قطاع الذهب في دائرة الخطر… ومناشدات لانقاذه

تالا الحريري

الأزمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان، تأذى منها الكثير من القطاعات والتجار ولا سيما الناس، فبعدما كانت تتهافت على شراء الذهب في المناسبات السعيدة لتقديمه كهدية مميزة، باتت محال الذهب فارغة ولا يقصدها الا من أراد بيع ما يملكه. حتى الزواج الذي كان شراء الذهب فيه أساساً، بات يتخلّى عنه كلا الطرفين لأن “العين بصيرة واليد قصيرة”. فما من قطاع سلم من الأزمة، وجاء دور قطاع الذهب بعد تدهور الكثير من القطاعات، وصار في دائرة الخطر ولم يعد هناك حل سوى المناشدة لانقاذه.

كورديان لاعلان حالة طوارئ

أشار نقيب معلّمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان بوغوص كورديان، الى أن “وضعنا ضبابي نتيجة الضرر الكبير الذي لحق بنا بعد القرار الذي اتخذته دول الخليج، بحيث تراجعت القدرة الشرائية للذهب عند اللبنانيين”.

واذ أكد أن “خزان الأمان هم الحرفيون في لبنان”، شدد على وجوب “أن يكون هناك عمل جدّي وإعلان حالة طوارئ اقتصادية، صناعية، زراعية وسياحية”.

وطالب الحكومة بـ “أن تعمل على دعم قطاع الصناعات الصغرى للحرفيين والصناعيين من قبل صندوق النقد الدولي لما لقطاع الذهب من أهمية كبيرة وثروة وطنية تعزز الاقتصاد والصناعة في لبنان، والاسراع في معالجة الوضع مع الدول الصديقة التي كانت إلى جانب لبنان واللبنانين دائماً”. ودعا المؤسسات الدولية الى “مساعدة هذا القطاع المثمر والمهم للحفاظ على وجوده لأنه أصبح في دائرة الخطر، خصوصاً بعد المشكلات الاقتصادية التي عانى منها التجار في ظل ارتفاع الدولار، وهذا ما يهدّد مصالح الصناعيين والعائلات اللبنانية التي تعمل في هذا القطاع. فأصحاب هذه المهنة يعانون اليوم وجعاً كبيراً لجهة تصريف الإنتاج إلى الدول العربية والخليجية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية”.

وبعد محاولات عدّة للتواصل مع أصحاب محال الصاغة والمجوهرات والتجار، أكّدوا على معاناتهم بسبب تردّي سوق الذهب، وأنّ عملية البيع والشراء لم تعد كالسابق، لكن الجميع رفض التحدّث بشكل كامل والدخول في التفاصيل مع رفض إعطاء اسمه أو اسم المتجر.

المواطنون عاجزون

أمّا المواطنون فكان لهم الرأي نفسه، اذ ما عادوا قادرين على شراء الذهب بسبب ارتفاع سعره. وقال محمد ويبلغ من العمر 29 عاماً: “لم يعد باستطاعتنا شراء أي قطعة ذهب بسبب ارتفاع الدولار، فما كان يساوي 300 دولار أي 450 ألف ليرة لبنانية أصبح اليوم يساوي 6 ملايين ليرة لبنانية، وهذا أرخص شيء يمكن شراؤه”.

أضاف: “مثلاً أنا أواجه صعوبة لأنّني أريد أن أخطب، وراتبي لا يكفي للأساسيات حتى، فكيف أشتري ذهباً؟. اليوم أصبح الواحد منا يحتاج الى سنة وسنتين حتى يدّخر من راتبه لشراء ذهب فقط اذا أراد أن يخطب”.

أمّا وفاء وهي ربّة منزل، فباتت اليوم تبيع ما تملك من ذهب لتسهيل أمور عائلتها، وقالت: “أنا أملك الكثير من الذهب، فزوجي كان يشتريه لي دائماً حين كانت أحوال البلد جيّدة، وكلّما توافر معه المال. واليوم أصبحت أبيعها قطعة تلو الأخرى حتى أستطيع مساعدة زوجي في مصاريف البيت لأنّ راتبه ما عاد يكفي. حتّى أنّني كنت أخبّئ الذهب لأقدمه لابنتي عندما تكبر قليلاً”.

وتابعت: “أنا حزينة جدّاً على هذا الوضع الذي نعيشه، وصراحة لولا امتلاكي الذهب لما كنت تدبرت الأمر، فهو الوحيد الذي ساعدني على الوقوف بجانب زوجي، لكنني في كل مرة أتحسّر على خسارة ما أملك. الى متى سنبقى نبيع كل ما نملك لنعيش؟”.

شارك المقال