إجتماع لنواب طرابلس في بيروت… هل يليق بمعاناة المدينة وأهلها؟

إسراء ديب
إسراء ديب

إعتقد الطرابلسيون لسنوات أن نواب مدينتهم قد غرقوا في نوم عميق، لا تُحركّهم أزمات ولا تُؤثّر فيهم ضربات متتالية انهالت على الفيحاء اجتماعيًا، اقتصاديًا وأمنيًا… ولكنّهم فوجئوا باجتماع عقده نواب طرابلس في بيروت.

لم يكن هذا الاجتماع الذي تناول التطوّرات الأمنية في طرابلس وجوارها كما مسألة الطاقة بمتوقّع، لا سيما وأنّ أهالي المدينة لم يشهدوا منذ زمن على هذا النوع من اللقاءات، إذ لم يتحرّك سياسيو الفيحاء التي تُعاني الأمرّين منذ أعوام عديدة، ولم يُسجّل أحد منهم “خرقًا” واحدًا على الأقلّ ليكون على قدر من المسؤولية الاجتماعية التي كان لا بدّ لهم أن يلتزموا بها طيلة الفترة السابقة التي سجّلت غيابًا واضحًا في حضورهم بين الطرابلسيين الذين باتوا يحتاجون فعليًا إلى من يمدّ لهم يد العون بصدق وشفافية، بخاصّة في الفترة الأخيرة التي أصبحت فيها طرابلس تخشى على كلّ شيء ومن كلّ شيء.

مضمون الاجتماع

وكان عقد اجتماع لنواب طرابلس حضره: الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، نقولا نحاس، علي درويش، سمير الجسر، محمّد عبد اللطيف كبّارة وفيصل كرامي، في مكتب ميقاتي في بيروت.

وتناول الاجتماع في شقّه الأوّل الوضع الأمنيّ، مشدّدين على أهمّية التدابير التي اتخذت الأسبوع الفائت في الاجتماع الأمني شمالًا، مع ضرورة عقد اجتماع دوري لمجلس الأمن الفرعي بشكل أسبوعيّ للحدّ من أي خلل أمني قبل تفاقمه.

أمّا الشقّ الثاني فقد تحدّثوا فيه عن موضوع الطاقة من كهرباء ومياه، مؤكّدين أنّهم وضعوا في صورة الخطّة الموضوعة لزيادة ساعات التغذية لتصل إلى ثماني ساعات، على أن يكون التوزيع عادلًا لتحصل مدينة طرابلس وجوارها على حقّها من التغذية، وعلى ضرورة تأمين تغذية دائمة لمؤسسات المياه.

أمّا الشقّ الثالث فتناول موضوع توزيع المازوت في المدينة، مشدّدين على وجوب انتظام عملية التوزيع، كما على أهمّية زيادة حصّة المدينة بنسبة 30 في المائة، مع إعطاء الأولوية للأفران والمولّدات الكهربائية.

النواب وأصحاب المولّدات

يلفت أحد المصادر إلى أن التوصية بضرورة عقد اجتماع أمنيّ أسبوعيًا، هي توصية ضرورية وعادلة ولكن في حالة تنفيذها، أمّا عندما لا تُنفذ فسنتوّقع المزيد من الفوضى في الشارع الطرابلسي الذي ما يزال متوهجًا بالأزمات وحالات السرقة والقتل، لا سيما وأنّ معلومات تُشير إلى وجود ” تناحر أمني بين العناصر الأمنية الشمالية وذلك نظرًا للاختلاف السياسيّ الذي تتخذه كلّ قوى منها”، مؤكّدًا توقّعه عدم وجود جدوى فعلية من اجتماع النواب الأخير، “ولكن يبقى الزمن هو المعيار الصحيح لتحديد النتائج الفعلية لهذا الاجتماع”، وفق ما يقول.

ويقول لـ” لبنان الكبير”: “إن سبب انعقاد هذا الاجتماع جاء بعد ضغط كبير من قبل أصحاب المولّدات الذين كانوا قد هدّدوا بأنّهم سيُطفئون شوارع وأحياء المدينة كلّها، ما دفعهم إلى الاجتماع وطلب عقد هذا الاجتماع بدعوة نائب تلو الآخر خلال ساعات، وذلك لرغبتهم في عدم الدخول في مشاكل كبيرة كانت متوقعة”.

