“تخرب لعيون الصهر”…

هيام طوق
هيام طوق

على قاعدة “إذا مش الاثنين الخميس”، يتأرجح اللبنانيون بين التفاؤل والتشاؤم في تشكيل الحكومة منذ أكثر من سنة بسبب تعنت واصرار العهد وفريقه على تحقيق المصالح الخاصة على حساب البلد برمته لا بل أكثر، فإن أي قرار له علاقة بمصير الشعب يجب أن يخضع لمزاج صهر يتعرض لعقوبات وضغوط من كل حدب وصوب، فينطلق وبخطى ثابتة بسياسة “العين بالعين والسن بالسن”، واذا كانت النار ستحرق مستقبله السياسي فليحترق البلد برمته.

ولسخرية القدر، أعلنت حركة “طالبان” في أفغانستان تشكيل حكومة تصريف أعمال ستتولى إدارة البلاد، وشدّد المتحدث باسمها على أن هذه الحكومة لتصريف الأعمال، لكن التركيز في ما بعد سيكون على أن تضم كل الأطياف، في حين ان لبنان العضو المؤسّس للأمم المتّحدة وجامعة الدول العربية وعضو في كل المنظّمات الدولية التابعة للأمم المتّحدة، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسة التنمية الدولية، بات ضحية قرارات إجرامية تُتخذ بحقه وبحق تاريخه ومجتمعه وإنسانه، وأسير سلطة جعلت من الجمهورية الحاضرة في المجتمع الدولي، ألعوبة بيديها وصولاً الى الغاء الكيان برمته من دون أن يرف جفن ضميرها.

وسط كل المشهد الضبابي لا بل القاتم في تشكيل الحكومة، وفي ظل غياب أي تدبير أو قرار لإنقاذ ما تبقى من أنقاض دولة، يقف اللبناني حائراً في أمره. ويتساءل: هل المقصود التهيئة لفراغ وصولاً الى عقد اجتماعي جديد؟ وهل فعلاً يصل الأمر برئيس الجمهورية إلى عدم فرملة الانهيار ما دام أن مستقبل صهر العهد السياسي غير معبد؟ وهل أصبحت مقولة “تخرب فوق راس الكل لعيون صهر الجنرال” أكثر تبلوراً وتجسيداً بعد أن كان البعض يعتبرها مجرد مزحة سمجة؟

أسئلة توجه بها “لبنان الكبير” الى نواب من مختلف الكتل النيابية الذين اعتبروا ان كل التعطيل والوضع الكارثي الذي وصل اليه البلد يؤكد يوما بعد يوم ان العهد لا يريد من البلد وموقع الرئاسة الاولى الا تأمين المستقبل السياسي لجبران باسيل بعيداً من المصلحة العامة حتى ان طالبان باتت متقدمة عنا بأشواط، معتبرين ان كل شيء وارد مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وأنه لا يمكن حل أي مشكلة الا برحيله. 

حمادة: طالبان متقدمة عنا بقرون

رأى النائب المستقيل مروان حمادة ان “طالبان شكلت حكومة وهذا أمر جيد، وهي حركة إسلامية وطنية أفغانية ليست تابعة لأي محور لا دولي ولا اقليمي. أما عندنا، فالبلية أعظم بكثير. لدينا “حزب الله” التابع لايران والمنفّذ للمشروع الايراني التوسعي على حساب كل المنطقة العربية، كما لدينا من جهة أخرى وبشكل تراكمي جهنمي شخص معروف بعدم استقراره وبمزاجه الديكتاتوري وبسوابقه الكارثية بالنسبة إلى لبنان، وهو العماد ميشال عون. وما زاد الطين بلة أن من يتحكم به أو بما تبقى منه هو صهر يجمع كل عناصر الفساد والحقد والجشع وعدم احترام الغير. كل هذه المجموعة، شكلت كوكتيلاً تفجيرياً للبنان الذي أصبح اليوم في حالة انفجار وتقهقر”، معتبراً أن “طالبان متقدمة عنا بقرون”.

