4 سنوات مرّت على حدث وصف بإنفجار العصر، هزّ بيروت وضواحيها وهدم أحياء ومناطق بأكملها وأودى بحياة أكثر من 200 شخص فضلاً عن آلاف الجرحى والمصابين والمهجرين، من دون أن يُعرف المُجرم الحقيقي نتيجة المماطلة في التحقيقات وتدخل السياسة في القضاء.
وإذا عدنا بالذاكرة الى 4 آب 2020 وما حصل حينها، فلم نرَ أي رئيس أو مسؤول نزل الى مكان الإنفجار لمعاينته سوى الرئيس سعد رفيق الحريري، مع العلم أنه لم يكن حينها رئيساً للحكومة، بل كان حسان دياب.
وبينما تغاضى المسؤولون عن مسوؤليتهم تجاه الشعب اللبناني، وخافوا من النزول الى الشارع في ظل ثورة 17 تشرين، توجه الحريري صباح اليوم التالي الى المرفأ لتفقد ما خلّفه الانفجار الرهيب، وتحدث الى الناس الموجوعين الذين كانوا هناك، وقال للاعلام: “قتلوا بيروت بالأمس”، أجل، قتلوها وقتلوا الأبرياء الذين لم ترتح أرواحهم بعد نتيجة البازارات الحاصلة في التحقيقات بهذا الملف حتى يومنا هذا.
وبقيَ الرئيس الحريري مصراً على مقولة “أنا إبن شهيد وبالنسبة لي الحقيقة مُقدسة”، وطالب بتحقيق دوليّ، لأنه يدرك تماماً ما يحصل في التحقيقات اذا لم تكن دولية، مع العلم أن دولاً أوروبية عديدة ساعدت في هذا الملف منذ اللحظة الأولى، ولكن الفرقاء السياسيين لم يوافقوا على التحقيق الدولي.
كان الحريري أول من سمّى المجرم في هذا الانفجار، وقالها بالفم الملآن من دون خوف أو تردد، في احدى المقابلات: “كان هناك 2750 طناً من النيترات، بحسب الفرنسيين والأميركان والروس وكل الجهات التي قامت بالفحص والمعاينة، لم يعد هناك سوى 500 طن فقط إنفجرت في مرفأ بيروت… سوريا ترمي النيترات على المواطنين السوريين المعارضين، هذا هو الحل لكل من يعارض النظام السوري”.
وتساءل يومها: “من أين أتت النتيرات، من قام بشرائها، وكيف وصلت الى بيروت؟ هناك نيترات وصلت وتفجرت في بيروت، هناك جيش، أمن عام، جمارك، أين هذه الأجهزة من المسؤولية؟ لو أنا رئيس حكومة لكنت أتيت بهم كلهم، ولو أنا رئيس لكنت قيّمت الدني وقعدتها”، مضيفاً: “برأيي يجب إتباع أين الأموال، واذا في فساد بالبور فولو ذا ماني”.
أجل، سمّى الجهة وحمّل سوريا المسؤولية، وأكد أنه اذا كان هناك فساد في المرفأ فيجب البحث عن المال، وأصرّ على تحميل المسؤولية لكل الأجهزة الموجودة في المرفأ.
ولم يقتصر تحركه على ذلك، بل كان أول من طالب بتعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تُعطي حصانة أو أصولاً خاصة بالمحاكمة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الوزراء، النواب، القضاة، الموظفين والمحامين.
ومع الأسف لم ترفع الحصانة عن الجميع، ولم نصل الى الحقيقة التي نطالب بها منذ أربع سنوات نتيجة تقاعس البعض، وقلة مسؤولية البعض الآخر وحساباته الضيقة، أما الرئيس الحريري فكان أول من كشفهم وسمّاهم في حين لم يجرؤ الآخرون على فعل هذا وإكتفوا بشعارات فضفاضة لا تقدم ولا تؤخر شيئاً في هذه القضية. فلو كان الرئيس الحريري موجوداً في السلطة لظل وراء هذا الملف للوصول الى نتيجة ترضي أرواح هؤلاء الأبطال الشهداء، خصوصاً وان فخامة الرئيس ميشال عون كان يعلم ولم يُحرك ساكناً في تلك الفترة.
وفي الذكرى الرابعة على هذه الجريمة، لأرواح الشهداء السلام، وللحريري ألف تحية، كم نحن بحاجة الى دولتك في حياتنا السياسية.