fbpx

“سرايا المقاومة” ودورها في استراتيجية “الحزب”

خالد العزي
خالد العزي
تابعنا على الواتساب

لقد أعاد “حزب الله” اسم تشكيل ما يسمى “سرايا المقاومة اللبنانية” الى الواجهة مجدداَ، بعد إعلان هذا التشكيل عن تنفيذ عملية عسكرية الأسبوع الماضي في مزارع شبعا تحت اسم “مجموعة الشهيدين عبد العال”. بالمناسبة فإن “الشهيدين عبد العال” هما من أعضاء التشكيل ومن أهل كفرشوبا سكان مزرعة حلتا واستشهدا في بداية حرب المشاغلة الأخيرة أثناء قصف القرية. وهذه العملية الأولى لـ “السرايا” منذ اندلاع ما يسمى مواجهات “طوفان الأقصى”، والاعلان جاء بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لحرب تموز في العام 2006، بحيث استعان “حزب الله” بهذا التشكيل أثناء القتال والانضمام الى المواجهة.

والجدير ذكره أن “حزب هذه السرايا” دخل لأول مرة في المواجهة الحالية بعد تسعة شهور من اندلاعها في لبنان، ولا سيما أن الحزب يصرّ على أن لبنان جبهة إسناد لغزة وإرباك للعدو. لكن الجديد هو أن عملية “السرايا” جرت في منطقة شبعا التي تعتبر – وقرى العرقوب – ذات أغلبية سكانية سنيّة، ما يعني أنّ الحزب قد سعى بالتفتيش الجدي الى اختراق البيئة السنيّة وتوريطها، فـ “السرايا” هي بدائل سريعة للجماعات الاسلامية السنية ويعمل على تورط هذه البيئة في هذا المستنقع.

لقد وجد هذا الحزب العنصر السني الذي سيؤمن غطاء مهماً له وفي استمرارية حربه التي يقودها ضد العدو الصهيوني، وبذلك يظهر بأنه ينصر أهل السنة في فلسطين وغزة، وما وجود أهل السنة في المعركة الا دليلاً على تأكيد العدو المشترك والذي يمكنه تغيير الصورة النمطية أمام الرأي العام العربي والسني الذي يعتبر “حزب الله” حزباً شيعياً مذهبياً، لكن فلسطين سنية وهو ينتصر لأهل السنّة فيها من دون الحاجة الى الربط بأن “حماس” التي تخوض الحرب في غزّة هي جناح مرتبط بولاية الفقيه وذراع من الأذرع الايرانية. فمشاركة السنة المتواضعة هي التعاطف مع القضية والشعب، وبهذه الحرب يمكن جر الطائفة الى المواجهة القادمة في لبنان على الصعيد الخارجي مع العدو بل على الصعيد الداخلي مع الآخرين.

ولكن لا بد من القول إن تحريك “حزب الله” حزب “السرايا” جاء بعد ضعف تأثير “الجماعة  الاسلامية” في الحرب المستمرة، وداخل المناطق السنيّة في الشريط الفاصل مع فلسطين وخصوصاً بعد تلقيها عدة ضربات موجعة من العدو الصهيوني أدّت الى تسجيل أعداد من الشهداء لم يكن على بنود المواجهة، فـ “الجماعة” غير مجهزة عدداً وعدة من الناحية التدريبية واللوجيستية لخوض مثل هذه الحرب، اضافة الى العديد من النصائح التي قدمت اليها بأن هذه الحرب لن تأتي لمصلحتها ومصلحة فلسطين ولبنان وليس لمصلحة أهل السنة والجماعة، بل هي لمصلحة إيرانية محض.

تعتبر العرقوب منطقة استراتيجية مهمة للمواجهة مع إسرائيل، ولا تزال تحمل نقاطاً خلافية معها، لم تُحلّ بعد والمفترض حلها بالتسوية القادمة، والقائمة على ترسيم الحدود ونقاط خلافية أخرى بالاضافة الى الطبيعة الجغرافية والديموغرافية التي يعوّل الحزب على إثبات وجوده فيها من خلال استقدام مجموعات لبنانية وفلسطينية سنيّة للإمساك بها بكل قوة وتأثير في مناخ المنطقة السكنية من ناحية والابتعاد عن المواجهة أمام السكان والدولة و”اليونيفيل” من ناحية أخرى، والادعاء بأنّ هذه المجموعات من المنطقة ومن أهل السنة الذين يؤمنون لها الحماية والغطاء، وأما المسؤولية فتقع على الدولة في ضبطها.

لذلك، يريد الحزب أن يكون فعله في هذه المنطقة بإعطاء شرعية لمواجهته من خلال الحاضنة الشعبية السنية من جهة وإشراك مجموعات سنية في المعركة من جهة أخرى.

وهذا العمل يؤكدّ أحقية مطالبة الحزب في مقاومته للاحتلال بتحرير الأراضي المحتلة في كل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا السنية والغجر، وتفعيل دوره المسلح من خلال اعطائه الدور الأساسي في عملية ترسيم الحدود البرية القادمة، كما حدث في الحدود البرية لكي يكون صاحب الانتصار القادم في التسوية التي يعمل على انضاجها المجتمع الدولي.

ولكن هنا يجب العودة الى مراحل تشكيل حزب “السرايا” اللبنانية في العام 1997 من “حزب الله” الذي كان يهدف في الأساس الى توسيع دائرة المقاومة ضد اسرائيل حتى تشمل مختلف الطوائف اللبنانية ما يعزز صورته في الداخل اللبناني ويبعد الصفة المذهبية التي تتهمه بأنه كجهة يحتكر ما يسمى المقاومة لنفسه وحزبه، بل يرى أنّ هذا التشكيل يفتح المجال للجميع للمشاركة في المقاومة تحت اشرافه على الرغم من أن هذا الحزب يعطي لهذا التشكيل صفة مستقلة عن تنظيمه وهياكله، فبهذا التشكيل المسلح يُسمح له باختراق البيئات اللبنانية الأخرى التي عمل عليها لعدة سنوات من خلال استحضار حزب “السرايا”.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه أمام الجميع: هل تنجح “السرايا” في اختراق البيئات اللبنانية التي وضع الحزب مهمة لها وهي اختراق المكونات اللبنانية؟
من المؤكد أنّ هذه الاخترقات من “سرايا المقاومة” لن تنجح، لأنها كتبت السيرة الذاتية لها بنفسها، وقد رسمتها وطبعتها على جبينها بالخط الأسود منذ تشكيلها عن طريق أعمالها وممارساتها ونوعية المنتمين اليها بحيث أظهرت صورة غير ناصعة البياض عنها لدى اللبناني، وأصبحت هذه “السرايا” فيما بعد عبئاً ثقيلاً على الحزب المذكور.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال