يُطبخ ملف رئاسة الأركان على نار هادئة، وخصوصاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يغادر بيروت، متوجهاً الى باريس وسيستتبع الزيارة بإجازة عائلية، إذ إن غيابه قد يمتد لأسبوعين تقريباً.
في مقابل توقيع وزير الدفاع موريس سليم على مرسوم اللواء حسان عودة، تقول مصادر سياسية رفيعة لموقع “لبنان الكبير” إن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يضغط لكي يقبض ثمن التوقيع باتفاق سياسي، يطلق من خلاله يد القاضية غادة عون من جديد. ويطمح باسيل الى أن يكون الاتفاق السياسي رباعياً (بري – ميقاتي – جنبلاط – باسيل) بمباركة من “حزب الله”، وقوامه التعيينات وتسوية أوضاع على مبدأ “٦ و٦ مكرر”، بحيث يتضمن “الديل” توقيع مرسوم اللواء حسان عودة وتعيينات قوى الأمن الداخلي وتسوية أوضاع القاضية غادة عون القانونية. غير أن كل ما سبق لا إشكالية عليه، باستثناء القاضية عون ومستقبلها القضائي، ويبقى مصيرها على طاولة البحث السياسي من غير وضوح في الرؤية ولا أي التزامات.
في لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الرئيس ميقاتي السبت الماضي، فوّضه باتباع الحل الحكومي المناسب لأزمة الأركان، وإن اقتضى الحل تجاوز توقيع وزير الدفاع وإصدار قرار حكومي يثبّت اللواء عودة رئيساً للأركان، ولكنه في الوقت نفسه يحاول في الوقت الراهن وفي ظل الأوضاع الأمنية المتوترة ألا يستفز باسيل، على الرغم من أنه مقتنع بأن الأخير يمكن أن يوقع على مرسوم رئيس الأركان ولكن من المستحيل أن يدعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئاسياً… الا أن عدم الاستفزاز في هذا الوقت العصيب يؤدي الى تخفيض سقف السجالات السياسية ولا يحرف الأنظار عن الوضع الميداني في جنوب لبنان والحفاظ على الوحدة الوطنية قدر المستطاع.
وفي لقاء الرئيس ميقاتي مع وزير الدفاع الاثنين، كانت الأجواء إيجابية، وحاول رئيس الحكومة ألا يستفز سليم، وبحث معه في مخارج وحلول ترضي شتى الأطراف وتحافظ على صلاحياته كوزير معني.
وتقول المصادر إن من المستبعد أن يمضي الرئيس ميقاتي في تثبيت رئاسة الأركان بقرار حكومي وفق الدراسة التي أعدها القاضي محمود مكية، الأمين العام لمجلس الوزراء، لأن أسهل الحلول في حال استمرار تعنّت سليم ومرجعيته السياسية باسيل، هو رمي الطابة الى مجلس النواب بالتمديد لقائد الجيش جوزيف عون سنة إضافية، تماماً كما حصل في التمديد الأول.. والمزاج السياسي الداخلي والخارجي لا يزال على حاله بعدم التفريط بالمؤسسة العسكرية وعدم إفراغ القيادة حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا.
أما لقاء الرئيس بري مع رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط يوم الأحد، فكان طبقه رئاسة الأركان، إذ يصر جنبلاط على الموقع العسكري الدرزي وتسوية وضعه لكي يتسلم مهامه وفقاً لقانون المؤسسة العسكرية. ووفق مصادر مطلعة على موقف عين التينة، فإن الرئيس بري يقيس هذا الاستحقاق بواقعية وبميزان التوازنات، ويقع تحت ضغط جنبلاط من جهة، وعدم تقدير باسيل لحراجة الوضع وسيئات عدم توقيع المرسوم، ويحاول عدم إدخال البلاد في مواجهات سياسية، كما حصل في جلسة التمديد الأولى. الا أن الوقت لا يزال متوافراً حتى كانون الثاني من العام المقبل، تاريخ نهاية ولاية قائد الجيش.