العصائر في بعلبك إلى السوق السوداء!

آية المصري
آية المصري

تشتدّ وطأة الأزمة الاقتصادية والمعيشية يوماً بعد آخر، وتنتج عنها مئات الأزمات المتفرّعة التي تضرب معظم القطاعات الإنتاجية على أنواعها. عشرات المحلات التجارية تعلن إفلاسها وتوجّهها نحو الإغلاق التام، بينما تقوم محلات أخرى بالعديد من الإجراءات لضمان استمراريتها، على الرغم من الأوضاع التي تزداد سوءاً. ومن بين هذه المحلات، نرى مشكلات جديدة تواجه محلات العصائر في منطقة بعلبك. وبعدما كان الطلب عليها مرتفعاً، نرى اليوم جموداً كبيراً في هذا القطاع، إذ دخل سعر العصائر السوق السوداء. وإذا اشتهيت “كاسة” برتقال فستدفع ما يقارب الستين ألفاً! ما الذي حلَّ في هذا القطاع؟ ولماذا لجأ أصحاب هذه المحلات إلى رفع الأسعار بهذا الشكل؟ وكم أصبح يبلغ سعر هذه الأنواع في سوق الخضار والفاكهة بالجملة؟

الاستغناء عن العديد من الأصناف

واعتبر صاحب محل عصائر في بعلبك أنّ “الحال لم تعد كالسابق، والعصائر حُصرت بأنواع معيّنة لا تكلّف الكثير، إذ تم الاستغناء عن العديد من الفاكهة: الغوافة، المانغا، الأناناس، الأفوكادو، الرمان… والزبون الذي يرغب في تناول هذه الأنواع، عليه إحضارها معه إلى المحل لنعصرها أمامه، وذلك لسببين: الأول لارتفاع أسعارها، والثاني لعدم قدرتنا على شرائها، فهي تبقى لفترات طويلة في البرادات نتيجة الطلب القليل عليها، وهكذا يكون مصيرها الرمي، وتكون الخسارة أكبر علينا”.

صاحب محل عصائر آخر في سوق بعلبك، لفت إلى أنه “ورث هذا المحل وهذه المهنة أباً عن جد، وهذا ما يدفعه للاستمرارية في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السائدة. لكن في حال البقاء على الوتيرة عينها، فمن البديهي اللجوء إلى الإقفال”. وأشار إلى أنّ “الذي دفعه لرفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني، هي عوامل عدّة، من بينها إيجار المحل والعمال الذين استغنى عنهم نتيجة عجزه عن دفع رواتبهم، إضافة الى اشتراكات المياه والكهرباء بجانب اشتراك المولّد. وفي حال تعطّلت أي آلة، فيتوجب الدفع “فريش دولار” لإصلاحها. كل المبالغ التي تدخل هذا المحل تُحتسب بالقلم والورقة”.

وهنا نموذج عن الأسعار: كوب من البرتقال الطازج صغير الحجم 35 ألفاً. متوسّطة الحجم 50 ألفاً. كبيرة الحجم 60 ألفاً. كوب الجزر صغير الحجم: 30 ألفاً، متوسّط الحجم 45 ألفاً. كبير الحجم 55 ألفاً.

صاحب محل آخر في رأس العين، أكد أنه ألغى كل الأصناف التي تباع بأسعار مرتفعة، وأبقى على الكوكتيل نتيجة الطلب الكثير عليه. فمحله يمتاز بالكوكتيل الطازج، لكنه وضع شروطاً عدة، من بينها عدم التصفير عند سماع الأسعار، وعلى العاجز عن الشراء ألا يقصده وليلتزم منزله وليشرب الكثير من الماء. أما الشرط الثاني والأهم فهو إلغاء القشطة والعسل، والزبون الراغب في وضعها بكوبه ليجلبها معه. وسعر الكوكتيل بالحجم الوسط فيبلغ 90 ألفاً.

تاجر الجملة: انخفض الطلب على الكثير من الفاكهة

من جهة أخرى، أشار تاجر الجملة للخضار والفاكهة إلى أنّ “الأسعار وحجم المبيع اختلفا عن السنوات السابقة، وانحصر الطلب على أصناف معيّنة من الفاكهة، وبات أصحاب محلات العصائر يطلبون الكثير من البرتقال والتفاح والجزر. ويرغبون في أصناف الباب الثاني والثالث، ولا يفضّلون الباب الأول بحجة غلاء الأسعار”.

وتساءل: “لماذا ترتفع أسعارهم بهذا الشكل الجنوني، وهم يبيعون الأنواع التي ما زالت أسعارها مقبولة إلى حد ما؟ فالتفاح عبارة عن 3 أبواب: الأول واللبناني سعره 8 آلاف، الثاني 4 آلاف والثالث 2500، ويكثر الطلب على الصنف الأخير. أما البرتقال “أبو صرة” (نوعه) فموزّع بين بابين، الأول (الجيّد) يبلغ سعره 6 آلاف، والثاني 4 آلاف. في حين أنّ الجزر ليس بلدياً ويتم استيراده من مصر، والكيس الذي يضم 8 كلغ يباع بـ60 ألفاً، أي الكيلو الواحد يراوح ما بين 6 آلاف و8 آلاف حسب العرض والطلب”.

وأوضح: “بالنسبة للأنواع غالية الثمن كالأناناس، فقد انخفض الطلب عليها مقارنة بالسنوات السابقة ما يقارب 90%، وبالتالي أصبح المبيع من 5 إلى 10 % فقط. والمانغا غير موجودة في الأسواق اللبنانية، والمصري منها سعر كيلوغرامه يراوح ما بين 30 و40 ألفاً”.

من الواضح أنّ المواطن سيبقى تحت رحمة الدولة وأصحاب المصالح. فصحيح أنّ الأوضاع تزداد سوءاً، لكن طمعهم في الحصول على المزيد من الأموال والأرباح أكبر من ذلك بكثير.

شارك المقال