بعد تفجيرات الـ”بايجر” والـ”آيكوم” وسقوط أكثر من 4000 بين قتيل جريح، في أقل من 24 ساعة، وعلى الرغم من التخويف الذي مارسته اسرائيل أثناء كلمة الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله من خلال خرق أكثر من جدار صوت فوق بيروت، لم يكن سقف التهديد تجاه هذه المجرزة التي ارتكبتها إسرائيل كافياً، فالغالبية كانت تتوقع ردأً يرعب الطرف الاسرائيلي الذي لا يتوقف عن إجرامه.
وخلال كلمته، أكد نصر الله أن ما حصل في اليومين الماضيين، كان بمثابة “جريمة إبادة جماعية وعدوان كبير على لبنان وشعبه وسيادته وأمنه وجرائم حرب وإعلان حرب”، معتبراً أن “العدوان الذي حصل لا شك في أنه عدوان كبير وغير مسبوق سيواجه بحسابٍ عسير وقصاصٍ عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون، وبالنسبة الى الحساب العسير فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون ونحتفظ به في أضيق دائرة. وقيادة العدوّ الحمقاء النرجسية الهوجاء ستودي بهذا الكيان إلى وادٍ سحيق”.
فكيف قرأ بعض المحللين والصحافيين هذا الخطاب؟ وهل سيكون ردّ الحزب مماثلاً للرد الأخير على إغتيال الرعيل الأول فؤاد شكر؟
الأمين: مواقف تقليدية
المحلل السياسي علي الأمين قال في حديث عبر “لبنان الكبير”: “لم أرَ جديداً في كل ما قاله السيد نصر الله، وكأن شيئاً لم يكن ولم يحصل، الخطاب نفسه، والكلام ذاته ليس هناك من جديد، وهو عملياً ليس في وارد الرد على ما جرى، ويسير على الصيغة القائمة ذاتها، لا توسعة للحرب، الاستمرار في عدم الاتاحة لاسرائيل القيام بحرب مفتوحة وشاملة، وكل هذه الخسائر التي تعرض لها الحزب لن تؤدي الا الى تأكيد المواقف التقليدية بأننا ضد اسرائيل، والمقاومة سنستمر فيها وفي المساندة ولن نوقف الحرب”.
واعتبر أن “الحزب كأنه يسير ضمن الاستراتيجية التي تثبتها ايران، بأن لا اتاحة لفرصة الحرب الشاملة، ولن نعطي اسرائيل فرصة القيام بها، وهذا يُدلل عليه، أنه على الرغم من كل هذه الضربة التي حصلت كما وصفها الحزب بأنها الاكبر، لكن الجميع كان ينتظر كيف سيرد حزب الله، وكلام نصر الله سيؤكد أن عملية الرد ستتم، وخطابه عندما اغتيل شكر كان فيه تهديد مباشر واليوم لم نسمعه والواضح أن لا شيء لديه ليقوله”.
وعما اذا كانت الكرة لم تعد في ملعب الحزب، رأى الأمين أن “المبادرة، تبدو الى حد كبير، بيد الاسرائيلي، وهذا ما يشير اليه الواقع على الأرض، هو يقوم بتوجيه الضربات، وكأنه يضمن الى حد كبير أن الحزب ليس لديه شيء ليفعله في مواجهة هذه الضربات. ومستوى الضربات الاسرائيلية التي نشهدها أقصاها أن يرد الحزب بعمليات قصف روتينية تحصل منذ ثمانية أشهر على مواقع اسرائيلية على الحدود”.
وعن امكان أن يكون الرد قريباً، أشار الأمين الى “أننا سنتوقع في الأيام المقبلة عمليات إسرائيلية أكثر مما نتوقع رد الحزب”.
الجاك: الحزب منهك
أما الصحافية سناء الجاك فاعتبرت أن “الخطاب أتى بمثابة شد عصب لبيئة الحزب مع وعود، ولكنه لم يقل شيئاً يتناسب كرد قوي على ما ناب الحزب، فهو إعترف بتلقيهم ضربة قوية من الجانب الاسرائيلي لكنه لم يعترف بأنهم فقدوا قدرات كبيرة بهذه الطريقة، وبأنهم يتهلهلون وكأنه ليس مهماً أن يصل الى مرحلة فقد القدرة العسكرية على المواجهة، ما يهمه كان الاحتفاظ بنفوذه في لبنان، ويبقى مسيطراً وهذا ما لفتني جداً، أن الحزب غير مهتم بهزيمة إسرائيل بل ببقائها شماعة ليُبرر وجوده وسيطرته على لبنان”.
وقالت: “كلبنانية وكإبنة الجنوب والبيئة الحاضنة، كنت أظن أن نصر الله سيعطيني شعوراً بالأمان أكثر، وهذا ما لم يعطِه بل فتح المعركة الى ما لا نهاية مع العلم أن لا وجود لتكافؤ في القوة بينه وبين اسرائيل باعترافه، وترك مصير الناس معلقاً لا يجب أن يخافوا، ومصير الموت غير مهم فنحن اعتدنا”.
وعن رد الحزب في صميم تل أبيب، شددت الجاك على أن “الحزب لا يمكنه أن يرد، لأنه منهك وضعيف ويخاف مواجهة اسرائيل، على الرغم من مكابرته بالقول انه يمكنه استكمال المعارك. الحزب سيقوم بعمليات صوتية وليس على الأرض، للاشارة الى أنه رد، وسيكتفي بأن يبقى موجوداً ويتحكم بلبنان وفاتح جبهة تحت عنوان المُشاغلة من دون أي مفعول فعلي، ولكن اسرائيل لن تتركه يقوم بما يريد، والمفارقة أنها اتخذت خطة خبيثة جداً، ومجرمة جداً وتتبعها من أول يوم مُشاغلة قضت على قادة ووحدات صف أول، واليوم على مجموعات، وتمشي بخطتها، خلقت أرضاً محروقة، ولا لزوم لاحتلالها الأراضي، وبالتالي تتابع مشروعها والحزب يتابع تلبية أوامر رأس محوره الايراني ولبنان ضحية الطرفين”.
في المقابل، وصفت مصادر مقربة من “حزب الله” الخطاب بـ “الممتاز والمنسجم مع المتوقع”، لافتةً الى أنه “أكد إستمرار الجبهة والتوسيع مقابل التوسيع من جهة، ووضع خط إستراتيجي جديد وإعادة تثبيته من جهة أخرى، وبالتالي لا يبقى من مفاعيل هذه العملية إلا الضرر الجسدي”.
وأوضحت المصادر عبر “لبنان الكبير” أن “السيد نصر الله يحسب الخطوة تماماً وغيرنا لن يفهمها”.