“استراتيجية صبر بري” جعلت من خصومه يقفون بالصف على باب عين التينة، بعد أن شنوا عليه هجوماً سياسياً وأرسوا تقاطعاً وهمياً واتهموه بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وخلقِ أعرافٍ جديدة لتقويض الدور المسيحي، الا أنهم عادوا اليه للتشاور معه بانفتاح وللوقوف عند تصوره الحواري. إذ لم يبرد بعد المقعد الذي جلس عليه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمام الرئيس نبيه بري حتى شغله سريعاً موفد “الكتائب اللبنانية”، ضاربين عرض الحائط بالسجال الحاصل بين رئيس “القوات” ورئيس المجلس، وتقول المصادر لموقع “لبنان الكبير”: تبيّن أن الكتائب “فاتحة ع حسابها” وتغرّد خارج سرب “القوات” والمعارضة، والتحقت بباسيل الى عين التينة.
الا أن فكرة الحوار “بمن حضر” ساقطة، ولن يدعو رئيس مجلس النواب الى الحوار طالما أنه أُفرغ من مضمونه برفض المعارضة المشاركة فيه.
هو ليس توجه صاحب الدعوة وحسب، إنما أيضاً هي رغبة “اللقاء الديموقراطي” الذي يفضّل ألا يكون الحوار منقوصاً، لأن حواراً “بمن حضر”، كما يسعى اليه باسيل، يعني ترسيخ الانقسامات وتعميق السجالات وتغليب فريق على آخر. ووفق وجهة نظر “اللقاء الديموقراطي” فإن مقاطعة “القوات” للحوار ستنسحب على “الكتائب اللبنانية” وميشال معوض وغيرهم من قوى المعارضة بفعل المزايدات المسيحية، بينما تقتضي المصلحة الوطنية حواراً جامعاً لا يعزل أحداً، والا سيكون حواراً من لون واحد، بعيداً كل البعد عن التوافق والتفاهم الوطني، ولن يوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية حتى بجلسات مفتوحة ودورات متتالية، إذ إن حواراً “بمن حضر” يرسخ الانقسام ما بين معارضة وموالاة. ومن هذا الباب، لن يشارك “اللقاء الديموقراطي” في حوار غير متوازن وغير جامع.
من جهة أخرى، لافتة كانت زيارة “الكتائب” الى عين التينة، إذ علم موقع “لبنان الكبير” أن موفديها استفسروا من الرئيس بري عن الحوار وطبيعته وآليته، بالاضافة الى الهدف منه ونتائجه الرئاسية، الا أنهم لم يعطوا أي جواب عن مشاركتهم في الحوار وموقفهم من مقاطعة “القوات” له.
لم يقدّم ولم يؤخر حراك باسيل في التوازنات البرلمانية، ولم يصدّقه أحد ممن التقاه أنه وسطي، ويستطرد البعض بالقول إنه هو لا يصدق نفسه وسطياً ومستقلاً، لا بل على الرغم من موقع الاختلاف الرئاسي، حافظ “الحليف وحليف الحليف” على لياقة الحلف السياسي والاستراتيجي، ولم يقاطعه الثنائي الشيعي في حين رفض من تقاطع معه على اسم رئاسي استقباله في معراب، على اعتبار اللاثقة التي تحكم علاقة جعجع بباسيل، إذ لو وافق “حزب الله” معه على إلغاء مرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، لما تظاهر باسيل بالوسطية، ولما وقف على الوجدان المسيحي الذي تمثله “القوات”. ويعلم سمير جعجع أن تشجيع باسيل لحوار بمن حضر يقصد منه عزل “القوات”، وهذا ما رفضه “الاشتراكي” ولم يكن ليُقبل عند الرئيس بري.