إستغرب مراقبون انتشار لافتات ضخمة تدعم وزير الدّاخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي في شوارع شماليّة عدّة، أيّ بدءاً من نفق شكّا مروراً بأوتوستراد القلمون وصولاً إلى طرابلس، بحيث لم يعرف أيّ مراقب للشأن العام سبب رفع هذه الصور في هذه الفترة تحديداً وهوّية من يرفعها، خصوصاً وأنّها لم تُنشر باسم شخصية معيّنة أو تيّار سياسيّ معلن، أو باسم جمعية كما جرت العادة، بل جاءت بتوقيع أهالي عكّار والشمال.
وبشعار “تحيّة لعدالة معالي وزير الدّاخلية…”، رفعت هذه اللافتات التي أثارت إعجاب مصادر أمنية شمالية عدّة، ويرى أحدها أنّ هذه اللفتة المثيرة للجدل شمالاً، ستكون “مقدّمة” لخطوات إيجابية سياسياً وأمنياً. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “قد لا يعلم الوزير شخصياً هوّية من رفع هذا الشعار له بالقرب من منزله عند دوّار المئتيْن، أو بالقرب من سرايا طرابلس وغيرهما من الأماكن الشمالية، لكنّ الأمر يحظى بأهمّية أمنية، خصوصاً في زحمة الصور الأخرى من جهة، ونظراً الى الاجراءات الأمنية المتخذة شمالاً، والتي قد يربطها البعض بإسهام الوزير في إزالة المخالفات والتعدّيات التي لاقت استحساناً وراحة شعبية كبيرة أكثر من الانتقادات من جهة ثانية. ولا يخفى على أحد أنّ عملية إزالة التجاوزات لا تتعلّق بالوزير مولوي، بل ترتبط بمخابرات الجيش تحديداً، أمّا قانونياً، فهي تعود الى المحافظ بصورة رئيسية، لأنه من يُقرّر إزالة التعدّيات بالتنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنية والمعنية بهذا الملف”.
وإذْ يعتبر أنّ عملية تعليق الصور شمالاً باتت اعتيادية، يُؤكّد أنّ نشرها في هذا التوقيت “الحساس”، يلفت إلى تبدّلات سياسيّة ستشهدها البلاد بالتزامن مع تغيّرات الخريطة الاقليمية، “وهو ما تُدركه القوى السياسية محلّياً وخارجياً جيّداً، وتُثبته الوقائع بمختلف الزيارات التي تحصل شمالاً، لا سيما في طرابلس وعكّار بعد زيارة رجل الأعمال بهاء الحريري للجهتيْن، وفي وقتٍ تغيب فيه القيادات السنيّة الضامنة عن الصورة، خصوصاً بعد تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسيّ حالياً. من هنا، طفت وجوه سياسية عدّة إلى السطح لتلفت إلى المعالم الجديدة، وقد تُسجّل إخفاقاً، لكنّ الوزير الطرابلسيّ وكأيّ وزير، لن يكون بعيداً عنها، فكما يكون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي موجوداً ضمن المعركة ويتدخّل في بعض تفاصيل مدينته كاهتمامه بالبلدية أخيراً لإثبات حضوره ومرجعيته، سيكون مولوي أيضاً”.
مصدر آخر، يُؤكّد لـ “لبنان الكبير” أنّ طموح الوزير مولوي الى ترؤس الحكومة لا يزال قائماً، وفي خضمّ الأزمات السياسية وغموض المشهد، “لا نستغرب أن يكون هو من نشر هذه اللافتات، فحسب خبرتي المهنية، إنّ أحد كبار الأمنيين سابقاً، كان نشر صوراً له في المدينة بمناسبة أمنية، ووُقعّت باسم إحدى الشخصيات التي لم تكن على دراية بهذا الأمر، ما دفع الأمنيّ إلى الاتصال بها للاعتذار منها حينها… فهذه أساليب ترويجية تُستخدم لتلميع صورة أو لتقديم أوراق الاعتماد للحكومة الجديدة أو لخضوع معركة التوزير فيها، فالوزير لن يعود كقاضٍ كما يرغب البعض، بل سيُكمل هذه المسيرة التي يُؤكّد أنّ غايتها خدمة النّاس”.
وفي وقتٍ لم ينتبه فيه الكثير من الطرابلسيين إلى هذه اللافتات التي وُضع بعضها إلى جانب صور الرئيس سعد الحريري، لا يُبدي أبناء المدينة رفضاً لنشر صور الوزير حالياً، بقدر ما أبدوا امتعاضهم من شكر الوزير على “العدالة”، وهو ما أكّدته الفعاليات الشعبية التي تستغرب في حديثٍ لـ “لبنان الكبير” من “هذا المصطلح، فالوزير لم يقم بزيارة المسجونين الاسلاميين مرّة ولم يحلّ هذه الأزمة التي تمّ تناقلها بين وزير وآخر، كما لم يُقرّ أيّ قرار يُنصف أهالي المدينة، ونوجّه أكثر من علامة استفهام حول من ينشر هذا الكلام في هذا التوقيت، ولا ننكر أنّ الوزير يجتهد في أمور وطنية عامّة، لكنّه لم ينخرط في أمور طرابلسية إلّا ببعض القرارات التي لم تُنفذ بالصورة المطلوبة”.
إلى ذلك، يُشير مصدر من عكّار إلى أنّ “الصور التي يُقال إنّها قُدّمت من أبناء عكّار للوزير، غير موجودة فيها أساساً”. ويقول: “قد يكون أحد التّجار الذي فرح بالحملات الأمنية الأخيرة واستفاد منها مَن وضع هذه الصور نصرة للوزير، لكن بعد الرّصد ننفي وجودها في محافظتنا”.