيها من التجار”، وفق ما يقول الناشطون.
وفي بيان مشترك أطلق من نهر البارد، دان الناشطون جشع التجار الذين “يقبلون المال الحرام”. وجاء في البيان: “شركة بيبسي غير مسموح لها الدخول إلى المخيمّ، وفي حال دخول شاحناتها، سيتمّ حجزها وإتلاف ما فيها… إذا كان التجار في المخيم بلا ضمير وأصحاب جشع يقبلون بالمال الحرام، فنحن لن نسمح لهم بدعم المجازر بحقّ أهلنا في غزة، وسنبدأ من بيبسي، وسوف نكمل حتّى يكون المخيم كلّه خالياً من أوساخ الشركات التي تدعم الكيان المجرم، وقد أعذر من أنذر”.
وفي التفاصيل، يُشدّد أمين سرّ الفصائل الفلسطينية في منطقة الشمال ومسؤول العلاقات السياسية في حركة “فتح” فرحان عبدو المعروف بـ “أبو فراس نعاري” على صحّة هذه الحملة وصدقها، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “بعد الابادة التي تعرّض لها شعبنا في غزة ورفح من قتل وحرق للأطفال، للرجال، للنساء وللشيوخ بصواريخ أميركية على الخيم التي ليس فيها أحد، كان ردّ الفعل من أهلنا في المخيّمات شمالاً وفي نهر البارد تحديداً يقضي بمقاطعة المنتجات الأميركية منها البيبسي ومنعها من الدخول إلى مخيّماتنا”.
ويُضيف: “مع عملية المقاطعة، هناك حملة توعية في المدارس، دور الأطفال، والمساجد يُشارك فيها المشايخ وبعض المتطوّعين لتوعية النّاس حول أهمّية المقاطعة التي نُفذت عند مدخل البضائع في المخيّم، وذلك بموافقة اتُخذت من الفصائل واللجان الشعبية، ما يُشير إلى وجود إجماع جماهيري، شعبي وسياسي، على الوقوف إلى جانب أهلنا، مع العلم أنّ المقاطعة بدأت مع بداية الحرب، لكنّها كانت طوعية لمن أراد، ولكنّ القرار اليوم حازم بشدّة بعد الاعتداءات التي تطالنا وتطال كلّ حرّ في منطقتنا العربية وتُسهم فيها شركات تُقدّم الأموال للكيان”. ويتمنى من الدّولة اللبنانية إصدار موقفها الرسميّ الدّاعم للمقاطعة لتُشكّل الحملة فاعلية أكبر.
ويؤكد “أننا منذ مجزرة كفر قاسم مروراً بمجزرة قانا في لبنان ووصولاً الى المجازر المرتكبة حالياً، نناضل نصرة لأهلنا وقضيتنا، فهذه المذابح ضدّ المدنيين ليست بغريبة عليهم، واليوم لسنا عاجزين، بل مؤمنون بأحقّيتنا في أرضنا واستعادة وطننا وبحقّ العودة، وكلّ هذه الحقوق ندفع ثمنها جميعاً، لأنّ الأوطان لا تُشترى بالمال بل تُصان بالشهادة، وهذا ما يقوم به شعبنا، وفلسطين تستحقّ”.
مصدر من مخيّم البداوي يلفت إلى أنّ المقاطعة قائمة في المخيّم، مؤكّداً في حديث لـ “لبنان الكبير” أنّ منع دخول الشاحنات إلى المخيّم ليس بجديد، بل حصل سابقاً، لكن عموماً، “إنّ نسبة بيع هذه المنتجات كانت ضئيلة جداً مع المقاطعة، وبسبب تدخل التجار وجشعهم، كانت تدخل هذه المنتجات شهرياً على خلاف الواقع قبل الحرب بحيث كانت تدخل يومياً، فيما تلجأ الناس منذ اندلاع الحرب إلى شراء المنتجات الوطنية أو السورية وتُقاطع أكثر من 70 منتجاً”.