موسم الحرائق… لبنان أمام خسائر بيئية ضخمة

تالا الحريري

يشهد لبنان في هذا الوقت من السنة تزايداً في الحرائق البيئية، نتيجة درجة الحرارة العالية التي تصل أحياناً إلى 40 درجة مئوية. ففي السنة الماضية طالت الحرائق جميع المناطق اللبنانية واستمرت أحياناً لأيام متتالية، وبلغ عددها أكثر من 90 حريقاً في غضون 48 ساعة ما أدّى الى خسائر فادحة في المساحات الخضراء، التي تبلغ حوالي 3660 مليون متر مربع أي 35% من مساحة لبنان. ووصل مجموع خسائرالمساحات الخضراء في الأعوام الـ15 الأخيرة إلى 360 مليون متر مربع أي ما يشكل 9.8% من المساحة الخضراء.

بالعودة الى العام 2019، شهد لبنان سلسلة حرائق كبيرة، امتدت على كامل أراضيه، وتمت الاستعانة حينها بطوافات من قبرص، للمساعدة في عمليات الاطفاء، بسبب المشكلات اللوجيستية التي يعاني منها الدفاع المدني كنقص التجهيزات والمعدات أو المتطوعين إضافةً إلى التكاليف المالية للصيانة والمازوت.

وفي العام 2021، تكرر المشهد نفسه، بحيث اندلعت أواخر تموز، موجة حرائق كبيرة ضربت غابات عكار شمال لبنان، واستمرت لأيام بعد خروجها عن السيطرة، اضافة الى الحرائق التي طالت مرج بسري في الجنوب ودير القمر في الشوف والعديد من المناطق الأخرى.

ونجمت عن هذه الحرائق خسارة مساحات كبيرة من الأشجار المعمرة كالصنوبر واللزاب والسنديان والزيتون وغيرها، ونفوق عدد من الحيوانات والطيور التي تعيش ضمن الغابات والأحراج، وتغير المناخ بحيث أصبح أكثر صحراوية، واحتراق التربة وكل مكوناتها البيولوجية كالبكتيريا، إذ أصبحت ضعيفة وغير متماسكة، فضلاً عن الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بمحاصيل المزارعين ومواشيهم.

الظروف المناخية تتسبب بحرائق كارثية

رئيس “الحركة البيئية اللبنانية” بول أبي راشد أوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “أسباب الحرائق متعددة ولكن إذا كانت الظروف المناخية مؤاتية، فنحن أمام حرائق كارثية، كإرتفاع الحرارة والرياح والجفاف. عندها تكفي زرزورة سيجارة أو شرارة حريق أعشاب يابسة أو حريق نفايات للتسبب بالحريق وتمدد النيران إلى المساحات الخضراء المجاورة”.

وبما أنّ لبنان يعاني أساساً من تلوث بيئي أشار أبي راشد إلى أنّ “الحرائق سوف تضيف إلى التلوث الناتج عن الدخان، خسارة الأشجار التي تلعب دوراً أساسياً في إمتصاص الكربون والملوثات”.

أما تجنب إندلاع الحرائق أو الحماية من تمددها حسب أبي راشد فمن خلال “المراقبة المنظمة والتدخل السريع للمتطوعين إلى حين وصول الدفاع المدني”، مشدداً على وجوب “منع المفرقعات قرب المساحات الخضراء ومنع حرق الأعشاب اليابسة من المزارعين ومنع إشعال النار من المتنزهين. ويمكن للجمعيات المشاركة في أعمال صيانة الطرق الزراعية ليتمكن الدفاع المدني من الوصول إلى النار. إضافةً إلى ذلك، يجب التدرب على كيفية إخماد حريق”.

مكافحة الحرائق تفوق قدرة لبنان

وكان مدير برنامج “الأراضي والموارد الطبيعية” في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند جورج متري، أعلن أنّ “نسبة الحرائق زادت في السنوات الثلاث الأخيرة بشكل كبير، والمعدل السنوي للحرائق هو ألف هكتار. فعام 2019، احترق 3000 هكتار في لبنان من الغابات والمساحات الخضراء، أي 3 مرات أكثر من المعدل السنوي، وعام 2020 احترق 7000 هكتار، أي 7 مرات أعلى من المعدل السنوي. وحتى أواخر تموز 2021، اشتعل أكثر من 1200 هكتار، علماً أن المعدل آنذاك كان يصل الى 300 هكتار، إلا أننا تخطيناه بأشواط حتى اليوم”.

وأشار في حديث إلى أنّ “الكثير من الغابات المحترقة لا يستطيع الإنبات بشكل طبيعي بعد الحريق (تجديد نفسها)، خاصة أشجار الأرز والشوح واللزاب، أي أن خسارتها تصبح دائمة. أمّا غابات الصنوبر البري فلديها إمكانية الإنبات الطبيعي، ما عدا في حالات معينة (إن كانت النيران شديدة أو بسبب طول فترات الجفاف بعد الحريق أو غيرها)”. وأكد أن “عملية مكافحة الحرائق مكلفة جداً، وتفوق قدرات لبنان المالية، أما عملية الوقاية فتكلفتها متدنية”.

شارك المقال