الموسيقى بين الّليبيرالية والخطوط الحمر العربية

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

يقول المؤلّف الموسيقي الايطالي فيروتشيو بوزوني إنّ “الموسيقى وُلدت حرّة، وقدرها أن تفوز بالحرّية”. ولكن كيف للموسيقى أن تفوز بالحرية وتنالها، وصانعوها غير أحرار؟

بالعودة الى تاريخ الموسيقى، وتحديداً الولادة المؤلمة للجازJazz ، في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، يمكننا ملاحظة أن الموسيقى خلقت حريّة عبر أشخاص سُلبت حرّيتهم.

فقد اتّجه المعتقلون، أصحاب البشرة السوداء آنذاك، الى خلق نوع موسيقي جديد لمساعدتهم على تحمّل ظروف الحياة والعمل الصعبة وحثّهم على التّحمل والاستمرار للتخلّص من نظام العبوديّة. وبهذه الطريقة وعلى مر السّنين، وُلد هذا النّوع الموسيقي الذي يحظى بشعبية عالميّة.

هذه المقاربة تأخذنا الى واقع عالمنا العربي.

تختلف أشكال القمع التي تمارس على الفن في العالم العربي. فيمكن أن يكون تحريماً، تقييداً أو مكافحة التجديد الموسيقي.

أنتجت ثورة الربيع العربي جيلاً جديداً من الفنانين والموسيقيين الذين استخدموا أعمالهم الفنية للتعبير عن الألم والأمل، ولانتقاد الحكّام والأنظمة.

لقد تمكنوا من خلال موسيقاهم من إيصال رسائلهم إلى الناس والوصول اليهم، وهذا ما استفز الحكّام وجعلهم يتصرفون بحزم تجاه هذا الفن.

اذاً، يجد بعض القادة العرب أن الموسيقى مهينة، لكن تصرفاتهم تجاه شعوبهم، طبيعية.

سوريا 2011

إبراهيم قشوع، صاحب نشيد “يلا ارحل يا بشار”، وُجد مقتولاً ومنزوع الحنجرة.

لبنان 2019

قامت الدّولة اللّبنانية في عهد الرئيس ميشال عون، بوقف حفلة “مشروع ليلى” ومنع أعضاء الفرقة من الغناء بعدما ألفوا أغنية ساخرة تنتقد المجتمع والدين. وكانت حجّة الدّولة منع سفك الدماء بين الشعب و”حفاظاً على الأمن والاستقرار”.

مصر 2019

واجهت الفنانة شيرين عبد الوهاب اتهاماً بإهانة مصر بعد انتشار مقطع فيديو لها من حفلها في البحرين تمازح فيه جمهورها قائلة: “هنا يمكنني التحدث عن مواضيع سياسية ولكن في مصر يمكن أن يسجنوني”.

اليمن 2021

حظر الحوثيون الأغاني في المناسبات الاجتماعية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بناء على قواعد دينية تجرّم الفن.

وبالحديث عن الجماعات الاسلامية المتطرفة، فانها تستخدم الموسيقى وبعض الأغاني لغسل دماغ الناس وجعلهم يرغبون في الانضمام إليها. لذا فإن الموسيقى بالنسبة اليها هي وسيلة للتعبير عن النفس.

اذاً، الموسيقى ليبرالية، حرّة ولكن، عند العرب، لا تمسّوا بالزعماء أو الأنظمة.

شارك المقال