هل ستحقق المفاوضات الأميركية – الإيرانية المرجو منها؟

حسناء بو حرفوش

مع انتظار الجولة السابعة للمفاوضات الأميركية – الإيرانية في فيينا حول الملف النووي، يتساءل المحلل دونالد فوربس في مقال بموقع “commentcentral” البريطاني عما قد تفضي إليه المفاوضات حقًا.

وبحسب المقال، “لا تدور المفاوضات الأميركية-الإيرانية حول إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي أبرم في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لانتفاء أسبابه، ولكون إيران من الناحية التكنولوجية هي بالفعل قوة نووية بحكم الأمر الواقع.

ترتبط القضية الحقيقية ههنا بكيفية تكيّف الغرب مع دولة إسلامية مارقة صارت تشكل تهديداً نووياً عابراً للقارات. والأنكى من ذلك، كيف لنا أن نعرف أن إيران لن تسلح الإرهابيين بالقنابل المعبأة في حقائب السفر، وهو أمر يمكنها القيام به بسهولة من دون الاضطرار للاعتراف رسميًا بوضعها النووي الحقيقي.

كما يتساءل المحللون المختصون في الشأن الإيراني عن الخطة البديلة للرئيس جو بايدن في حال فشلت المحادثات. الإجابة أن ليس ثمة خطة بديلة في الأصل لكون لا مسار واضحاً منذ البداية. ولا تجد الولايات المتحدة نفسها بمواجهة عقدة مستعصية، بقدر ما تجد نفسها في وضع مرن لا تتعدد فيه الحلول، بل وقد تقتصر على توجهنا نحن لنصبح ثيوقراطيي إيران أو أن ندفع إيران لتصبح مثلنا.

عندما انسحب دونالد ترامب من اتفاق أوباما، اعتمد على العقوبات لكسر إرادة طهران. ولم تضع خطوته حداً لبرنامج التخصيب الإيراني. كان من الممكن الدفاع عن بايدن لدى عودته إلى المحادثات، بالقول إنه يعتقد أن ترامب أخطأ في الحسابات. لقد نجت إيران من العقوبات من قبل وهي تعرف جيداً أن الولايات المتحدة لن تشنّ حربًا مفتوحة عليها.

حقيقة أن المحادثات محكوم عليها بالفشل لا تتأتى من هذا الطرف أو ذاك. حتى لو أعلن أن نتاج المحادثات انتصار للجانبين، ستظل إيران بالنسبة للأميركيين دولة مارقة غير جديرة بالثقة. وسيتعين علينا (أي على الأميركيين) التعايش معها بنفس الطريقة التي نعيش فيها مع الصين وروسيا. الشيء الوحيد الذي من شأنه تغيير النتيجة هو فقدان الملالي للسلطة، علماً أن لا مؤشرات تعد بذلك.

لقد أدت إعادة فرض ترامب للعقوبات في أحسن الأحوال إلى تقويض النظام مع شعبه الذي لا يُعرف مستوى معارضته الحالي للحكومة الإسلامية. وتضيف عودة بايدن إلى طاولة المفاوضات في أحسن الأحوال عبئًا على عمليات التطوير النووي الإيراني وبالتالي، لن يكسب سوى المزيد من الوقت حرفيًا دون أن يستطيع إيقافه حيث يمكن الإيرانيين الاستمرار ببرنامجهم لسنوات.

وماذا قد يأمل الإيرانيون بعد رحيل الملالي؟ وهنا، يجدر التذكير بأن الولايات المتحدة أثبتت عن عدم كفاية وأهلية في مقاربتها للملفات بعد انسحابها من أفغانستان. لقد أصبح الغرب نموذجاً تراجعياً ومنقسماً، خصوصاً بعد تخليه عن المُثل التي بُني عليها، مثل الديمقراطية وحرية التعبير وفتن القضايا المدمرة المرتبطة بالعرق والهجرة.

ومن الواضح بما فيه الكفاية ما هو على المحك؛ منع إيران من امتلاك وسائل ابتزاز أو قصف جيرانها أو قصفنا (الولايات المتحدة)، لكننا لا نملك الوسائل لمنعها من امتلاك القدرة النووية. وتدل التقديرات حول القنابل الإيرانية على ضآلة ما نعرفه، والذي يقتصر على امتلاك إيران لصواريخ يصل مداها إلى ألفي كيلومتر وتعمل على زيادة مداها ولا تنقصها سوى الرؤوس الحربية النووية لتصبح أكثر من قوة إقليمية عظمى.

كان أوباما يعلم مقدار صعوبة كبح هذا التقدم. وتمحورت مغامرته باتفاقية العام 2015 حول التحكم بمعدل التطوير النووي الإيراني وإمكان إقناع الملالي بالتحالف مع الولايات المتحدة من طريق المال والتعاون. لكن لم يكتسب مفهومه أي زخم في واشنطن حتى مع العديد من الديمقراطيين.

ما زالت هذه العقبة قائمة حتى اليوم. وبدون معاهدة يصادق عليها مجلس الشيوخ، يمكن لرئيس مختلف أن ينسف كل ما اتفق عليه في فيينا بأمر تنفيذي بسيط كما فعل ترامب في العام 2018. لكن الجهد يستحق المحاولة إذا أبقى إيران بعيداً من المدار الغربي، علماً بأنه لا بد لنا أن نفترض في غضون ذلك أن الصين لن تترك إيران تفلس.

وعلى غرار أوباما، وُصف بايدن بأنه ساذج في مقاربته لإيران. لقد أنشأ فريقا في البيت الأبيض ووزارة الخارجية سيبذل قصاراه لانتزاع أكبر قدر ممكن من الملالي. وقد ساءت الطلائع منذ اختيار المرشد الأعلى علي خامنئي للمتشدد إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران. أضف إلى ذلك أن إيران تهاجم ناقلات النفط في مضيق هرمز، ولكن ليس بقوة كافية للدعوة للانتقام بالتزامن مع تأمينها لخط في الخليج لصادراتها النفطية.

ويضطلع بايدن بدور بارز على الرغم من إعلانه أن صبره لن يطول. كما يمكن خامنئي أن يرفض هذا الأداء باعتباره خدعة. وليس من شك بأن إيران ذات قدرات عسكرية كبيرة حتى لو لم تستطع مجاراة الولايات المتحدة في ساحة المعركة المفتوحة، وهو ما لن تحتاج إلى القيام به. ولأنها تعرف ذلك، تفرض إيران رقابة فعلية على الولايات المتحدة.

من الواضح أن كلاً من الولايات والمتحدة وإيران تمتلك بطاقات تلغي الآخر. فإذا هدد بايدن، على سبيل المثال، بإطلاق العنان لإسرائيل ضد إيران، بإمكان خامنئي إطلاق العنان لترسانة “حزب الله” الصاروخية ضد إسرائيل التي تقع على حدودها والتي تبقى في حالة تأهب دائم. كما بوسع الصين إبقاء إيران واقفة على قدميها من طريق دعمها بشراء نفطها. ومن غير المرجح أن يهدد بايدن الصين بفرض عقوبات، لكن في حال حدوث ذلك، يصبح التغيير الجيوسياسي محتماً.

شارك المقال