الغلاء… يغلي قهوة الإكسبرس!

آية المصري
آية المصري

انهيار تلو الانهيار، قطاعات انتاجية مهددة بالإفلاس او بالاقفال وارتفاع يوميّ بالأسعار نتيجة ارتباطها بدولار السوق السوداء، وكأن كل الشعب يملك الدولار. محلات تجارية تعاني الأمرّين بسبب انقطاع الكهرباء وارتفاع فاتورة المولدات. فماذا عن الاكسبرس والمحلات الصغيرة التي لم تتجاوز مدة وجودها في الأسواق سنة.

أسعار “الاكسبرس” او “ناولني”، المتواجدة على الطرقات وصلت إلى أرقام لم نكن نتوقعها يوما. فبعدما كان فنجان القهوة الصغير بـ500 ليرة، بات اليوم يتجاوز الـ10 آلاف. فما الذي دفعهم الى رفع الأسعار بهذه الطريقة؟ وما العوامل التي تؤثر سلبا في أصحاب هذا القطاع؟ وهل من إقفال قريب سنشهده؟

الأسعار تتغير يوميا

أشار بشير، صاحب اكسبرس في بعلبك، الى ان “الأوضاع اختلفت كثيرا هذا العام، وفي مقارنة بسيطة بين السابق والحاضر سنرى الفارق الكبير بالاسعار، إذ كان سعر فنجان القهوة 500 ليرة على اختلاف انواعه (سادة، سكر وسط…) واليوم بات فنجان السادة لدينا بـ4 آلاف والانواع الاخرى سعرها 5 آلاف. وكنا نصرف ما يقارب 3 كيلوغرامات من البنّ يوميا والآن كيلو البن يكفينا لمدة اسبوع كامل، وفي السابق كان سعره 12 ألفا وأصبح اليوم 142 الفا”.

والمشكلة الأكبر تتعلق بالكهرباء واشتراك المولدات، “فنحن بحاجة الى 10 أمبير كحد أدنى، فالشاب الذي يعمل بحاجة للتدفئة كهربائياً لان المازوت في ارتفاع مستمر ولم نعد قادرين على وضع صوبيا. والآلة التي نعمل عليها بحاجة الى 5 أمبير لإنتاج القهوة ومن الممكن ان تعمل هذه الآلة بواسطة الغاز لكن المصروف سيكون الضعف، ومع ارتفاع سعر الغاز لم نعد نلجأ لهذا الحل وأصبحنا ننتظر ساعات الاشتراك لنبيع القهوة للزبائن”.

ولفت بشير الى ان “فاتورة المولد بلغت هذا الشهر مليوني ليرة، وبالنسبة للاغراض الاخرى التي تباع الى جانب القهوة “للنقرشة” تشيبس وشوكولا وبسكويت على انواعها كان يبقى لفترة اسبوع في الفترة السابقة. اما اليوم فنحن نملك اغراضا منذ 3 اشهر ونسبة الطلب عليها قليلة جدا. اما الدخان فهنا المصيبة الكبرى إذ لم نعد نشتري انواعا كثيرة وتم حصر الطلب بنوع السيدرز لانه الارخص في السوق وربح الكروز كله لا يتجاوز 5 آلاف اي كل 10 علب من الدخان ربحها 5 آلاف، ولنفترض اننا بعنا علبة الدخان بـ20 الفا فالاسبوع المقبل سنشتري العلبة بـ 25 الفا، والخسارة باتت سيدة الموقف”.

صاحب اكسبرس آخر اعتبر ان “الاوضاع لم تعد تحتمل، وبعدما كان الاكسبرس مصدر ربح بات اليوم مصدر خسارة، واصبحنا نغير الاسعار يوميا. وسعر فنجان القهوة السادة تجاوز 8 آلاف نتيجة ارتفاع سعر كيلو البن، اما النيسكافيه فمع كل ارتفاع للدولار ترتفع اسعار البضاعة مما يجبرنا على رفعها ايضا والحليب والكوفي ميت والنيسكافيه وكل المواد الاخرى مصنفة ومسعرة في السوق السوداء والتاجر الاشطر ينصب عالزبائن هكذا اصبحت المعادلة”.

واكد صاحب محل جديد لبيع القهوة (Agora) أحمد حيدر انه “في ظل كل هذه الاوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة لن يتجه الى قرار الاغلاق قبل ان يُستنزف نهائيا، ومن البديهي ان نصل في نهاية المطاف الى نتيجة، اما اقفال كل البلد واعلان افلاسه أو التوصل الى معجزة. الاسعار في ارتفاع مستمر نتيجة الغلاء المستشري في البلد، كل شيء يتم شراؤه بالدولار ويباع بالليرة اللبنانية. وهذا طبعا يؤثر سلبا فهناك زبائن كانت تقصد المحل يوميا واصبحوا يأتون مرة او مرتين اسبوعيا، مع العلم اننا رفعنا الاسعار الفين او 5 آلاف على المشروبات متعددة المواد والنكهات”.

وأضاف حيدر: “الأزمة الاكبر التي تهددنا هي انقطاع الكهرباء وازمة المولدات، افتح المحل الساعة 6:30 صباحا والاشتراك يأتي الساعة العاشرة ويبقى لساعتين، ثم يعود الاشتراك الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر وأغلق المحل قبل منتصف الليل. وهنا تقع المشكلة، فالعمل كله بحاجة الى الكهرباء والماكينة تحتاج للكهرباء او للغاز كي تعمل وتصرف الكثير من الغاز، لكنني اضطر الى استخدامها من السادسة والنصف صباحا وبعد الظهر ايضا لخدمة الزبائن ومن جهة اخرى لتدفئة المحل”.

وتابع: “هناك العديد من الطلبيات التي ارفضها نتيجة انقطاع الكهرباء، ناهيك عن ايجار المحل الذي يتعدى المليوني ليرة، والعامل مليون ليرة، والغاز كحد ادنى مليون ونصف المليون شهريا اضافة الى التدفئة، والبضاعة تسعّر يوميا بسعر مختلف فسعر كيلو البنّ تجاوز 150 الفا. وفي حال خسارة اي غرض ليس بقدرتي شراء غيره”.

ربما هذا الواقع المرير لم يعد يستثني أحدا، وبات المواطن يتساوى مع غيره في الازمات وليس في الحقوق. الانهيار لن ينتهي سريعا والحل بيد السلطة التي لم تحقق اي انجاز حتى هذه اللحظة، القطاعات الانتاجية على مختلف انواعها تعاني الكثير الكثير وقدرة التحمل في تراجع مستمر.

شارك المقال