إفلات السوق السوداء من عقال “الثنائي”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لم يكن مستغرباً إعلان بلدية بنت جبيل عن زيادة التغذية بالكهرباء من اشتراك البلدية 3 ساعات إضافية، لتصبح 10 ساعات يومياً، علاوة على التغذية من كهرباء لبنان، والإعلان عن تأمين مادة المازوت لبئر المياه الموجودة في منطقة الوادي والإبقاء على التسعيرة بحدود 200 ألف ليرة لنقلة المياه الواحدة، وكذلك لمحطة ضخ المياه الموجودة في منطقة “صف الهوا”، وإطلاق المنصة الخاصة بالبلدية عبر إرسال رسالة إلى نحو 200 شخص، حيث سيتم تعبئة 30 ليتراً لكل سيارة. وبحسب الإعلان، فإن الأمر حصل بمساعدة “مشكورة من الاخوة في ’حزب الله’ وحركة أمل، وبالأخص من النائبين العزيزين حسن فضل الله وعلي بزي”.

ليست بلدية بنت جبيل الوحيدة التي بدأت تروج لمازوت الانتخابات النيابية مبكراً، فـ “حزب الله” الذي فاز بــ 60 بلدية، يحاول اليوم ردم الهوة مع جمهور الثنائي الشيعي، الذي لم يعد يسكت على الملام، ولم يعد باستطاعته تغطية الفاسدين الذين “تسلبطوا” على حياته، ولم يعد يخاف من قول كلمة الحق في فضح الممارسات الشاذة التي تحصل في بيئة “المقاومة”. لكن ما كل ما يتمنى الحزب يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهيه سفنه الموعودة.

يحاول “حزب الله” كسب رضا الجمهور الذي يفلت من بين يديه من غير الملتزمين، ومنطق أمينه العام السيد حسن نصرالله لم يعد مقنعاً، إذ يرى كثيرون منهم أنه منفصل عن الواقع، لا بل إنه حقيقة يعيش حال انفصام، إذ باتت ممارسات الحزبيين فيه مكشوفة، عنوانها الاستفادة من قوة الحزب وهيمنته لتحصيل أكثر ما يمكن من الفائدة على الجيوب.

وبحسب مصادر جنوبية متابعة، فإن المحروقات التي تم تأمينها كانت مخزّنة في الزهراني وأفرج عنها، مشيرة إلى أن الثوار عندما كانوا يصادرون بعض خزانات الوقود المهربة إلى سوريا، سواء في عكار أو طرابلس او البقاع أو غيرها، كان يتم اعتقالهم ومقاضاتهم، في حين صودرت الكثير من المحروقات ولم يُعرف إلى أين ذهبت، ولم يُعلن أين وُضعت، لكن تبين أنها بإمرة الحزب الذي أراد اليوم أن يشفق على بيئته ويعمل على تقديم الجزرة لها بادعاء تقديم المساعدة عبر البلديات من مال دفعه الناس من جيوبهم للمحروقات المدعومة، التي يتاجر بها الحزب ويهرّبها إلى سوريا، ومن ثم يريد إعادتها إلى لبنان على أنها نفط حلال من إيران لكسب ود الناس وتحسين صورته، وليظهروا وكأنهم يعملون على وقف التدهور الذي كانوا السبب في حصوله”.

وتشير هذه المصادر إلى أن “حزب الله يجهد لإقناع الناس في أن سبب الأزمة هو الحصار الأميركي، علما أن لا حصار أميركيا أو غير أميركي على لبنان، فلا يوجد أي منع لاستيراد أي مادة من الخارج، الحصار الوحيد هو حصار أهل السلطة للشعب وتجويعه بخطة مدروسة من أجل إبقاء سيطرة هذه القوى السياسية المتحالفة للبقاء في السلطة، وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية والمالية جزء من خطتها لرمي لبنان في أحضان إيران نهائياً وفرض وصاية الولي الفقيه عليه وتحقيق أحلام رئيس الجمهورية بتوريث قصر بعبدا للصهر المعرقل للحلول وواضع العصي في الدواليب”.

وبرأيها، فإن “حزب الله” يروج لحصار وهمي، إلا أن الناس واعية والدعاية الحزبية لم تعد تؤثر فيها، فهناك كمّ من الغضب والقرف من الممارسات التي تشعل معارك حتى بين الحليفين المهيمنين، نتيجة التعامل وفق قاعدة أولاد الست وأولاد الجارية. لكن في جانب آخر، تسأل الناس أين أصبحت الثورة؟ وقد بدا واضحا لها أن “حزب الله” يراوغ ويكذب ويحاول خداع الرأي العام، فمثلاً يقوم باختراقات ويهاجم المصارف كجزء من سياساته لإخضاعها لقراراته في الإصرار على عدم رفع الدعم حتى يبقى الإهدار قائماً ويدفع اللبناني ثمن فكّ الحصار عن النظام السوري وعصاباته بواسطة ميليشيات الحزب التهريبية.

وتوضح المصادر أن “حزب الله ربط الناس وتجارتهم واقتصادهم به، بالبداية قدم لهم الدعم المالي، ثم بدأ يأخذ حصصه من المؤسسات طبعاً. هذا يسمى تبييض أموال، وهي مسائل مكشوفة بالنسبة للناس، وهكذا ارتبطت به مجموعات من المستفيدين لا يستطيعون حاليا فكّ هذا الارتباط القائم بسبب الأموال المشبوهة، وبين هؤلاء أصحاب محطات بنزين وتعاونيات وغيرها من المؤسسات الحيوية، إذ إن الحزب يؤمن لها مواد تعبر عبر المرافئ والمطار المسيطر عليهما من قبله، من دون جمارك. وهي تؤمن له الدولارات. وهو ما يفسر انتشار مؤسسات اقتصادية له تحديدا تتوافر فيها مواد مقطوعة من السوق الاستهلاكية”.

وتشير هذه المصادر إلى أن “الناشطين السياسيين المعارضين في بيئة الحزب قادرون على إبطال خطة الحزب، ويعملون على كشف الأمور بجرأة عبر فضح مخططات “حزب الله” وربطه بإيران، وكشف أسلوب الكذب والخداع الذي يمارسه الحزب من خلال الترويج لمقولات الحصار مثلا واستهداف المقاومة وما إلى ذلك من خزعبلات لم تعد تنطلي على أحد وهم يردون بقوة على كتائب الجيش الإلكتروني لـ “حزب الله” المجند في المعركة. إلا أن هذا الجيش أيضا تراجعت قوة تأثيره بعدما خُفّضت رواتب عديده إلى 200 دولار بالشهر”.

وتلفت المصادر عينها أخيرا إلى أن “من يستفيد من تنظيم البنزين على المحطات عبر البلديات هم مسؤولو الحزب ومشايخه، وليس الناس العاديين، فهم ما زالوا في قلب المعاناة، كما أن تجار البنزين والمازوت لم يرتدعوا والسوق السوداء أفلتت من عقال الحزب والحركة على حد سواء”.

شارك المقال