أسواق “البالة” للأغنياء والفقراء.. وماركات بـ2.5 دولارين فقط!

راما الجراح

واقع إجتماعي جديد تتلمسه في سوق “البالة” التي توسعت رقعتها في الآونة الأخيرة في مختلف المناطق اللبنانية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، إذ تجد فيها الغني الباحث عن “ماركة”، والفقير الذي يفتش عن ملابس له ولأولاده، والأحذية ذات الماركات الشهيرة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الثياب الأوروبية المستعملة نتيجة استيرادها بالدولار، إلا أنها تشهد تنافساً كبيرا وانتشاراً واسعاً، فأصبحنا نجد في كل حي من الأحياء الشعبية في بيروت أكثر من محلّين للبالة، وفي البقاع هناك انتشار كبير جدا إذ لا يقل عدد هذه المحلات عن 6 محال في كل بلدة بقاعية تقريباً.

ولأن البالة أصبحت تلبي حاجات المواطن اللبناني، صارت تشهد إقبالاً غير مسبوق عليها، وبين الملابس الجديدة والمستعملة، يفضّل قسم من اللبنانيين الأخيرة، لأنها تراعي إمكاناتهم، إضافة إلى أنها ذات نوعية جيدة، لمن يعرف كيف يختار. وتعود ظاهرة انتشار البالات في لبنان إلى ما قبل الحرب الأهلية عام 1975، ثم توسعت بشكل تدريجي في السنوات الماضية. وتصل البالات إلى الزبون بعد رحلة طويلة، تبدأ بمراكز بيع السلع المستعملة المنتجة في الدول الأوروبية غالبا، وتمر بمستوردي هذه السلع، لتصل إلى التجار في الأسواق، ومنهم إلى المستهلك.

وقال أحمد من صبرا، وهو من التجار الكبار في السوق اللبنانية، ان “الأزمة الإقتصادية أنعشت سوق البالات، فقطعة الثياب الجديدة يراوح سعرها ما بين 200 و300 ألف ليرة وبالتالي أصبح المواطن غير قادر على شرائها، أما أسعار الثياب المستعملة فتبدأ من 25 ألف ليرة، وهذه التجارة لا تموت وكل أسبوع أملأ محلي بالثياب “الجديدة”، وهناك إقبال كبير إذ اعتاد الزبائن على بضاعتي التي تستهدف جميع الفئات العمرية بأرخص الأسعار”.

كما أكد صاحب محل “بازار كسارة” في منطقة زحلة جُريُس عبد الغني لـ”لبنان الكبير” أن “هناك انتشارا كبيرا لمحلات البالة في ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها جميع اللبنانيين، ونحاول بيع بضاعتنا بربح قليل لمساعدة الناس بالأخص بعد ازدياد حركة الزبائن على سوق البالة في الفترة الأخيرة بهدف التوفير وشراء ما يلزمهم بأقل خسارة ممكنة، ويعتبر محل البالة اليوم من أهم المصالح التي يمكن أن يستثمر بها أي شخص في لبنان”.

وعن نية رفع الأسعار ومدى تأثير أزمة الدولار في هذا السوق، قال: “مما لا شك فيه أنه مع رفع تعرفة الجمارك على البضائع سترتفع الأسعار لكن بشكل طفيف لان الجمارك على بضاعة البالة أقل بكثير من تلك التي تستورد جديدة وبكميات كبيرة، لأن جمركها على القطعة بينما البالة عالكيلو، والمُريح في محل البالة الذي نملكه أننا نقوم بإستيراد نوعيات عدة من البضاعة الثقيلة إلى الخفيفة المقبولة بما يتناسب مع قدرة الناس على الشراء في هذه الأيام، والملفت أكثر أن أزمة الدولار وعدم الاستقرار يؤثران في صاحب المصلحة أكثر من الزبون، فـ”غلتنا” باللبناني، ونحاول دائماً تحمل أكثر من نصف الخسارة في ربحنا عند التلاعب بسعر الصرف كي لا نخسر الزبائن”.

كذلك الأمر بالنسبة لصاحب محل “Zaarour Outlet” أحمد زعرور من البقاع الغربي الذي رأى أن “محلات البالة باتت الحل الوحيد لغالبية الشعب اللبناني لشراء حاجاته، ونحن نقوم باستيراد البضاعة على” الربطة” بالكيلو، وهناك عدة ماركات بعضها مميزة ومذهلة تتدرج من السوبر كريم، إلى الكريم، باب أول، باب ثاني، وصولاً إلى الباب الثالث، ونحن نقوم بشراء بضاعة الكريم والباب الأول، لأن السوبر كريم يبلغ سعر الربطة منها حوالي 600 دولار، واليوم وقبل ان يتم رفع الجمارك رسمياً وبسبب التداول الذي حصل بين التجار ارتفعت الأسعار بشكل تلقائي وأصبحت القطعة الواحدة علينا بسعر 1.80 دولارا، ونبيعها بما بين 2 دولارين و2.5 تقريباً، وهذه الأسعار هي مع رفع سعر الجمارك ولن تزيد أكثر من ذلك ولا تزال مقبولة جداً حسب أسعار المحال التجارية الأخرى”.

وأكد زعرور أن “الإقبال كثيف جداً، وهناك حركة مميزة في محلنا وكل محلات البالة، وإذا أردنا المقارنة بيننا وبين محلات الثياب الجديدة، هناك محل ملابس نسائية مقابل محلي تماماً وسعر “البادي” النسائي الصيني عنده 110 آلاف ليرة بينما هي عينها و”براند” وبجودة أعلى بـ30 الف ليرة عندي، كذلك الأمر بالنسبة للقمصان الرجالية التي يتم بيعها في محلات الألبسة بـ20 دولارا فما فوق، أقوم ببيع قمصان منها وبماركات “polo” و”Tommy” و”lacoste” بـ2.5 دولارين فقط لا غير”.

إذاً هناك مفهوم خاطئ عند البعض حول ملابس البالة، وتبين أنها تتمتع بجودة عالية ويتم استيرادها من أهم البلاد الأوروبية والاميركية، وتحولت إلى ملجأ للأهالي الباحثين عن جودة “القطعة” بأسعار زهيدة، لاحتوائها موديلات مميزة غير متوفرة في السوق المعتادة، وبأسعار غير معتادة!

شارك المقال