الأمن العام: الناس عم تموت جوع بلبنان وأنت بدك تتعلم برا!

راما الجراح

في حين يُعَدّ الحصول على جواز سفر حقاً مكرّساً للمواطن في الدستور اللبناني، يتعذر اليوم اصداره. وقد برزت قضية جوازات السفر إلى الواجهة بعد فلتان سعر الدولار، وغلاء المحروقات والمواد الغذائية، وغيرها من المشكلات التي لا حل قريباً لها، واتبع الأمن العام عدة طرق لتسهيل الأمور ولكنه وصل في النهاية إلى طريق مسدود، وحُكِم على اللبنانيين بالسجن حتى إشعار آخر!

وأدى تهافت عدد كبير من المواطنين على مراكز الأمن العام للحصول على جوازات سفر، الى استحداث الأمن العام منصّة الكترونية خاصة لتنظيم هذه العملية، لكنّ الضغط الكبير استوجب منه إعلان وقف العمل بهذه المنصة المعتمدة لتقديم اللبنانيين طلبات الحصول على جوازات السفر وتحديد مواعيدها، بعدما شارف مخزون جوازات السفر الموجود لديه على النفاد، فيما لم تموّل عملية الحصول على جوازات جديدة.

عند كل أزمة نسأل أنفسنا عن الضحية، والجواب لم يتغير: المواطن!. فما ذنب محمد مريدن، البالغ من العمر ١٩ سنة، وهو طالب كيمياء سنة ثانية في الجامعة الأميركية في بيروت، من بلدة القرعون – البقاع الغربي، كي يُحرم من استكمال دراسته في قطر بعد فوزه بمنحة كاملة؟

يروي الطالب مريدن قصته لـ”لبنان الكبير”، ويقول: “تزامن وقت المنحة مع موعد الباسبور، بعدما أقدمتُ ووالدتي على حجز موعد نظامي في ٤ آذار ٢٠٢٢ لتقديم طلب جواز سفر للذهاب الى تركيا بحكم عمل أمي، وحجزنا التذاكر لمدة شهر و ٦ أيام، وعند وصولنا الى الأمن العام على الموعد كانت الكهرباء مقطوعة، فتم تحويلنا بصورة تلقائية الى مشغرة، وهناك قال لي الضابط بما أن التذكرة لشهر و ٦ أيام، عُد بعد ٦ أيام وبعملك الباسبور! عندها تمنيت عليه أن يقوم بتيسير أموري وخاصة أنني طلبت إجازة من جامعتي في بيروت، والطريق كانت صعبة بسبب الثلوج حتى اَتي لترتيب أمور الباسبور، ولكن هذا لم ينفع، وأصرّ على العودة بعد ٦ ايام مؤكداً أن لا مشكلة في كل الأوراق التي قدمتها والحجوزات صحيحة وكل الأمور قانونية وتكرم عينك!”.

ويضيف: “بعد مرور ٦ أيام، عدت إلى مشغرة في الموعد المحدد، لكن الضابط نفسه اعتذر مني قائلاً: موعدك راح! من دون أي مبرر أو سبب واضح. ولسوء حظي، بعد ثلاثة أيام تقريباً من هذه الحادثة، وصلتني رسالة من الجامعة أنه تم اختياري من بين عدد من الأشخاص المتفوقين لأخذ المنحة القطرية، بحكم أنني دخلتُ إلى الجامعة الأميركية في بيروت ضمن منحة الـUSAID student الكاملة. ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول ترتيب موضوع الباسبور، وحاولنا بكل جهدنا قبل موعد الانتخابات ولكن الأمور لم تمُر بالصورة الصحيحة، حتى أنني ذهبت مره أخرى إلى الضابط، لكنه رفض بحجة أنه كان لدي موعد وراح!”.

ويتابع مريدن: “بعد كل هذه الخطوات قمت بالاتصال على ١٧١٧، الخط الساخن للأمن العام، بعد الانتخابات بيومين، وحين عرفتهم بنفسي وأخبرتهم بقصتي كان الجواب: الناس عم تموت بلبنان من الجوع وانت بدك تطلع تتعلم برا!. عندها قمت بإغلاق الخط مباشرة لأن الاتصال مسجل وليس من مصلحتي الدخول في أي سجال معهم تخوفاً من أي ردة فعل سلبية تضر بي. ثم قمت بالتواصل مع مكتب المنحة القطرية، الذي زودني أوراقاً رسمية مفصلة عن المنحة وشروطها وماذا تغطي، ولكنه لا يستطيع مساعدتي أكثر من ذلك”.

ويختم حديثه مناشداً جميع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين وعلى رأسهم اللواء عباس إبراهيم “أن يعتبروني ابنهم ويساعدوني على إصدار جواز سفر”، طالباً من اللواء ابراهيم “الذي تعاطف مع عدد من الطلاب الذين واجهوا المشكلة التي أواجهها اليوم وقدّم استثناءات لهم، أن يتعاطف معي ويسهل طريقي لأنه من الظلم أن ندرس ونتعب وعندما تأتينا الفرصة الذهبية يكون العائق تأمين جواز السفر!”.

وأكد مصدر أمني لـ”لبنان الكبير” أنه “لا يزال من المستحيل إصدار أي جواز سفر اليوم، وكل ما يشاع عن تسهيلات أو انفراجات مجرد كلام لم يُترجم بعد على أرض الواقع، وهناك بعض التمريرات لمن سبق وسجّل على المنصة فقط”.

شارك المقال