لم يعد صحن الفول “حبيب الشعب”!!

احمد ترو
احمد ترو

منذ أيام عدة، خلال مراسم التسلم والتسليم في الوزارات، أسهب الوزراء الجدد في سرد قصص العصافير والضفادع، لكن حبّذا لو أن أحدهم كان على علم بقصة “صحن الفول” الذي حُرم منه اللبناني الفقير.

“حبيب الشعب” أو “أكلة الفقير” هكذا كان يلقب طبق الفول، إذ لم يكن يتجاوز سعره الـ 3 آلاف ليرة، وهذا ما جعل منه طبقاً شعبياً مميزاً، طيب المذاق، قليل الكلفة. وكان محظوظاً من يقصد مطاعم الفول ويجد طاولة فارغة لتناول وجبته، فهذه المطاعم كانت تعج دائماً بالزبائن، لكن مع نشوب الأزمة الاقتصادية فقدت الألقاب بريقها، ولم يعد طبق الفول لكل اللبنانيين وبخاصة الفقراء، بل انحصر بميسوري الحال. فكيف لعامل يتقاضى 50 ألف ليرة في اليوم الواحد، أن يدفع 30 ألفاً ثمن فطوره “صحن فول أو سندويش فلافل”؟

عبر مروحة اتصالات وجولات أجراها “لبنان الكبير” على العديد من هذه المطاعم، تبين معه أن هناك أزمة حقيقية أصابت هذه المصلحة، فمطاعم الفول بعضها خال تماماً من الزبائن وبعضها الآخر شبه خالٍ.

 تراجع ملحوظ

يقول صاحب مطعم “صحن أبو ربيع” لـ”لبنان الكبير”: “بالتأكيد شهدت المصلحة تراجعاً ملحوظاً بعد تدني قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي، فكل البضاعة التي نستوردها ندفع ثمنها بالدولار، وهذه المصلحة مستلزماتها عديدة، فلا يمكنني أن أدفع ثمن قارورة الغاز 500 ألف ليرة، وثمن كيلو الفول 47 ألفاً والبندورة 10 آلاف… وأبيع صحن الفول بـ10آلاف”.

يضيف: “خسرنا معظم زبائننا خلال هذه الأزمة، وحال الناس وحالنا معدومة، وبالتالي تعبنا من الكلام الذي نكرره كل يوم وكل دقيقة. تعويلنا اليوم على ميسوري الحال، لأن العامل الفقير الذي يتقاضى يومياً 70 ألف ليرة لا يمكنه تناول طبق الفول بـ25 الفاً، فسندويش الفلافل سعره ما زال مقبولاً إذ لا يتجاوز الـ15 ألف ليرة في أرقى المطاعم”.

ما زال “حبيب الشعب”

ويشير صاحب أحد المطاعم في بيروت إلى أن “طبق الفول ما زال حبيب الشعب، والمواطن اللبناني بإمكانه دفع 25 ألف ليرة ثمن صحن الفول، و10 آلاف ليرة ثمن سندويش فلافل، وتالياً مشكلة المواطن اللبناني تكمن بثمن قارورة الغاز، وإيجار البيوت، وفواتير المولدات الكهربائية، وليست بصحن الفول، مشيرا إلى أن المصلحة بخير على الرغم من تأثرها بالأزمة”.

البلد غير قادر على احتواء الفقراء

حين سألنا أحد المواطنين هل ما زال طبق الفول “أكلة الفقراء”؟ رد: “لم يعد هناك أي شيء في هذا الوطن للفقير حتى منقوشة الزعتر بتنا نفكر بعد شرائنا لها”. ويضيف: “أنا موظف راتبي لا يتجاوز المليون ونصف المليون ليرة، في السابق كانت تكلفني سفرة الفول انا واولادي الخمسة 40 الف ليرة مع مقبلاتها، أما اليوم الـ40 ألف ليرة هي ثمن صحن فول واحد. هذا يعني أن البلد لم يعد قادراً على تحمل الفقراء ويوماً بعد يوم يؤكد رفضه لهذه الطبقة”.

شارك المقال