المرحلة المقبلة قاتمة… فوضى غير طائفية يصعب ضبطها

هيام طوق
هيام طوق

البلد يشتعل وأهله في نار تحرقهم كيفما تحركوا، والسلطة تضع يدها في ماء باردة وكأن كل ما يجري في مكان آخر وليس في بلد حوّلوه إلى شبه مزرعة، وشعب جرّدوه من أبسط مقومات حياته، فنجحوا بامتياز وبسرعة قياسية في العودة به إلى العصر الحجري على المستويات كافة.

كل ذلك يمكن أن يبتلعه اللبنانيون ويعضّون على جروحهم النازفة، لكن ما يعتبرونه خطاً أحمر هي الحرب الأهلية التي لن ينسوها على أمل أن لا تتكرر لأن تداعياتها لا تزال في النفوس والعقول والقلوب والوجدان، وهم اليوم يعيشون هاجس عودة تلك الأيام السوداء خصوصاً بعد الحوادث المتنقلة بين فنيدق وعكار العتيقة وبين مغدوشة وعنقون وغيرها. كما لا يمكن التقليل من أهمية الحوادث والإشكالات على محطات الوقود في مختلف المناطق حيث يتم استخدام السلاح بشكل عشوائي، والتي يتخوف الكثيرون من أن تتطور إلى ما لا تحمد عقباه أو تؤدي إلى انزلاق أمني، لأن النفوس على فوهة بركان على وشك الانفجار والذي ستطال شظاياه الجميع.

ويترافق ذلك مع تقارير دولية تحذّر من خطورة الوضع اللبناني. كما يتم التداول بتقارير تصل إلى مسؤولين أمنيين وُصِفت بشديدة الدقة والخطورة، لكن هل هذه المعلومات صحيحة أو مضلّلة بهدف خلق البلبلة والذعر؟ ومن يحاول اللعب على وتر الطائفية والعصبيات لإشعال نار الفتنة؟ وهل ظروف الحرب الأهلية متوافرة أو أن الناس تلقّوا درساً من التجربة المرة؟

أسئلة طرحها “لبنان الكبير” على العميدين المتقاعدين جورج نادر وخليل الحلو اللذين استبعدا حرباً أهلية، إلا أن المؤشرات تنذر بأن المرحلة المقبلة قاتمة، وستشهد فوضى اجتماعية ربما يحاول القادة السياسيون استغلالها لشد العصب الطائفي.

وفي هذا الإطار، نفت مصادر أمنية لـ”لبنان الكبير” صحة التقارير الأمنية التي تتحدث عن خطورة الوضع على الرغم من بعض المشاكل والاحتكاكات التي تحصل وهي إشكالات عفوية وغير منظمة أو محضّر لها ولا تتخذ طابعاً طائفياً أو مناطقياً، والقوى الأمنية تعمل بأقصى طاقاتها على ضبط الوضع بالسرعة المطلوبة، فنحن نعيش في بلد يعاني الكثير من المشاكل.

نادر: فوضى غير طائفية لا يمكن ضبطها

العميد المتقاعد جورج نادر ليس متخوفاً من حرب أهلية خصوصاً أن الناس أصبحوا أكثر وعياً “إنما هناك محاولة لشد العصب الطائفي من قبل القيادات التي أفلست، وهناك فريق واحد يملك السلاح، وبالتالي لا يمكن المقارنة بين ظروف اليوم وتلك التي كانت سائدة عام 1975، إذ إن أسباب وظروف الحرب الأهلية غير متوافرة حالياً، لكن سنشهد فوضى اجتماعية لا يمكن ضبطها ناتجة عن الحالة الاقتصادية واليأس. والفوضى لا صفة طائفية لها، لأن كل الناس موجوعة وتعبّر عن غضبها”.

ويتحدث عن خطورة الفوضى الاجتماعية والحوادث على المحطات التي ليس لها طابع طائفي، إنما ذلك يحدث بسبب فقدان هيبة القوات المسلحة، معتبراً أنه “ربما سنشهد فوضى أمنية ناتجة عن الوضع الاجتماعي، لكن ليست طائفية، مع العلم أن القيادات السياسية ربما تستغل هذه الفوضى لشد العصب الطائفي”.

وعما إذا كانت لديه معلومات عن تقارير تحذر من خطورة الوضع، يلفت نادر إلى أنه “لدي اعتقاد شخصي مبني على أمور أستنتجها من الواقع أن هناك انفجاراً أمنياً سيحصل، لكن متى وكيف لا ندري فالناس ستتمرد على كل شيء. وما نراه من حوادث متفرقة في المناطق عيّنة عما سيحصل بسبب انسداد أفق المستقبل من كل النواحي”.

الحلو: الوضع خطير جداً

يوافق العميد المتقاعد خليل الحلو العميد نادر استنتاجه بأنه لا توجد مخاطر حرب أهلية “لأنها تتطلب فريقين أو أكثر، وهناك طرف واحد لديه السلاح المنظم، والجيش لا يتعامل مع الحزب كحزب مسلح، وهذا ممكن أن يؤدي إلى التفكير بأمن ذاتي الذي نرفضه لأنه من المفروض على الجيش حماية الناس العزل”.

وبعد أن تحدث عن حادثتي مغدوشة وعكار، يشير الحلو إلى أن “القلة هي سبب الحوادث المتكررة”، منتقداً “القيمين على الأمن الذين يضبطون بسرعة الجرائم العادية، ويقصّرون تقصيراً فادحاً في المعرفة المسبقة للاشتباكات التي تحصل في هذه المنطقة أو تلك لأنه لا شيء عفوياً وابن ساعته، والقوى الأمنية يجب أن تطبق الأمن الاستباقي”.

ويعتبر الحلو أن “الواقع المرير والفقر والجوع وانقطاع الأدوية والمواد الأساسية، لا تحتاج إلى تقارير أمنية تتحدث عن خطورة المقبل من الأيام، لأنه ببساطة عندما يسود الفقر والجوع، يكون الفلتان الأمني متوقعاً. الوضع خطير وخطير جداً. وعندما تزداد القلّة سنشهد حوادث أمنية أكثر خطورة”، متسائلاً: “لماذا وصلنا إلى هنا؟ لأن هناك حزباً مسلحاً مهيمناً على البلد وبسبب وجود سلطة سياسية فاشلة وفاسدة. وعلى الرغم من كل ما يحصل، لا يسرعون في تأليف الحكومة كي تبدأ الإصلاحات لوقف التدهور. هنا المسؤولية كبيرة على السلطة السياسية”.

ويرى الحلو ختاماً أن “العصب الطائفي يشتد وحده في ظل غياب الدولة التي لا تفرض هيبتها وتعمل على تطبيق القوانين، والسياسيون يستفيدون من هذه الحالة”.

شارك المقال