القاصرون في السجون… ضحية الأهل والقوانين

جنى غلاييني

سجن القاصرين ليس من نسج الخيال ولا مقتطفاً من فيلم هوليوودي، بل واقع نخشى تصديقه أو تخيّله. فكيف يعيش القاصرون في سجون لبنان؟ هل هم ضحية قانون لبناني عتيق؟ أم ضحية بلد لا يعرف تطبيق القانون؟

وفي هذا السياق، تفيد مصادر أمنية لـ”لبنان الكبير” بأنّ “القاصرين في سجن الأحداث لا يتعدون الـ102 من الذكور و10 من الإناث، مما يعني أنّهم يشكلون 1.7% من مجموع السجناء، وتتنوع التهم من الإقامة غير المشروعة إلى السرقة مرورا بالقتل وتعاطي المخدرات… وهؤلاء القاصرون لا يتعرّضون لعقوبات داخل السجن بل يتم تدريبهم على مهن مختلفة كالنجارة والحلاقة والميكانيك من مؤسسات مدنية إضافة الى تعليمهم القراءة والكتابة لمحو الأمية في مكتبة خاصة بهم”.

وتنفي هذه المصادر احتمالات وجود السجناء القاصرين مع السجناء الراشدين ضمن مكان واحد تتم فيه عملية تبادل المخدرات وغيرها، وتوضح أنّ سجن الأحداث ينقسم الى قسمين لا يلتقيان، الأول للقاصرين والثاني للراشدين. وتكشف هذه المصادر أنه يتم إعداد سجن نموذجي للسجناء القاصرين في منطقة الوروار.

في هذا الإطار، يشرح المحامي ربيع بركات أن “هناك آلية خاصة للسجناء القاصرين ولديهم ما يسمى بالظرف المخفف، مما يعني أنه إذا اقترف القاصر جريمة ما فالأفضل تحويله الى جهة إصلاحية لتهذيبه”. ويؤكد أنه “لا توجد مشكلة من الناحية التشريعية لأن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل مصادق عليها، والمشكلة تكمن في التطبيق”.

ويوضح: “النظام والقوانين في لبنان ليست سيئة ولا يجوز تحميلها المسؤولية، وهناك قضاة ومندوبو أحداث مؤهلون ويتعاملون مع القاصرين باحترافية، لكن المسار القضائي نظراً لكثرة الملفات يدوم لوقت طويل خصوصاً في الجرائم الجنائية التي تمتد عقوبتها لأكثر من 3 سنوات حتى الإعدام. وفي الجرائم الجنائية نواجه أيضاً مشكلة عدم فصل جرائم الأحداث عن جرائم البالغين، كما أنّ التحقيق يمتد لفترة طويلة فيصبح القاصر بالغاً وتتحول جريمته الى محاكم البالغين”.

ويلفت بركات إلى أنّ “في سجن رومية هناك مبنى الاحداث، وعند عدم توافر مكان للبالغين في السجن يضعونهم في المبنى عينه مع القاصرين مما يؤثّر سلباً فيهم إذ من الممكن حينها أن يتم تبادل الممنوعات بين السجناء. والقاصر بحاجة للاصلاح لا أن يجالس أشخاصاً فاقدي الأمل، لكن للأسف أيضاً في لبنان لدينا مشكلة الوسائل في التعاطي مع القاصرين في السجون”. ويستطرد: “إن غياب السلطة الأبوية أو العائلية عن القاصر تدفعه الى الانحراف ليكون مصيره السجن في نهاية المطاف”.

ويختم بركات: “هناك نقص في القدرة الاستيعابية لان السجون أصبحت متخمة وغير قادرة على استيعاب المزيد من السجناء، وجاءت أزمة اللاجئين السوريين لتزيد الطين بلّة بحيث لم يعد هناك أي إطار عائلي للقاصرين السوريين. هذا ليس اتّهاماً لأنه من الطبيعي أن يكون هناك جرائم في أي مجتمع، وإحصائياً إنّ زيادة معدلات الفقر تؤدّي الى زيادة الجرائم والى زيادة في أعداد السجناء القاصرين”.

 

في المقابل، يقول منسق الحالات في جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان منيب العاكوم أن “الاتحاد يعمل على مساندة القاصرين في السجن من خلال حضور الجلسات ومتابعة تنفيذ قرارات قضاة الأحداث وإجراء الزيارات المنزلية وإعداد التقارير الاجتماعية عن وضع الحدث خلال تنفيذ التدابير الغير مانعة للحرية ورفعها الى قضاء الأحداث ، كما وتم العمل خلال جائحة كورونا على حضور الجلسات في المحكمة و عبر مكالمة الفيديو بالتنسيق مع الاخصائية الاجتماعية في السجن، للتسريع في المحاكمات وصدور الأحكام والتدابير وتكليفنا بمتابعة التنفيذ، للمساعدة في التخفيف من الضغط النفسي الذي يعيشه القاصر وذويه”.

ويضيف أنه “تم تكليف محامي الاتحاد للدفاع عن العديد من الأحداث الذين لا يستطيعون تكليف محامي، وتقديم طلبات اخلاء السبيل. بالاضافة الى تأمين بعض الحاجات العينية لحماية الحدث والوقاية من إصابته أو انتقال أي عدوى بين القاصرين”.

ويشدد على ضرورة الاسراع في تجهيز وافتتاح سجن الاحداث ومعهد الاصلاح في الوروار، وتسليمه الى فريق عمل متعدد الاختصاصات يقوم بدوره في مجال التدخل مع الاحداث وتأهيلهم و وتدريبهم و تمكينهم ، تمهيداً لإعادة دمجهم في المجتمع.

ويختم أنّ الاتحاد يعمل على متابعة القاصرين في النظارات بالتنسيق مع رئيسة مصلحة الاحداث في وزارة العدل هلا بو سمرا لتسريع الاجراءات وطلبات إخلاء السبيل، ولعدم بقاء القاصرين في النظارات لفترات طويلة.

شارك المقال