العقوبات الأوروبية بين الترهيب والترغيب… والإنقاذ بالإصلاح

هيام طوق
هيام طوق

بعد أيام من تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة، وفي مسعى من بروكسل لتسريع التأليف ووضع إصلاحات بنيوية على سكّة التنفيذ لإخراج البلد من مأزقه، أكد الاتحاد الأوروبي وضع أسس قانونية لـ”فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولة عن التعرّض للديمقراطية أو لسيادة القانون في لبنان”.

وكان وزراء خارجية دول الاتحاد دعوا في اجتماعهم الأخير في 12 تموز الماضي إلى وضع إطار قانوني للعقوبات، صودق عليه، وسارعت الولايات المتحدة إلى الترحيب بقرار الاتحاد الأوروبي “استخدام هذه الأداة المهمّة لمحاسبة المسؤولين حول العالم”.

وبحسب بيان الاتحاد الأوروبي، فإنّ العقوبات تستهدف أولئك الذين يعرقلون عملية التأليف، وتشمل قائمة العقوبات حظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتجميد أصول أفراد وكيانات كما يحظر بموجبها على الأفراد والكيانات في الاتحاد، عدم إتاحة الأموال للمدرجين على قائمة العقوبات.

وفي رسالة عاجلة من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى الرئيس ميشال عون حملها اليه سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف، حضّ بوريل رئيس الجمهورية والطبقة السياسية، على “تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، والتنفيذ السريع للاجراءات والاصلاحات اللازمة لإخراج لبنان من أزمته الحالية”.

وبعد أيام قليلة من تشكيل الحكومة، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تعليق نظام العقوبات على لبنان، لافتاً في تصريح صحافي الى “اننا سنزيد المساعدات ونسهل مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي”.

ولقراءة هذا الموقف الاوروبي الذي رفع سيف العقوبات عن رقاب المسؤولين، ومدى أهميته في اعطاء صدمة ايجابية في مرحلة اقلاع الحكومة كي تفرمل الانهيار خصوصا اذا التزمت بالاصلاحات المطلوبة، تواصل “لبنان الكبير” مع عدد من النواب من مختلف الكتل.

واكيم: العقوبات للترهيب وتعليقها للترغيب

رأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم انه “كان من المتوقع تعليق العقوبات لأنها كانت بمثابة ضغط لتشكيل الحكومة، وفرنسا لها تأثير كبير في السياسة الاوروبية وهي راضية عن الرئيس ميقاتي ووعدته بالمساعدة. كل الناس يريدون مساعدة البلد وليس كما يسوق البعض اننا تحت الحصار”. وشدد على انه “على الحكومة البدء بالاصلاحات ووضع خطة انقاذية كاملة والتنسيق مع صندوق النقد الدولي، وما رفع العقوبات سوى تشجيع للسير في هذا المسار بمعنى ان كل خطوة جيدة من قبل الحكومة ستقابل بخطوات جيدة. العقوبات كانت في اطار الترهيب، وتعليقها يأتي في اطار الترغيب “.

واعتبر واكيم انه “اذا استمرت المحاصصة والتهريب على عينك يا تاجر، ولم يرفع الدعم، ولم تقر البطاقة التمويلية، وغيرها الكثير من الاصلاحات، ذلك يؤدي الى فرملة المساعدة”، لافتا الى ان “تصريح بوريل يعطي بارقة أمل وحتى الموقف الاميركي مشجع وداعم للبنان، لكن شرط السير بالاتجاه الصحيح وليس الاكتفاء بالوعود من دون خطوات واقعية على الارض”.

المرعبي: فوّتنا أكثر من فرصة للإصلاح

عضو “كتلة المستقبل” النائب طارق المرعبي، اعتبر ان “تعليق العقوبات وتسهيل التفاوض مع البنك الدولي، أمر ايجابي، ونتمنى الخير لبلدنا. الدول الاوروبية حليفة، وساعدت لبنان كثيرا”، مشيراً الى “اننا نؤمن ببلد بعيد عن الصراعات الدولية لأنه بلد صغير ولا قدرة له على المشاكل الكبرى”.

وتابع: “لطالما نادى المجتمع الاوروبي بالإصلاحات لمساعدة لبنان، وحين استقال الرئيس سعد الحريري كان لديه ورقة اصلاحية ممتازة مؤلفة من 20 بنداً، لو كتب لها التنفيذ لما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. نحن فوتنا أكثر من فرصة للاصلاح”، متمنياً ان “يكون الدافع الدولي لتشكيل الحكومة ايجابي وليس سلبيا على حساب مصلحة لبنان”.

درويش: الإصلاح أساس أعمال الحكومة

أشار عضو “كتلة الوسط المستقل” النائب علي درويش الى ان “تصريح بوريل عن تعليق العقوبات هو محط ثقة بالحكومة، ويلاقي رغبة الرئيس ميقاتي بمد اليد للجميع في الحالة الاستثنائية التي يمر بها البلد، وبالتالي مفترض من كل الغيورين على لبنان ان كانوا أشقاء أو أصدقاء ان يلاقوا الرئيس ميقاتي والمساعدة لأن الاستقرار في لبنان حاجة دولية واقليمية، وفي هذا الامر مصلحة للجميع”.

ولفت الى ان “فرنسا لعبت دوراً ايجابياً ومهماً في المرحلة السابقة، وتوجت الجهود بتشكيل الحكومة. الاتحاد الاوروبي يلعب دوراً في ضخ السيولة، وسيصل حوالى مليار و200 مليون دولار خلال فترة زمنية قصيرة بالاضافة الى عدة مبادرات من مؤسسات مانحة ان كان صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أوالاتحاد الاوروبي حيث ان هذه الصدمات الايجابية في ضخ السيولة، تساعد لبنان خاصة في مرحلة اقلاع الحكومة كي نفرمل الانهيار ثم ننتقل الى الخطط الاقتصادية الشاملة والبرامج الاصلاحية”.

إقرأ أيضاً: العقوبات الأوروبية على الطريق: طفح الكيّل

وعما اذا كانت الحكومة ستلتزم الاصلاح للحصول على المساعدة، أكد درويش ان “الاصلاح هو الجزء الاساس على جدول أعمال الحكومة، والآن وقت العمل والقرارات والاجراءات الكبيرة والتي بوشر العمل في جزء منها، ويبدأ العمل الفعلي بعد نيل الحكومة الثقة مع العلم ان هناك حلولاً فورية لبعض المشاكل اليومية”.

جمعة: كسر الحصار كسر معه معوقات التقدم

لم يشأ عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب أنور جمعة التحدث عن مسألة تعليق العقوبات، لكنه تساءل: “لماذا الدعم اليوم أتى ويأتي من كل دول العالم؟، وما لم يكن مسموحاً سابقاً أصبح مسموحا؟”، مؤكداً ان “عرقلة أي محاولة للخروج من الازمات ومنها التشكيل كان بهدف خنق البلد سياسيا واقتصاديا وماليا، وبالتالي معيشيا، لكن بعد كسر الحصار باستقدام بواخر المازوت، انكسر معه كل ما كان يعيق خروج لبنان من أزماته”.

ولفت الى انه “بالترتيب الزمني لا مكان للصدفة خصوصا اذا كانت المعطيات هي عينها التي كانت سائدة سابقا، ولم تؤد الى نتيجة”، معتبرا ان “المحور الضاغط على لبنان والذي ترأسه الولايات المتحدة الاميركية أصبح مضطراً للتعامل مع الواقع الجديد”.

شارك المقال