مستقبل الشباب مُعلق على أشرعة قوارب الهجرة

راما الجراح

أصبح معروفاً عن لبنان أنه البلد الذي يُصدر شبابه إلى دول العالم كافة بطريقة غير شرعية، وذلك مع اشتداد الأزمة الاقتصادية منذ العام ٢٠١٩، وعدم قدرة الشباب على إستكمال دراستهم من جهة، وإيجاد فرصة عمل مناسبة وبراتب يؤمن لهم أقله قوت يومهم على مدى شهر كامل من جهة أخرى. ونشرت “المؤسسة الدولية للمعلومات” تقريراً ذكرت فيه أن أعداد المهاجرين الذين تركوا لبنان بطريقة غير شرعية في العام ٢٠١٩ أي منذ بداية الأزمة تخطت الـ ٦٢ ألفاً. وأشار التقرير إلى أن غالبية المهاجرين هي من الشباب، خاصة من خريجي الجامعات، وأن الدافع الرئيس للهجرة هو البحث عن فرص عمل واستقرار في الخارج نظراً الى صعوبة الأوضاع الاقتصادية في لبنان.

وسيم، طالب جامعي من البقاع، فضّل مغادرة لبنان وترك إخوته وعائلته عبر قوارب الموت على أن يبقى في بلد “شحّدنا” بحسب تعبيره، وقال لـ”لبنان الكبير”: “ما الذي نتوقعه من بلد لا يستطيع شبابه إستكمال دراستهم بسبب الزيادة في الأقساط؟ وللأسف لا يوجد اختصاص هندسة في الجامعة اللبنانية في منطقتي مما سيضطرني للجوء إلى بيروت واستئجار منزل، وصرف تنكة بنزين بشكل يومي في حال أردت التنقل بسيارتي وقد أصبحت اليوم بسعر ٥٠٠ ألف ليرة لبنانية وما فوق، إضافة إلى أن راتبي الشهري من عملي في لبنان لا يتعدى المليون ونصف المليون فكيف سأستطيع بناء مستقبل ناجح وتأسيس عائلة من دون وجود مقومات العيش السليم؟”.

أضاف: “واجهنا صعوبات كبيرة في الهجرة عبر البحر، حيث انطلقنا من ميناء طرابلس إلى تركيا، ومن هناك انتقلنا إلى جزيرة في اليونان عبر قارب صغير، وبعدها قمت بحجز سرير في سفينة للذهاب إلى أثينا، وتنقلنا في قطار لساعات حتى وصلنا إلى غابة في هنغاريا، وهناك واجهنا صعوبات عدة لقلة الطعام، والسير المتواصل في الطقس البارد الذي أدى إلى اصابتنا بالحمى، وعندما وصلنا إلى حدود النمسا لم يعد لدينا نقود أبداً لتيسير أمورنا، ولم نشعر بالأمان الا حين دخلنا إلى ألمانيا”.

من جهته، روى رامي من طرابلس قصته مع طريق الهجرة غير الشرعي، فأوضح أنه “سافر إلى تركيا من مطار رفيق الحريري الدولي، وفي تركيا كان ينتظرنا شخص يستطيع اخراجنا من هناك عبر البحر، وبقينا حوالي ٦ أيام في عرض البحر داخل قارب من دون تواصل مع أحد، وعندما وصلنا إلى إيطاليا استقبلونا بطريقة جيدة ووضعونا في مستشفى جيد وغرف لائقة وتم تأمين طعام وملابس لنا، وبعد ١٥ يوماً انتقلنا إلى ألمانيا من دون أي مشكلة”.

ورأت الباحثة في علم الاجتماع أروى.ع أن “من الطبيعي أن نشهد هجرة غير شرعية لكثير من المواطنين من مختلف الجنسيات للوصول إلى الدولة التي يريدونها، بأقل كلفة ممكنة وفي وقت قصير بسبب الظروف الصعبة، وقد شهدنا في الفترة الأخيرة في مجتمعنا اللبناني أن الإحصاءات في القرى والمدن للعائلات الفقيرة تجاوزت نسبتها الـ ٨٠٪ للذين يحتاجون الى حصص غذائية بشكل شهري”، متوقعة “أن تزداد هذه الحالات مع الوقت إذا إستمر الوضع على حاله، وأقل ما نشهده من نتائج هي الهجرة الجماعية”.

شارك المقال