إفطار رمضان خال من الألوان بلا “فتوش”!

راما الجراح

سُفرة رمضان خالية من الألوان، والسبب جشع التُجار واستغلالهم الظروف والمناسبات وحاجة الناس الى تناول الخضار في شهر الصيام ليرفعوا أسعارها إلى مستوى لم يشهده لبنان من قبل. وبين حجج التُجار، والاستيراد من الخارج، يبقى المستهلك هو الضحية، حتى ودّع كثير من الصائمين “الفتوش” في رمضان، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فقد يزور موائدنا كل سنة مرّة!.

حاول “لبنان الكبير” التواصل مع عدد من أصحاب محال الخضار، ولكن غالبيتهم رفضت تحمل مسؤولية هذا الارتفاع، معتبرة أنها كسواها من عامة الناس تعاني المشكلة نفسها، وأزمة الدولار “خربت” بيوت الكثيرين، وصار ربحهم زهيدا جداً.

إلا أن علي شداد وهو صاحب محل للخضار والفاكهة في منطقة البقاع الأوسط شرح أكثر عن السبب الذي يدفعهم كتجار إلى رفع أسعار الخضار بشكل مخيف، وقال: “إن الطقس البارد الذي واجهه لبنان والعواصف الثلجية المتتالية أثٍرت بشكل كبير على المواسم وبالأخص الحشائش أي الزعتر، النعنع، الخس، البقدونس وغيرها، ولا سيما في منطقة البقاع وشمال لبنان، حتى أن البيوت البلاستيكية التي كانت وسيلة لحماية المواسم والافادة منها بعد فصل الشتاء تمزقت وتهدمت بفعل الرياح القوية، ومن هذا المنطلق تأخرت المواسم في البقاع والشمال واضطررنا إلى استيرادها من سوريا بشكل خاص بأسعار غالية نوعا ما”.

واعتبر شداد أن “هناك مبالغة كبيرة عند بائعي الخضار في زيادة الأسعار، فليس معقولا أن يصل ثمن باقة الزعتر إلى ٣٠ ألف ليرة لبنانية ونستطيع بيعها بسعر أقل بكثير ويكون لنا ربح فيها، فهذا يُعد استغلالا وجشعا، والأسعار تختلف بين محل واخر وبحسب المناطق، بما معناه أن هناك فلتانا كبيرا في تحديد أسعار الخضار الأمر الذي يجبُر كثيرا من العائلات على الاستغناء عنها على الرغم من فائدتها للجسم وخاصة في شهر الصيام”.

وأشار مسؤول عن أحد الاسواق الشعبية الى أن “أسعار الخضار الخيالية يمكننا بشكل أو بآخر السيطرة عليها والضغط بشكل كبير على التُجار في ذلك، من خلال مقاطعة على سبيل المثال بافة الزعتر فقط على مدى أسبوع وعدم شرائها عندها سنراها في السوق ب ١٣ ألفا بدل ٣٠ ألفا، وفي كل أسبوع اذا تمت مقاطعة صنف معين من الخضار نستطيع أن نصل إلى آخر شهر رمضان بوجود طبق الفتوش على سفرتنا بشكل شبه يومي ولو لم يكن كاملاً ولكن أحسن من بلاه”!

أضاف: “من ناحية أخرى هناك أمر لا يمكن غض النظر عنه وهو عملية انتقال البضاعة من المزارع إلى سوق الجملة فسوق المفرق، اذ يشتري تاجر الجملة البضاعة من المزارع ويزيد عليها نسبة أرباحه وهي 10%، ليعود ويبيعها الى تاجر جملة آخر وهو الذي سيوصل البضاعة الى بيروت فيزيد هذا التاجر نسبة أرباحه أيضا، وتكلفة تحميل البضاعة والبنزين لتوصيلها الى بيروت وهي 10%، لتعود المتاجر الكبرى وتبيع البضاعة بالمفرق وبسعر اغلى بكثير لتحقيق نسبة ربح تتخطى الـ30%، ولا يمكننا لوم تاجر المفرق فهو يتكبد تكاليف عمال وكهرباء وتلف بعض الفاكهة والخضار!”.

وأكد عدد من السيدات صعوبة تحضير طبق الفتوش المتنوع في المنزل، بحيث اضطررن إلى إستبداله بطبق أسهل وأوفر، مثل سلطة الخس مع الحامض، أو سلطة بندورة وخيار مع نعنع يابس، على أن يتم تحديد يوم في الأسبوع لطبق الفتوش الكامل، وبهذه الطريقة لا يُحرم أحد من فوائده في فترة الصيام تحديداً.

يُذكر أن أسعار الخضار التي يحتاجها صحن الفتوش بشكل خاص تراوحت في الفترة الأخيرة بين ٢٥ ألف ليرة للخسة الواحدة، ٤٢ ألفا كيلو فليفلة حلوة، ٣٠ ألفا كيلو البندورة، ٤٠ ألفا للخيار، ٣٠ ألفا باقة الزعتر، ١٣ ألفا لباقة النعنع والفجل، ما عدا الملح والحامض والخل لتصبح تكلفته تتجاوز ال ٢٥٠ ألف ليرة، وذلك وفقاً للاحصاءات التي نشرتها “الدولية للمعلومات” اذ ذكرت أن تكلفة صحن الفتوش للفرد الواحد لا يقل عن ٥٠ ألف ليرة. إذاً نحن مُقبلون على كارثة غذائية يمكن أن تصيب أكثر من ٦٠٪ من الشعب اللبناني ما لم تتبلور الأمور وتنخفض الأسعار و”الله يستر”!

شارك المقال