ثوار 17 تشرين: لا ثقة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

بدت مجموعات ثورة 17 تشرين غير معنية بتشكيل حكومة جديدة وان انتقد بعضها عدم رفع الصوت في وجه التركيبة “الفوقية” التي جاءت بفضل اتصال الرئيس الفرنسي بالرئيس الإيراني، وتسببت بعودة المحاصصة الطائفية وهذا الامر لا يُخرج لبنان من الأنفاق المظلمة ولا ينقذه من جحيم العهد القوي.

واظهر العديد من البيانات الصادرة عن مجموعات الثورة الإصرار على أهمية الحكومة المستقلة عن قوى السلطة، التي انتجت حكومة لا يمكن ان تحل شيئا. وانتقد بعضها وضع العربة امام الحصان ان في الحديث عن حل بانتخابات نيابية مبكرة فيما المطلوب التخلص من الاحتلال الإيراني وفرض السيادة اللبنانية.

وفي هذا الاطار، يشدد زياد عبد الصمد من “لقاء تشرين” في حديثه الى “لبنان الكبير”، على انه “لا يمكن توقع الكثير من هذه الحكومة، لكونها نتاج المنظومة عينها التي أوصلت البلاد الى الانهيار والافلاس في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية شديدة التعقيد اكدتها التقارير الدولية. كما ان المحاصصة التي عطلت التأليف لأكثر من سنة تؤكد هذه الشكوك، خاصة ان سيطرة حزب الله وحلفائه على الأكثرية فيها ستؤثر في قراراتها ومواقفها وعلى علاقات لبنان بمحيطه العربي والدولي”.

وعن التحديات التي تواجه الحكومة، يقول: “أمامها تحديات كبيرة لإنقاذ اللبنانيين من الكارثة تبدأ بضرورة العمل على تعزيز الشفافية في الإدارة السياسية للبلاد والإدارة العامة لكي تستعيد ثقة اللبنانيين والجهات الممولة والمانحة في الداخل والخارج، وعلى رأسها تعزيز استقلالية القضاء لإنجاز التحقيق المستقل في جريمة المرفأ وتنفيذ التدقيق الجنائي وتعزيز آليات المساءلة والمحاسبة واعتماد الشفافية في المناقصات العمومية، قبل ان تبدأ تنفيذ اي برنامج إصلاحي ضروري كشرط للنجاح في تحقيق أهداف أي خطة إنقاذية”.

ويوضح: “التحدي يتمثل في الاتجاه نحو وقف الدعم عن السلع الأساسية في ظل افلاس الخزينة وشح الموارد العامة واستمرار التهريب الممنهج خارج الحدود. لذلك عليها أولا اصلاح قطاع الطاقة لتخفيف أعباء الفاتورة اليومية عن كاهل المواطنين من خلال زيادة ساعات التغذية بالكهرباء وخفض الاعتماد على المولدات الخاصة والمازوت، وامامها تنظيم قطاع النقل العام لتخفيض فاتورة البنزين والمحروقات، وتعزيز ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص عمل وحماية الأجور والوقاية من البطالة، وتنفيذ برامج للحماية الاجتماعية الشاملة التي تعزز النظامين الصحي والتربوي خاصة في ظل تداعيات تفشي الجائحة”.

أما عن استحقاق الانتخابات النيابية، فيشدد عبد الصمد على ضرورة “تنظيم الانتخابات النيابية والبلدية في موعدها وبشكل ديموقراطي وشفاف ومحايد بما يضمن التمثيل الحقيقي والشرعي للمواطنين، لذلك على الحكومة الدفع باتجاه إقرار وتعيين هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات وتعزيز الرقابة الدولية والمحلية”.

ويعتبر ان “هناك ضرورة للاستمرار في الضغط على المنظومة الحاكمة على الرغم من كل الاعتبارات والملاحظات على أسلوب المحاصصة الذي أنتج هذه الحكومة لتتوقف عن نهب المال العام وتلتزم الدفاع عن حقوق المواطنين ومصالحهم واستعادة القرارات السيادية على الدولة”.

في المقابل، يرى المحامي علي عباس من المرصد الشعبي لمحاربة الفساد أن “الحكومة الحالية هي إستمرار لمبدأ المحاصصة بين منظومة الفساد التي أوصلتنا إلى الانهيار الحالي وهي لن تستطيع القيام بأي إصلاحات مطلوبة للخروج من الأزمة، لأنها مرتهنة لمسببي الأزمة، خاصة وأن أي إصلاحات تستوجب الانطلاق من المحاسبة والتدقيق ومحاسبة من تسبب بهدر المال العام وسرقته وسرقة أموال المودعين، وبالتالي وتبعا لكونها ستستمر بنهج ومسار هذه المنظومة والمظلات والحمايات لكل أركانها، فإنها لن تستطيع النهوض بالدولة واقتصادها لتحويله الى اقتصاد منتج وترسيخ التوزيع العادل للخسائر وليس حصره بالشعب المسكين”.

ويوضح أن “اي اقتراض دولي جديد في ظل استمرار حكم مافيا المنظومة في الظل سيزيد تضخم الدين العام في غياب أي إصلاحات من شأنها تقليص الهدر والصرف للمحسوبيات والتنفيعات المعهودة. لذلك كنا نقول وما زلنا لا حل إلا بحكومة من المستقلين عن هذه المنظومة تمارس صلاحيات استثنائية منها التشريعية لتطهير القضاء وإقرار استقلاليته والمحاسبة عن طريق فتح ملفات كل الوزارات والادارات والصناديق واسترداد ما يمكن استرداده من مال منهوب واقرار قوانين عصرية وتعديل المهترئ منها والسعي لاقرار خطط اقتصادية منتجة من شأنها استجلاب العملة الصعبة الى البلاد بعيدا عن سياسة الاقتراض الفاشلة كما وتطهير الادارة وتفعيل اجهزة الرقابة وغيرها من مطالب الثورة”.

ويشدد عباس أيضا على أهمية “إقرار قانون عادل للانتخابات من شأنه تكريس صحه التمثيل لنصل الى التغيير السياسي المنشود والقائم على المواطنة الحقيقية وليس الانتماء للطائفة والزعيم”. وحسب عباس، فان “الحل لا يكون إلا ببناء الدولة المدنية العادلة والشفافة لانقاذ ما يمكن انقاذه والا فإننا سنبقى في هذه الدوامة القائمة على جشع وتنازع هذه المنظومة في التحاصص وتحقيق الأرباح والمكتسبات وممارسة الزبائنية على حساب المصلحة العامة للشعب اللبناني”.

ويختم: “هذه الحكومة هي استمرار لحكومة الأقنعة السابقة. والثابت الوحيد والذي أضحى واضحا للجميع هو أن لا حل من منظومة تسببت بما وصلنا اليه، ومسبب المشكلة لا يمكن أن يكون من يجترح الحلول لأن الحلول تبدأ بمحاسبته ومحاكمته. لذلك لا ثقة إطلاقا بهذه الحكومة والمعركة بوجهها مستمرة امتدادا لمواجهة هذه المنظومة المجرمة”.

شارك المقال