وعما اذا كانت مقولة “خليها تخرب فوق راس الكل كرامة عيون الصهر”، تتبلور جلياً الآن، أشار حمادة الى أن “هناك الكثير من الناس أدركوا اننا متوجهون الى هذا الجهنم منذ حين، وليس الكل أيّد وساير عون، ومن فعل ذلك فهو اليوم نادم على فعلته. نحن اليوم في كارثة وطنية قد تقضي على الكيان والاستقلال والازدهار وعلى الشعب”.

وعن التخطيط للوصول الى الفراغ وصولاً إلى عقد اجتماعي جديد، أكد حمادة أن “الرئيس عون عندما كان عماداً وهرب من بعبدا كان يطرح كل يوم مشروع، ومنها عدم الاعتراف بالطائف ومحاولة حل مجلس النواب والقضاء على القوات اللبنانية، كل الأخطاء المميتة التي ارتكبت آنذاك تعود الينا بأشكال مختلفة اليوم. ان طرح مشاريع أو لم يطرح، إن علّق على لائحة الحكومة أو لم يعلق، فالحكومة لن تحل شيئاً بعد الآن لأن الحل الوحيد هو برحيل رئيس الجمهورية وعقد طاولة حوار تؤدي الى اعادة العقل الى المؤسسات واعادة الصدقية الى النصوص التي توصلنا اليها في الطائف والدستور منذ 1920 وانشاء لبنان الكبير حتى اليوم”.

البعريني: تخرب لعيون الصهر حقيقة مرة

أشار عضو “كتلة المستقبل” النائب وليد البعريني الى “اننا سلمنا رقبتنا لأشخاص يريدون الدولة على قياسهم”، متسائلاً: “في ظل العهد الذي نسف الطائف والدستور وعرقل تشكيل الحكومة على مدى سنة، هل يجوز لمصلحة له من هنا وأخرى من هناك أن يدمر البلد. المصلحة الشخصية خلف التعطيل، ومقولة تخرب لعيون الصهر لم تكن يوماً مزحة انما حقيقة مرة، ولا يجوز الاختباء خلف اصبعنا”.

ولفت الى ان “الرئيس ومن بعده صهره يريدان الاستمرار في التحكم بالبلد، لكن السؤال هنا: اذا فرغ البلد من الشعب الذي يسعى الى الهجرة، والمؤسسات التي أصبحت معطلة، والاهتراء الذي يشل كل المرافق الحيوية، على من سيكون رئيساً؟ وعلى أي بلد؟ كل ما يهمه هو استمراريته عبر صهره وليس البلد”.

وشدد البعريني على انه “ما من أحد يرضى بتغيير النظام أو المسّ بالدستور واتفاق الطائف”، معتبراً ان “كل دول العالم الثالث أصبحت أفضل منا لأن الكل يتقدم ونحن نتراجع”.

واكيم: رهن مستقبل البلد بشخص

اعتبر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم ان مقولة خليها تخرب فوق راس الكل كرامة عيون الصهر “تتبلور أكثر فأكثر في تشكيل الحكومة من خلال التشبث بالثلث المعطل لضمان مستقبل صهر العهد”، متسائلاً: “ما هي صفة جبران باسيل من الإعراب في تشكيل الحكومة؟ الولايات المتحدة الاميركية وضعت عقوبات على باسيل، اذا رفعتها عنه يشكل حكومة، واذا لم ترفعها لا تشكيل، على الرغم من معاناة الناس”.

وشدد على انه “لا يجوز رهن مستقبل البلد بالمستقبل السياسي لأي شخص على الرغم من ادراكنا اليوم ان كل ما يجري وفق معادلة: مستقبل باسيل يساوي مستقبل البلد”، معتبراً ان “ما نعيشه اليوم هو مشروع جبران باسيل، رئيس الظل”. وعن المماطلة لنهاية العهد وطرح العقد الاجتماعي، لفت واكيم الى انه “مع ميشال عون لا يمكن أن نتفاجأ بأي طرح أو قرار غير منطقي وليس له علاقة بمصلحة البلد”.

ورفض عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة التحدث بموضوع تشكيل الحكومة وأسباب العرقلة “لأنني في حالة قرف كما كل اللبنانيين. الوقائع تشير الى حسابات يجريها الأطراف”، معتبراً ان “أفغانستان سبقتنا بأشواط لأن هناك رأساً واحداً، لكن عندنا مئات الرؤوس. نحن في أيام عاطلة جداً”.

شارك المقال