سيناريو حرب أميركية – صينية إلى الواجهة مجدداً

حسناء بو حرفوش

ماذا سيلي الانسحاب الأميركي من أفغانستان؟ سؤال لا تبدو الإجابة عنه صعبة إذ تتصدر العلاقة بين الولايات المتحدة والصين محور التحليلات لآخر التطورات في المنطقة والعالم، مع توقع بعض المحللين مزيداً من التوتر بين البلدين. فهل يعود سيناريو الحرب المحتملة إلى الواجهة؟ ما هو تأثيره على العالم؟ وكيف يمكن تخيّله؟

في قراءة بموقع “النيويورك تايمز”، يدعو الكاتب توماس فريدمان للتفكر في تصاعد التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، والذي ينبئ بعدم الاستقرار بعد عشرين عاماً من الآن، حيث قد يتحول العالم إلى مكان أكثر خطورة وأقل ازدهارًا. وإذ يتساءل عن هدف الولايات المتحدة بعد حربها المعلنة ضد الإرهاب وتوجهها المحتمل للتذرع بحرب مع الصين، يدعو لمنافسة الصين وقطع الطريق أمام سيطرتها على العالم من خلال فهم ديناميات مجتمع الصين الهائل والمتغير، ومواجهة بكين من خلال تحالف عابر للحدود الوطنية وقائم على القيم العالمية المشتركة المتمسكة بسيادة القانون والتجارة الحرة وحقوق الإنسان وبمعايير المحاسبة الأساسية.

أما في موقع “ناشيونال إنترست” الأميركي، يتخيل الكاتب والباحث الأميركي في الشؤون الأمنية والديبلوماسية، روبرت فارلي، سيناريو الحرب في حال اندلعت بين الولايات المتحدة والصين. وبحسب تحليله، “ليس من شك في أن جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة مستعدتان للانزلاق إلى حافة حرب تجارية، بمقدورها ترك آثار بعيدة المدى على اقتصادات كلا البلدين كما على مستقبل النظام الاقتصادي العالمي. ولكن حتى الساعة، لا يتضمن احتمال هذا الشكل من أشكال الحرب القنابل والصواريخ الفعلية. وعلى الرغم من النزاعات بين البلدين، لا يرقى أي من النزاعات على الطاولة إلى مستوى الشرارة المسببة للحرب. لكن الأمور مرشحة للتغير في العقد القادم مع ازدياد العواقب الوخيمة لهذه النزاعات. وبحلول العام 2030، قد يختلف ميزان القوى (إضافة إلى المشهد الاستراتيجي) بشكل تام. فكيف ستبدو أي حرب محتملة؟

الشرارة الأولى؟

السؤال الذي يطرح نفسه يدور حول السبب وراء اندلاع أي حرب بين البلدين. وسيتطلب الأمر شرارة كبيرة لإضرام النار في العالم بأسره. فلا الصين ولا الولايات المتحدة مستعدتان لخوض حرب لسبب تافه. يمكننا تخيل تهديد كبير مثلاً لحلفاء للولايات المتحدة. وقد زرعت بالفعل بذور الصراع بين الصين وبعض البلدان مثل اليابان والهند وتايوان وربما الفيليبين أيضا. وإذا نشأ نزاع عسكري بين الصين وأي من هذه البلدان، ستنزلق الولايات المتحدة إليها تقريبا (…) وفي حين أن تحديد ساحة المعركة يرتبط بسبب الحرب، يمكننا توقع أن يشكل بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي المسرحين الحاسمين.

الكفة ترجح للصين؟

تدعو الكثير ممن الأسباب للاعتقاد بأن الميزان العسكري سيرجح لصالح الصين خلال الاثنتي عشرة سنة المقبلة، بحسب التحليل الذي أعاد الموقع تسليط الضوء عليه. وهذا لا يعني أن الصين ستمتلك الأفضلية، ولكن مقارنة بالوضع الراهن، يبدو الوقت لصالح الصين، حيث تتطور بحرية جيشها بشكل أسرع من البحرية الأميركية، حتى ولو شقت الأخيرة طريقها لامتلاك 355 سفينة. علاوة على ذلك، يتمتع سلاح الجو الصيني بسرعة أكبر من القوات الجوية للولايات المتحدة، حتى مع ظهور طائرات F-35 وB-21. كما سيلجأ الجانبان أيضاً للتقنيات التقليدية بأعداد كبيرة. وقد تجد الصين في متناولها أربع حاملات طائرات بحلول العام 2030 (…) وعلى الرغم من أنه في جعبة الولايات المتحدة المزيد دوماً (بما في ذلك أسطولها من حاملات الطائرات الهجومية) ستتميز الصين بالتفوق النوعي وقد تحقق تفوقًا محلياً موقتاً في بداية الصراع كما ستنشر أيضًا غواصات وسفناً بأعداد كبيرة، من دون الحاجة لنشر القوات البحرية في أنحاء المعمورة.

حرب سيبرانية؟

(…) كلما أصبحت الاقتصادات رقمية بشكل أكبر، زادت سهولة مهاجمتها (…) وفي سيناريو الحرب، ستبذل كل من الولايات المتحدة والصين أي جهد لكشف (…) وتنسيق الهجمات الإلكترونية على أفضل وجه بالتزامن مع العمليات العسكرية “الواقعية”.

كيف ستنتهي الحرب؟

لقد كتب الكثير حول كيفية انتهاء الحرب بين الولايات المتحدة والصين. ولكن بغياب تحديد للأسباب المباشرة لحرب اعتباراً من العام 2030، من الصعب تقييم الثمن الذي يستعد كل جانب لدفعه. ومن غير المحتمل للغاية أن تمتلك الصين، حتى بحلول العام 2030، قدرات تقليدية قادرة على تهديد الولايات المتحدة بشكل دائم (…) ومن ناحية أخرى، من الصعب بشكل متزايد تخيل سيناريو تقوض فيه الولايات المتحدة، الصين بشكل قاتل (…) والنصر حليف الجانب الذي يستطيع تدمير القوات الميدانية الأساسية للعدو، إما من خلال هجوم حاسم أو من خلال الاستنزاف.

وربما لا يمثل الحصار حلاً أيضاً. ففي حين أن استهلاك الطاقة في الصين مرشح للازدياد، لن تعجز الصين عن معالجة هذا الضعف من خلال خطوط الأنابيب الإقليمية مع روسيا وتطوير مصادر طاقة بديلة (…) أما أكبر ضربة لها فتنطوي على انهيار تجارتها الخارجية. وعلى أي حال، سيتطلب إنهاء الحرب الصينية الأميركية في حال اندلعت، ديبلوماسية حذرة، خشية أن تصبح الحرب المرحلة الأولى لمواجهة قد تستمر لبقية القرن.

(…) أخيراً، من المرجح ألا تجد الصين والولايات المتحدة نفسيهما أسرى صراع مسلح. ومجدداً، لا بد من التفكير في التغير بتوازن القدرات بين البلدين بمرور الوقت. وقد تتجنب واشنطن وبكين الحرب بواسطة الحظ والمهارة ولكن يتعين على المخططين الاستراتيجيين في كلا البلدين أخذ احتمال نشوب صراع على محمل الجد”.

المصادر:

ny times
national interest

شارك المقال