الشوكولا “وجبة سعادة” تُحزن اللبناني

نور فياض
نور فياض

من منا لا يحب أن يُهدى علبة من الشوكولا؟

تعتبر الشوكولا وجبة السعادة لأناس كثيرين، ومن أكثر الأطعمة التي تشتهيها النفس لما تضفيه عليها من طاقة وإحساس بالمتعة. عادة نأكل الشوكولا عند الاحتفال بمناسبة سارّة، أو حينما نشعر بالحزن، ونقدمها لمن يهمنا أمرهم لنخبرهم بأننا نحبهم، أو أحياناً، لنخبرهم بأسفنا.

لكن الشوكولا الذي لا غنى عنه في مختلف الحالات والمناسبات، ركب موجة الغلاء، اذ ارتفع سعره بشكلٍ جنوني وأصبح صعب المنال، لذا كان الاستغناء عنه خيار الكثيرين.

وفي ظاهرة غير مألوفة باتت ألواح الشوكولا لا ترضى فراق الرفوف في المحال والسوبرماركت، فسعرها الغالي جعلها كالسياسي الذي لا يتنحى عن كرسيه حتى انتهاء مدة صلاحيته.

وتؤكد ميّادة ماجد المنجد صاحبة “مصنع رمسيس” لـ”لبنان الكبير”، أنّ “الأزمة الاقتصادية أثّرت كثيراً في جميع معامل الشوكولا بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن جرّاء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، وعدم توافر الكهرباء والمازوت، وحتى أجرة العامل لا يمكن تأمينها لذلك اضطرت غالبية الموظفين الى المغادرة.” وتضيف: “الحمد لله نحن نملك هذا المصنع لذلك نراعي أوضاع الزبائن، لكن أعان الله المستأجر الذي لا يزال صامداً حتى الآن ولكن الى متى؟!، فالمالكون ما زالوا لا يستطيعون تأمين لوازم الشوكولا من ربحهم ولو بقيمة قليلة نوعاً ما، لكن كيف سنواجه شجع التجار الذين لا يتعاملون الا بالدولار ويرفضون العملة اللبنانية؟. كل شخص همه نفسه ولا أحد ينظر الى الآخر، صحيح أن من حقهم التعامل بالطريقة التي تناسبهم لكن يجب مراعاة الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان القادر كالعادة على تخطّي أصعب الأزمات.”

وتعتبر المنجد أنه “في حال استمرت الأزمة وتفاقمت لا أحد سيبقى صامداً، اذ بدأنا نشهد اقفال العديد من المحال أبوابها. وبدورها الدولة لم تساعدنا يوماً، ومن البديهي أن تتجاهلنا في هذه المحنة.”

وتشير الى أن “العيش برفاهية أصبح من الماضي، فسعر كيلو الشوكولا يبدأ من 400 ألف وبالتالي لا اقبال على الشراء كالسابق، حين كان الزبون يقف في الصف منتظراً دوره لشراء الشوكولا لجميع أفراد العائلة. أما اليوم فالمواطن أصبح يشتريه بالغرام، وحتى الطبقة الميسورة قلّصت زياراتها للمعامل، وبات الشوكولا محصوراً نوعاً ما بالمغترب.”

وتوضح أن “قلة من المواطنين تشتري كمية من الشوكولا من المصنع لأولادها الصغار بقيمة 100 ألف ليرة، بدلاً من شراء لوح واحدٍ مستورد بـ20 أو 30 ألف ليرة، وهكذا يمكن تفادي الشوكولا المقلدة المتواجدة بكثرة في غالبية المتاجر ولا نكهة لها أو طعم”.

“حتى النوتيلا التي كنت أحشو بها حلوياتي أو آكلها مع الفريز والماشميلو أصبحت من الماضي، بعد ارتفاع سعرها. وكذلك تخليت عن الشوكولا المحلّي فالجيوب فارغة والقوت اليومي أصبح صعب المنال”. بهذه العبارات وصفت فاديا لـ”لبنان الكبير”، حالة استغنائها عن وجبة السعادة.

في هذا السياق، يؤكد كثيرون تخليهم عن الشوكولا واستبداله بحلويات منزلية أقل كلفة تزيّن صحونهم أمام الضيوف. وعلى الرغم من أنهم يعتبرونها شهيّة، لكنهم يفضّلون تنويع مائدتهم والتباهي بالكميّات المعروضة حتى لو كان المذاق مقبولاً وليس رائعاً.

في المقابل، يعتبر الآخرون أنّ للشوكولا مذاقاً خاصاً لا يمكن تشبيهه بشيء آخر حتى لو أصبح سعره خيالياً. فالنشوة والطاقة والحب لا تأتي الا عبر الشوكولا. صحيح أنّ المال لا يشتري السعادة، لكن الشوكولا تستطيع فعل ذلك. وفي بلد مثل لبنان لا نستطيع معرفة طعم الحب ولا حتى شراء السعادة.

شارك المقال