في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالجفاف وبعواقب التغير المناخي، تناول المحلل سكوت يونغر جفافاً من نوع آخر تعانيه معظم الدول، ويكاد يقطع الطريق أمام السلام العالمي، ألا وهو غياب العلاقات الودية بين الدول لصالح الأجندات المعادية.
وبحسب المقال الذي نشر على موقع “مودرن ديبلوماسي” (moderndiplomacy) الأوروبي، “اختتمت دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، بنجاح باهر بفضل المضيفين اليابانيين والإجراءات الاحترازية الجيدة، على الرغم من معاناة العالم من جائحة عالمية. ولا بد أن أي شخص أتيحت له فرصة مشاهدة الألعاب عبر شاشات التلفزة، قد أذهل بالروح الرياضية الرائعة والصداقة التي أظهرها المتنافسون من جميع الدول المشاركة، بغض النظر عن العرق والعرق. وهذا ما يدفع للتفكير والتساؤل حول العلاقات بين الدول. لماذا لا تستطيع دول العالم الإبقاء على الصداقة نفسها عند التعامل مع بعضها البعض بدلاً من المضي قدمًا بأجندات معادية.
جفاف في الصداقة وفائض من الديكتاتوريات
الحقيقة أن العالم يعاني وجود عدد من الدول المختلة بالإضافة إلى الديكتاتوريات القمعية حيث يتعرض السكان للتعذيب النفسي والجسدي. وقد تعد بيلاروسيا مثالاً نموذجياً، حيث منح زعيم البلاد نفسه ولاية أخرى وسحق أي معارضة ودفع البعض الثمن النهائي باهظاً (…) ويعدّ الشرق الأوسط مشكلة معقدة، وهو الذي يشكل منذ قرون موطنًا لبعض أقدم الحضارات والديانات التوحيدية المتباينة، ما يضيف عاملًا معقدًا بعد. ويثير هدوء المنطقة النسبي خلال الفترة الماضية البعض من الدهشة حتى التفجّر التالي.
ميانمار توحي بدورها ببعض الهدوء الظاهري. الدوريات العسكرية تجوب جميع أنحاء البلاد (…) وتسجل ممارسات سيئة لبعض العسكريين الذين يستمرون بممارسة القتل والاغتصاب والنهب، إن لم يكن التدمير الكامل للمجتمعات الصغيرة التي لا يمكن أن تقاوم. الفساد في ازدهار. وعلى الرغم من وعود الحكومة العسكرية بإجراء انتخابات جديدة في شباط المقبل، بعد ستة أشهر، من المستبعد أن تتمتع الانتخابات بالحرية والنزاهة. ومن المرشح أن تستمر الظروف المضطربة في قضية تحظى باهتمام مستمر لرابطة دول جنوب شرق آسيا وعلى نطاق أوسع.
(…) آخر التطورات في المنطقة، استيلاء طالبان على أفغانستان (…) بعد أن كانت الولايات المتحدة قد بسطت سلطتها على البلاد مع قوات الحلفاء (…) لكن طالبان عادت الآن بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نيته الانسحاب، وإتمام خلفه جو بايدن هذه المهمة، على عجل إلى حد ما، ما أزعج جميع الأميركيين تقريبًا، وأغضب أعضاء البرلمان، بالإضافة إلى شعور بالإحراج. ولا يمكننا إلا تذكر اقتباس أن “أفغانستان مقبرة للإمبراطوريات. حتى الإسكندر المقدوني بنفسه أدرك، منذ 2300 عام، أنه “من السهل دخول البلاد، لكن الخروج منها قد يكون قاتلاً”. هذا خصوصاً إذا كنت لا تحترم الحقائق المحلية. الواقع أن الوضع على الأرض فوضوي.
وباالتزامن، يترافق هرب الزعيم أشرف غني من الحكومة “القانونية” الضعيفة، مع الإشاعات حول أكياس مليئة بالنقود، وهذا أحد أسباب عدم تقدم البلاد كما ينبغي، أي الفساد المستشري. أضف إلى ذلك أن النساء خائفات حقاً من المجهول في ظل سجل طالبان الحافل بالمعاملة الوحشية. ومع ذلك، وعدت طالبان بمنح التحرر في إطار الشريعة الإسلامية.
وبالنظر إلى البلد ككل، لا شك بأن التوقعات حول المستقبل مثيرة للقلق، خصوصاً وأن طالبان تفتقر إلى سجل حافل في حكم بلد ما، ناهيك عن دولة معقدة مثل أفغانستان. وسيتعين على طالبان تعديل نهجها في الحياة بشكل كبير وفصل الدين عن (شؤون) الدولة. لكن، تطفو على السطح شكوك مرة أخرى حيث ينتشر تخوف من غرق البلاد في حرب أهلية. فهل سيرى الصينيون فرصة ويغامرون حيث فشل الآخرون؟
عند النظر إلى العقود القليلة الماضية، يبدو أن الديمقراطيات التي يقودها الغرب، لم تدخل بلداً يعاني من مشكلة، من دون أن تتعثر في الفهم الإنساني الكامل للمشكلات، ولم تسع إلى حل مستدام مناسب. ولا مفر من أن يستغرق الأمر وقتا أطول مما يعتقده المرء، ولا توجد ضمانات قوية بما فيه الكفاية لتجنب الخسائر المالية لمشاريع التنمية، والتي تكون كبيرة في بعض الأحيان. وتلعب الأمم المتحدة دورًا رئيسيًا، ولكن يجب على المرء أن يسأل عن ضرورة إعادة البلدان التي تشكل الأمم المتحدة النظر في إنصافها في تقديماتها وفي توقعاتها، وليس حصراً من الناحية المالية”.
المصدر: modern diplomacy