أنهار الديك والأولويات الفلسطينية

زاهر أبو حمدة

لم تحضر قضية الأسيرة أنهار الديك، في اجتماع الرئيس محمود عباس، ووزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس. وكذلك، لم تهدّد فصائل غزة بقصف الأراضي المحتلة إذا ما فقدت الاسيرة حياتها أو خسرت جنينها. ما يحصل مع الأسيرة (25 عاماً) الحامل بشهرها التاسع أنهار وطفلها المنتظر أن يكون أصغر أسير في العالم، يطرح جدلية أساسية في الصراع مع الاحتلال: أيهما أهم البشر أم الحجر؟ الانسان أو المكان؟

لا أعرف الانتماء الحزبي لأنهار، ولم أسأل أو أبحث في الأمر، ويُحتمل أنها لا تنتمي إلى أي فصيل. لكنها في الأصل فلسطينية، وتنتمي لشعب يجب أن يدافع عنها ومن واجب القيادة التحدث بقضيتها الإنسانية مع رؤساء الدول لتشكيل ضغط سياسي على الاحتلال. هذا إضافة الى تهديد حكومة نفتالي بينيت، بأوراق كثيرة تمسك بها السلطة الفلسطينية ومنها التنسيق الأمني. أما الفصائل المسلحة، فأمامها اختبار هام: هل الاعتداء على المسجد الأقصى وحي الشيخ جرّاح دفعكم لإطلاق الصواريخ لكن حياة فلسطينية وجنينها لا تستحق التهديد على أقل تقدير؟

عام 2015، هدد الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” الراحل رمضان شلّح، بإنهاء أي التزام بالتهدئة وقصف الأراضي المحتلة إذا ما استشهد الأسير المضرب عن الطعام حينها محمد علان. موقف “سرايا القدس” كان له فعل السحر عند حكومة الاحتلال وتوصلت مع علان إلى اتفاق يُنهي اضرابه عن الطعام وتحديد موعد للإفراج عنه. فلماذا لا تُعاد التجربة؟

من حقنا أن نسأل: هل قرأت القيادة الفلسطينية في رام الله وغزة رسائل الاسيرة أنهار لأهلها وطفلتها جوليا. وإذا وصلتكم رسائلها، فهل أثرت فيكم كما تؤثر في كل المتضامنين على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يبدو أن هناك فجوة عميقة بين القيادة والشارع، وأولويات صنّاع القرار تختلف عن خيارات أنهار، المعتقلة منذ خمسة أشهر بتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن في بؤرة استيطانية على جبل كيسان القريب من بلدتها كفر نعمة الواقعة غربي مدينة رام الله وسط الضفة الغربية؛ ولم يصدر بحقها بعد أي حكم، وهي تقبع في سجن الدامون الإسرائيلي جنوبي فلسطين المحتلة، ومنذ اعتقالها سمح لزوجها فقط بزيارتها مرة واحدة.

وإذا لم ننجح في الافراج عن أنهار، سيصبح مستوى العجز مرتفعاً لدرجة الصمت أمام تضحيات نحو 4850 أسيراً، بينهم 41 أسيرة، و225 طفلاً، و540 معتقلا إداريا، وفق مؤسسات متخصصة بشؤون الأسرى. وإذا كان هذا هو الموقف في قضية الأسرى فماذا نقول للشهداء؟

شارك المقال