بعلبك تحت سلطة “أصحاب المولّدات والطفّار”!

آية المصري
آية المصري

أزمة الكهرباء ليست وليدة اليوم، والتقنين أصبح من تراث لبنان الحديث، ومعظم المناطق اللبنانية تعاني شحَّ الكهرباء وانقطاعها بشكل مستمر أو شبه دائم.

لكن اليوم، مدينة بعلبك وجوارها تعاني أزمةً حقيقة وغير مسبوقة لم تشهدها من قبل، إذ باتت ساعة الكهرباء اليتيمة هي المُنقذة لإتمام كل ما هو مطلوب بأسرع وقت، فيما مناطق “الطفّار” لا تغيب عنها الكهرباء، ولا يذوق أبناء تلك المناطق طعم ساعات التقنين، وكل هذا بعلم الدولة وعلى عينك يا تاجر!

أما مدينة بعلبك، فأصبحت اليوم مهدّدة بالظلام الشامل، بخاصة بعد اجتماع أصحاب المولّدات والاتفاق في ما بينهم على إطفاء الموتيرات بشكل كلّي عن مختلف المناطق والأحياء. لماذا لجأوا إلى هذا الفعل؟ وماذا عن رأي بلدية بعلبك والجهات المعنيّة؟ وما رأي أهالي المدينة في ما آلت إليه الأمور؟

بلوق: لا يمكننا تحميل أصحاب الموتيرات الذنب

واعتبر رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق أنّ “أزمة الكهرباء لا تقتصر على المدينة، إنما تعانيها كل المناطق اللبنانية”، رافضاً تحميل أصحاب المولّدات الذنب كله، فـ”المصيبة واحدة وعلى الجميع، وأصحاب المولّدات كانوا يسعّرون الـ 5 أمبير بـ500 ألف ليرة، لكن اليوم، ومع ارتفاع أسعار المحروقات، لم يعد في إمكانهم إبقاء الأسعار كما هي، أي على الرخيص”.

ولفت بلوق إلى أنه “لا يحقّ لأصحاب الموتيرات إطفاءها هذا الأسبوع، وهم ملزمون بعدم التوقّف حتى آخر الشهر، ومن الطبيعي تخفيض ساعات التقنين لتصبح 7 ساعات، كلّ حسب إمكاناته، بدلاً من 10 ساعات. ويجب الشعور معهم لأنّ المحروقات في ارتفاع مستمر، والاتصالات مستمرة، ومن المُحتمل أن يصل اشتراك 5 أمبير إلى 850 ألف ليرة”.

وأكد بلوق أنهم يتواصلون معهم ومع ممثّلي “حزب الله” بهدف تأمين المازوت بأرخص الأسعار، “فلا أحد يملك القدرة على دفع سعر التنكة 240 ألف ليرة. هناك اجتماعات تُعقد بشكل دائم للبحث عن حلول منطقيّة، ولتأمين التدفئة للمواطنين خلال الشتاء. كل هذه الأمور تُبحث وتُدرس للتوصّل إلى الحلّ الأنسب ولمساعدة أهالي منطقة بعلبك والجوار”.

أهالي بعلبك عاجزون

وقال طبيب أسنان من مدينة بعلبك أنه لا يمكنه التأقلم أكثر مع هذا الوضع، فـ”الضغط النفسي لا يوصف، وحياة المرضى في معظم الأحيان على كف عفريت، لأنّ أحداً لا يعلم في أي دقيقة يقرّر صاحب المولد إطفاءه، وهنا تقع الكارثة لأنه أثناء القيام بأي عملية جراحية، من الصعب توقيف نزيف الدم إلا بواسطة أدوات تتطلّب كهرباء، ناهيك بأسعار الإيجارات التي ترتفع بشكل مستمر والمواد الأولية كلها تُباع بالفريش دولار”، وفي حال قرّروا إطفاء المولّدات، فسيتّجه إلى إقفال العيادة.

واعتبر طبيب آخر أنّ “أصحاب المولّدات والبلديات هم عصابة واحدة، فلم يعد هناك شيء يُدعى تقنيناً، وباتت الكهرباء تأتي وفق رغباتهم، علماً أنّ الاشتراكات مع حلول أول الشهر ترتفع أكثر”. وتابع أنه لم يعد يملك سوى حلّين: إما شراء موتير خاص به، وهذا سيكلّفه ما يقارب الألف دولار أو أكثر، أو إقفال العيادة والتوقّف عن العمل. وأوضح: “الوضع مأساوي في بعلبك، والجهات المعنيّة غير مكترثة، ولا تهمّها سوى مصالحها الخاصة. أما مصلحة أبناء المدينة، فليست ضمن أولوياتها”.

واعتبر محمد، صاحب مطعم ومقهى أنّ “الأوضاع لا تُحتمل، فالأمور من سيئ إلى أسوأ، واشتراكات المولّدات ليست بالمبالغ البسيطة. أما كهرباء الدولة فلا تأتي سوى ساعة واحدة في اليوم، وفي حال البقاء على هذه الوتيرة، فالحلّ الأنسب إقفال المحل والتوقّف عن العمل”.

واعتبرت كوثر صاحبة صالون تجميل، أنها لم تعد قادرة على تحمّل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فكل يوم أزمة جديدة تجبرها على رفع الأسعار بشكل مستمر، وفقدان زبائنها. وأضافت: “أما صاحب المولّد، فمع بداية كل شهر يرفع الأسعار، ومنذ يومين قرّروا إطفاء المولّدات هذا الأسبوع قبل ارتفاع الاسعار أكثر، فكيف سأتمكن من تسديد كل هذه الفواتير والاشتراكات؟ لا أعلم”.

هذه عيّنة صغيرة من حال الاستياء السائدة لدى أصحاب المهن الحرّة، ومن الواضح انهم باتوا عاجزين عن الاستمرار في ظل هذه الأوضاع ويفضّلون الإقفال. ومن المؤكد أنّ قصة بعلبك مع الكهرباء ستبقى قصة “إبريق الزيت”.

شارك المقال