في حادثة جديدة من نوعها، لم يكن يتخيلها أحد، إستطاعت إسرائيل خرق العمق التكنولوجي لـ “حزب الله”، مستهدفةً هذه المرة “البايجر” الذي تتواصل عبره غالبية عناصر الحزب مع كوادرها وقياداتها.
وهذا الخرق أوقع 9 قتلى وأكثر من 2800 جريح في آن واحد وفي مختلف المناطق اللبنانية، بكبسة واحدة فجرت “البايجر”، ما جعل سيناريوهات عديدة تتردد في الأذهان، وتزداد التساؤلات عما اذا كان الأمن لدى الحزب بات معدوماً أم أن إسرائيل توغلت كثيراً لدرجة لم يعد بإمكان أحد ضبطها؟
وفي ظل هذا الخرق الأمني واضح المعالم، أشارت معطيات الى أن ما حدث سببه “الشحنة” الأخيرة التي إشتراها الحزب، فما دقة هذه المعطيات؟ وهل العطل من هذه التقنيات؟
في هذا السياق، أكد مدير “المنتدى الاقليمي للدراسات والاستشارات” العميد الركن خالد حمادة عبر “لبنان الكبير” أن “الأجهزة لا يمكن أن تنفجر دفعة واحدة، اذا كانت البضاعة سيئة، بل يمكن أن تنفجر البطاريات اذا تم شحنها أو اذا كانت غير أصلية، لكن أن يحصل هذا التفجير المتزامن يعني أن هناك شحنة كهربائية تم توجيهها الى هذه الأجهزة، بما يتجاوز قدرة بطارياتها ما أدى الى تفجيرها، وبالتالي هذه عملية مُنظمة، تعني أن اسرائيل تدرك تماماً ما هي الأجهزة المتسخدمة، ولديها معلومات تقنية عنها وعن الدوائر الالكترونية”.
وقال: “يبدو أن اسرائيل تتابع المصادر التي تزوّد حزب الله بهذه الأجهزة، لذلك تمكنت من القيام بكل ذلك دفعة واحدة”. ورأى أن “انفجار ما يقارب الألف جهاز في الوقت عينه، يعني أن المعلومات التقنية عن هذه الأجهزة معروفة، وهي تابعة لمحطة في كل منطقة، وأن يتم إرسال هذه الاشارات الكهربائية الى هذه الأجهزة يعني أن هناك إلماماً بكل التفاصيل”.
واعتبر أن “على حزب الله إعادة النظر بالمصادر التي تزوّده بأجهزة الاتصال، وإعادة النظر بمنظومة القيادة الضيقة لديه، ربما هناك رسالة كبيرة من العدو الاسرائيلي بأن هذا العدد من الخسائر يدفع الى القول إن ما لا توافق عليه الولايات المتحدة الأميركية لجهة قيام اسرائيل بعملية عسكرية كبيرة، قد تم تحقيقه من خلال هذه العملية الالكترونية، وأعتقد أن حزب الله بحاجة الى اعادة حساباته”، لافتاً الى أن “تداعيات هذا الحدث ستكون كبيرة جداً، حتى أنها لا يمكن أن تظهر في الساعات القليلة المقبلة، لكن في مطلق الأحوال هذا اختراق نوعي، والتفجير المتزامن بكل هذه المجموعة من الاتصال يدل على أن اسرائيل تلاحق أدق التفاصيل، وتتابع ما يقوم به حزب الله بصورة حثيثة”.
أما العميد المتقاعد هشام جابر فرأى أن ما حدث “لا ينذر بحرب، بل هي رسالة لتجنب الحرب الواسعة وحصل بموافقة أميركية حتماً لأن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين زار بالأمس اسرائيل، بهدف منعها من شن الحرب الواسعة مطلقاً”. وقال لموقع “لبنان الكبير”: “يبدو أن اسرائيل لديها معلومات عن وجود هذه الأجهزة البايجر، وأن هذه الشحنة التي أتى بها حزب الله مؤخراً لم يفتشها ولم يفحصها جيداً وقام بتسليمها الى عناصره، وهذا خطأ مميت من حزب الله، وهناك آلاف من العناصر كانوا يحملونها، وهذه الأجهزة مفخخة ويمكن لاسرائيل أن تعمل عليها”.
ولفت جابر الى أن “هذه الحرب سيبرانية، أمنية، مماثلة للحرب النفسية التي تُمارس عادةً قبل الحرب الميدانية أو تستغني عن هذه الحرب اذا حققت أهدافاً سياسية، واذا أدت هذه الحروب الهدف، يستغنى عن الحرب الواسعة، المستبعدة أساساً لأن الجميع لا يريدها نظراً الى خطورتها على اسرائيل”.
يبدو أن هذا الحدث الجديد من نوعه، لن يمر مرور الكرام في الأيام المقبلة، والخوف الأكبر من الخطوة التالية بعد هذا الخرق التكنولوجي الأمني، وما يمكن أن تقوم به إسرائيل طالما أنها على ما يبدو تعلم أدق التفاصيل عن الحزب ولم تعد تستخدم المسيرة لارتكاب المجازر، بل بكسبة واحدة تدمر ما تريد.