الاجتماع بين مؤيّد ومعارض

يرى مراقبون أن هذا الاجتماع “جاء متأخرًا بعد غياب طويل، غابت فيها طرابلس عن أولويات هؤلاء النواب الذين كان لا بدّ لهم من تولّي شؤون مدينة طرابلس وتحمّل معاناة أهلها”، ولكنّهم يرون في الوقت عينه أن الاجتماع يبقى إيجابيًا لأنّه كان منتظرًا طيلة المراحل السابقة، “وأن تأتي متأخرًا خير من ألّا تأتي أبدًا…”.

أمّا أحد المتابعين لشؤون المدينة، فيُؤكّد لـ” لبنان الكبير” أنّه لولا تحسس هؤلاء النواب بخطر داهم يُهدّد هذه المدينة، مع شعورهم في الوقت عينه أن الطرابلسيين قد ارتفعت أصواتهم مؤخرًا على قدر آلامهم وحاجتهم إلى من يُنقذهم، لما اتخذوا قرارهم بضرورة الاجتماع والتواصل مع المعنيين للتخفيف من حدّة الاحتقان الشعبي.

ويقول:” تعيش بعض الشخصيات الطرابلسية في عالم آخر، ولا يُحرّكون ساكنًا للإسهام في التخفيف من حدّة الأزمات المعيشية التي يُواجهها الشعب الطرابلسي الذي سيعتب عليهم بكلّ تأكيد أنّهم عقدوا اجتماعهم بعد عقود متتالية من الإهمال في بيروت لا في طرابلس، فكيف يُعقد نواب طرابلس اجتماعًا مهمًّا يخصّ مدينتهم وهم خارجها؟”.

من جهته، يقول الشيخ نبيل رحيم لـ “لبنان الكبير”: “شبعنا من التصريحات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، فبدل القيام بهذا الاجتماع كان عليهم التوصية بتأمين حوالي 100 حاوية من الأدوية مثلًا من الخارج لتصل إلى مرفأ طرابلس وتقديمها للناس، كما كان لا بدّ من شراء حوالي 15 أو 20 مليون ليتر من المازوت أو البنزين، أي كان عليهم إظهار مواقفهم بشكلٍ عمليّ لأنّ جميعهم من أثرياء البلد عمومًا، ولكن يبقى التنفيذ العملي هو الأهم بالنسبة للمدينة، واذا لم يقوموا بأيّ خطوة منها سيكون وكأنّهم لم يُقدّموا شيئًا أبدًا، ونحن شبعنا من الوعود الجوفاء والمواقف المتاجرة بطرابلس…”.

أمّا المحامي خالد صبح، فيقول لـ”لبنان الكبير”: “للأسف كان هناك غياب تام للسادة النواب ممثلي أبناء طرابلس، حتّى شعر أبناؤها أن لا نواب لديهم، العبرة ليست باللقاء، ولكن عليهم أن يستخلصوا العبر ممّا يجري من تفلّت وأزمات في المدينة، وأن يُسارعوا استباقيًا إلى تحصين المدينة وأهلها من الفوضى، وإيجاد الحلول الناجعة للحدّ من تفشي أزمة المحروقات والكهرباء”.

ويُضيف: “أصلًا لا منّة لهم في زيادة حصّة طرابلس 30 في المائة، فهذه النسبة كانت قد اقتطعت من حصّة طرابلس لصالح البترون وجبيل، وطوابير الصهاريج المحمّلة بالمازوت من مصفاة طرابلس صباحًا وبمواكبة عسكرية تشهد على ذلك”.

ويُتابع: “لا أعلم إن كانوا يعلمون أن معظم المرافق الحيوية في طرابلس في شلل تام، وعن أزمة المحروقات التي تزداد ندرة وما يصحبها من طوابير الذل والانتظار وما يحصل من إشكالات مسلّحة على المحطات والتي فضّل أصحابها إقفالها على الاستمرار بهذه الطريقة، عدا عن أزمات الدواء والغذاء وصولًا إلى فقدان الرغيف… لا أعلم إن كانوا يعلمون أنّ الفقر يزداد والفوضى تزداد والبطالة بين الشباب إلى ارتفاع والمصروفين من العمل أصبحوا بالآلاف… المطلوب الآن منهم وبصورة عاجلة تشكيل هيئة تنسيق تعمل على متابعة قضايا المدينة وأهلها، وأنا لا أنتظر منهم المعجزات، ولكن أطالب بالحدّ الأدنى من مسؤولياتهم تجاه مدينتهم وأهلهم أسوة بزملائهم نواب الجبل وجبيل وكسروان”.

شارك المقال