حين يلتقي “المستقبل” و”القوات”: ارحل عون

رواند بو ضرغم

في الرابع من آب المشؤوم، دُمرت بيروت واستشهد أهلها، فوجد رئيس الجمهورية ميشال عون أن “رُبّ ضارة نافعة”، يومها قالها أمام الصحافيين بثقة المنتصر على دول حاصرت لبنان وعزلته في عهده، فعادت وتداعت لمساعدة أهله المنكوبين… أما اليوم وبعد كارثة الخامس عشر من آب، فما وجد رئيس الجمهورية بأهل عكار المحرومة إلا جماعات متشددة تنشط لخلق الفوضى والفلتان الأمني… وإذا كان في موقف رئيس البلاد “الكحل”، فإن في موقف صهره “العمى”، حيث اعتبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن “عكار صارت وكأنها خارج الدولة بسبب عصابات المحروقات، ويجب إعلانها منطقة عسكرية حمايةً لأمنها ولكل أهلها.”. 

استنكر الرئيس سعد الحريري الكلام العوني، رئاسةً وتياراً، مثبتاً أن عكار ليست قندهار، وليست خارج الدولة، لا بل مظلومة من رئيس البلاد الذي بات رئيس التيار العوني، ومن عهده.. وتوجه الى عون قائلاً: “ارحل الآن واحفظ لآخرتك بعض الكرامة لأنك لن تجد قريباً سفارة تؤويك وطائرة تنقلك فوق أجنحة الهروب من لعنة التاريخ“.

وعلى رغم التباينات الشاسعة بينهما، تلاقى الحريري مع رئيس حزب القوات سمير جعجع على مطلب “رحيل عون”، واعتبر جعجع أن ‏استمرار مكوث رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية بمراكزهم بعد كل الذي حصل يعدّ إمعاناً في قتل الشعب اللبناني.. فهل من مشهد سياسي جديد يجمع الحلفاء والخصوم في وجه عهد جهنم؟ 

معلومات موقع “لبنان الكبير” تؤكد أنه بعد الانهيار الاقتصادي وكلام حاكم مصرف لبنان والتهريب المستمر والانهيارات المتتالية، وفي ظل عدم إمكانية تأليف حكومة وفق المبادرة الفرنسية وشروطها، باتت المواجهة مفتوحة وقابلة للتصعيد في الأيام المقبلة، وتقول مصادر قيادية إنه لا شك أن الدعوة لاستقالة عون لا تزال خجولة، إنما يجري التحضير لها بهدف التصعيد، والتواصل مستمر بين قيادات الصف الثاني من القوات والاشتراكي والمستقبل لتنسيق الخطوات السياسية المقبلة في وجه عون، ومن الممكن أن تتوسع حلقة التنسيق لتشمل حركة أمل والمردة وغيرها من القوى، أما البطريركية فتغض النظر عن الهجوم على عون لأنه لم يتجاوب مع البطريرك الراعي ودعواته المتكررة بتسهيل التأليف لتسيير شؤون البلاد واجتثاث الأزمات وتخفيف الاحتقان… 

مصادر قيادية أخرى تستبعد أن يقبل الموارنة إسقاط رئيس الجمهورية، وترجح أن تبقى الدعوة على مستوى المطالبة باستقالته. كما أنه على الرغم من فقدان الكيمياء بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري والتوتر المستمر بينهما، إلا أن الرئيس بري لا يتحالف مع جعجع ولن ينسى له مقاطعته لجلسة مجلس النواب وشعبويته في قضية انفجار المرفأ على حساب التزام الدستور.. 

وحتى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سيبقى مهادناً رئيس الجمهورية، وهو متخوف من مشهد الانقسام الطائفي الذي بدأ يطل من عكار، ولن ينجر إلى السجال السياسي مع العهد وخصوصاً أننا في خضم استحقاق تأليف الحكومة.. حيث ترى المصادر المطلعة على التأليف أن المشهد المتأزم، وحصول كارثة عكار بعد كارثة المرفأ يجب أن يكون عاملاً مسرعاً للتأليف وليس العكس، ويدرس رئيس الجمهورية إمكانية التنازل عن حقيبة الشؤون الاجتماعية لمصلحة جنبلاط من جديد إرضاء له، وهذا ما يفسر استمرار جنبلاط في مهادنة عون.. فتصبح التوزيعة الطائفية الأولية على الشكل الآتي: 

عون: الخارجية، الدفاع، العدل، الطاقة، و(الشؤون الاجتماعية أو التربية) بانتظار قرار عون في الساعات المقبلة، وغيرها من الحقائب العادية 

الثنائي الشيعي: المالية، الأشغال، الزراعة والعمل وحقيبة عادية (إما الثقافة أو التنمية الإدارية).

ميقاتي: الداخلية، الصحة وغيرهما من الحقائب العادية

المردة: الاتصالات والسياحة 

الإشتراكي: التربية أو الشؤون الاجتماعية (إذا قرر عون التنازل عنها)

الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يعتبر أن الأمور تتجه بالمسار الصحيح، وتقول المصادر إن رئيس الجمهورية وافق على اسم يوسف خليل للمالية بعد أن كان قد رفضه بحجة أنه اليد اليمنى لرياض سلامة وسيعرقل التدقيق الجنائي. أما كل الايجابيات بولادة الحكومة فمبنية على حجم الضغينة التي يكنها رئيس الجمهورية للرئيس سعد الحريري، فيقدم التنازلات للرئيس ميقاتي نكاية بالحريري ويؤلف حكومة.. فهل سيفعل ويؤلف؟!

شارك المقال