ألف تحية للأم اللبنانية… “بلا هدية”

جنى غلاييني

أن تكوني أماً يعني أن تكوني نور الحياة ورمز العطاء اللّامتناهي. وأن تكوني أماً لبنانية يعني أن تكوني بطلة عظيمة.

الأم اللبنانية التي تتحمّل أضعاف وأضعاف المسؤوليات لها منّا ألف تحية وألف شهادة تقدير ومحبّة الى ما لا نهاية لكونها المضحية والمجاهدة والمكافحة أمام كل الضغوط التي تمر بها.

عيد الأم يحل هذه السنة على لبنان حزيناً وفيه الكثير من الغصّة، وستكون طرق التعبير عنه وتفاصيل الاحتفال به مختلفة عن سابقاتها، بسبب الأزمة المالية التي تنسحب على جيوب اللبنانيين الذين حُرِموا حتى من شراء باقة وردٍ أو ربما وردة واحدة لأن أسعارها تكاد توازي الحد الأدنى للأجور.

وكانت العادة، في الحادي والعشرين من شهر آذار، أن يسارع الكبار والصغار الى البحث عن هدية تليق بصاحبة العيد، على الرغم من أن لا شيئ يفيها حقها، وباقة ورد تعبّر عن الحب الكبير لها، مع قالب حلوى يكتمل به الاحتفال لرسم البهجة على وجهها ويطيب خاطرها ويمتلئ قلبها فرحاً بأبنائها الذين تعبت على تربيتهم ليصبحوا أولاداً صالحين ومخلصين. أما اليوم وفي ظل ما تعكسه الأزمة من سلبيات وتفاوتٍ في الطبقات الاجتماعية وما تزيده من فقرٍ مدقّع، فقد أصبح اللبنانيون يلجأون الى البحث عن كلمات بسيطةٍ يهدونها الى أمهاتهم خجلين مما وصلت إليه أحوالهم.

فرحة ناقصة وهدية مفقودة

تؤكد سارة السبع ابنة الـ25 عاماً أنّ عيد الأم من أجمل الأعياد والأحب الى قلبها، لكنّها حزينة لأنّ المناسبة ستمر من دون أن تهدي والدتها هدية ولو صغيرة، فهي كما تقول تخرّجت من الجامعة ولا تعمل حاليّاً وليس لديها مال لشراء هدية مهما كان ثمنها زهيداً، “فالأسعار نار وأقلّ هدية تكلّف 200 ألف ليرة”.

أمّا أحمد سليمان الذي لا يزال طالباً في المدرسة، فاتّصل بأخيه المغترب منذ بضعة أشهر ليرسل له المال أو هدية حتى يهديها لأمه في عيدها، اذ لم يعد والده الذي كان يعطيهم ثمن الهدية قادراً على ذلك، فالأولويات والحاجات أصبحت كثيرة والمردود قليل.

هذه حال غالبية الناس التي لا تزال تعيش في لبنان، أمّا أؤلئك الذين هاجروا بحثاً عن لقمة العيش، فبات الاتكال عليهم مضاعفاً في ظل الأزمة الحالية، إذ أنّهم في كل مناسبة أو عيد يحاولون إرسال مبلغ معيّن يسندون به عائلتهم. ومن بين هؤلاء فادي قنبور الذي يعيش في ألمانيا ويحرص على إرسال هدية لائقة لوالدته حتّى لو كلّفته راتب شهرٍ كاملٍ لأنّه كما يقول “يكفيني أنّني أسبّب لأمّي لوعة وحسرة من الفراق، وكلما أتّصلت بها تبكي، فلا بأس إن أهديتها هدية تطيّب خاطرها ولو بشكل بسيط”.

ويتابع فادي الذي يفتقد حضن والدته وحنانها في الغربة: “عندما أشتري هدية وأرسلها الى والدتي وأعرف أنّها فرحت بها أشعر بالسعادة وكأنّني أراها أمامي وأغمرها. ومهما قدّمت لها يبقى عربون محبة لامرأة حبها هو الأكبر والأكثر إخلاصاً بين كل نساء العالم”.

شارك المقال