“دوستارليماب” الدواء المعجزة للسرطان… بروباغندا إعلامية؟

تالا الحريري

يعد مرض السرطان من الأمراض المستعصية الأكثر تعقيداً، كما أنّ ضحاياه كثيرة، فلا علاج جذرياً له ونسبة النجاة منه في غالبية الحالات ضئيلة. عندما يصاب الانسان بالسرطان يبدأ جسمه بالتآكل شيئاً فشيئاً، فيما العلاج الكيميائي والأدوية تحاول تخفيف سرعة إنتشاره لكنّها في الجانب الآخر تضعف مناعة الجسم ليصبح هزيلاً. ويعود إكتشاف هذا المرض إلى آلاف السنين لكن على الرغم من التجارب السريرية المستمرة والتجارب على الحيوانات لا تزال العقاقير غير كافية للقضاء عليه.

إنتشرت الشائعات سابقاً وبصورة مستمرة عن إكتشاف علاج جذري للسرطان، وحالياً كشف عن دراسة جديدة حول نتائج واعدة لعقار في علاج سرطان المستقيم، في نتيجة وصفت بأنها “المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ السرطان”.

أجريت الدراسة في الولايات المتحدة، ونشرت في مجلة “نيو إنغلاند للطب” (The New England Journal of Medicine)، ووجدت أن كل مريض عولج في التجربة قد شفي من سرطان المستقيم. نقل الدراسة موقع Science Alert و NBC New York والاسم العلمي لهذا العقار هو “دوستارليماب” (Dostarlimab)، ويباع تحت الاسم التجاري جمبرلي (Jemperli).

“دوستارليماب” علاج مناعي يستخدم في علاج سرطان بطانة الرحم، ولكن هذه كانت أول دراسة تبحث في إذا ما كان فاعلاً أيضاً في معالجة أورام سرطان المستقيم. وتشير النتائج المبكرة التي أبلغ عنها حتى الآن إلى أن “دوستارليماب” فاعل بصورة مدهشة، وقال عالم الأورام لويس دياز جونيور – من “مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان”، وهو المؤلف الرئيس للدراسة عن النتائج: “أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في تاريخ السرطان”.

بينما قال اختصاصي الدم والأورام في شيكاغو الدكتور باسل الأتاسي، وهو يحمل البورد الأميركي في الأمراض الباطنية إضافة إلى تخصصه في كل من الدم والأورام: “هذه ما زالت دراسة في أولى مراحلها؛ كلما زاد حجم عينة الدراسة وزادت فترة المتابعة، ظهرت النتائج بشكل أوضح. الجدير بالذكر أن هذا الدواء جديد وليس موجوداً في كل الدول، ويمكن الاستعاضة عنه بأدوية مناعية أخرى لها آلية العمل نفسها وتفي بالغرض نفسه، مثل دواء “بيمبروليزوماب” (Pembrolizumab).

وأوضح أن “دراسات كثيرة الآن تدرس إعطاء الدواء لمرضى آخرين غير المستقيم والرحم، ويصل سعره في أميركا إلى أكثر من 10 آلاف دولار للجرعة الواحدة”.

أعطي المرضى دواء “دوستارليماب” كل 3 أسابيع لمدة 6 أشهر، مع العلاج الكيميائي الإشعاعي القياسي والجراحة المزمع اتباعها في حالة عودة الأورام. وبعد 6 أشهر من المتابعة، أظهر جميع المرضى الـ14 في التجربة “استجابة سريرية كاملة”، مع عدم وجود أورام يمكن رؤيتها عبر فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، ومسح التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، والتنظير الداخلي، والخزعة، من بين اختبارات أخرى. وعانى نحو ثلاثة أرباع المرضى آثاراً جانبية خفيفة أو معتدلة، بما في ذلك الطفح الجلدي، والحكة، والتعب، والغثيان، ولكن لم يشهد أي منهم حتى الآن نمواً جديداً في السرطان، إذ كان متوسط ​​المتابعة عاماً واحداً، وبعض المرضى ظلوا خالين من السرطان لمدة عامين.

جرداي: لا علاج جذرياً حتى الآن

إنطلاقاً من ذلك، أكد طبيب الأورام السرطانية الدكتور أسامة جرداي لـ”لبنان الكبير” أنّ “هناك الكثير من الأدوية أُقيمت عليها دراسات وأثبتت فاعليتها تجاه محاربة السرطان ولكن لا يوجد علاج حتى الآن يقضي عليه فهو ليس مرضاً واحداً، وفي سرطان الرئة مثلاً هناك 15 نوعاً آخر”.

وأشار إلى امكان “أن يكون هناك علاج يعطي نتيجة أفضل مما قبله، لكن لا ينهي السرطان. وحتى الآن لا يمكننا أن نجزم بأن هناك دواء أو علاجاً يقضي تماماً على السرطان، بل هناك أدوية تحسن النتائج فقط. الاعلام يقوم كل فترة بإظهار هذه الأخبار عن علاج جذري مدى الحياة ونحن لا نريد أن نلحق ذلك”.

وعن إمكان أن يحل أي دواء مكان العلاج الكيميائي، قال جرداي: “كل الأدوية الحديثة هي أدوية مناعية يمكن الاستعاضة فيها عن الكيميائي، لكن هذه الأدوية مقطوعة في لبنان أساساً”.

أمّا بالنسبة الى سعر جرعة “دوستارليماب” الخيالي، فاعتبر جرادي أنّ “هذا طبيعي وهناك أكثر من دواء وجرعة بهذا السعر”.

شارك المقال