القطاع العقاري الى تراجع… وشراء بيت حلم يتبخر؟

جنى غلاييني

لا يزال المواطن اللبناني ينظر إلى العقار كملاذ آمن له ولأسرته، وقبل سنتين أي قبل تسارع الأحداث الاقتصادية والسياسية في البلد، لم يكن شراء العقارات متاحاً لجميع اللبنانيين بحيث كان من حصة الوافدين والمتموّلين، بينما صاحب الدخل المتوسط والمنخفض كان عليه الانتظار إما للحصول على قرض من بنك الإسكان أو الاقتراض من البنوك الخاصة بفائدة عالية أو السفر للعمل في الخارج،. واليوم مع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، تراجعت الأسعار في سوق العقارات وانخفضت معها أسعار الشقق في كل المناطق، ففي العاصمة بيروت على سبيل المثال انخفض سعر عقار صغير في مناطق شعبية من 150 ألف دولار إلى حوالي 60 ألفاً.

وعلى الرغم من ذلك، تراجعت حركة البيع والشراء في سوق العقارات خاصة وأن معظم اللبنانيين لا يملكون الدولار نقداً لشراء عقار على الرغم من انخفاض الأسعار أكثر من 50 في المائة، وفي حال كان الدولار متوافراً لدى اللبنانيين فانهم يحتفظون به تحسباً لأي مفاجأة قد تحدث في البلاد، وهم يسيرون حسب المثل القائل “خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود”.

يؤكّد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في ​لبنان​ وليد موسى لـ”لبنان الكبير” أن “واقع القطاع العقاري ضعيف جدّاً، فالعمليات العقارية خفيفة وغالبية من يقدمون على الشراء تنقسم بين مقيمين في لبنان وأموالهم في الخارج أو مغتربين يملكون الدولار النقدي. والقروض السكنية التي أعاد مصرف الاسكان منحها لا تتخطى قيمتها الـ 33 ألف دولار، ويشترط لمنح القرض أن تكون الشقة في البلدات والقرى والمناطق النائية وليس في العاصمة والمدن، لذا فقيمة هذا القرض تصلح لأعمال الترميم، أو يكون مبلغاً زائداً على ما يمتلكه لشراء شقة في الأرياف يفوق سعرها الـ33 ألف دولار”.

ويشدّد على أن “تلك القروض السكنية لا تؤثّر نهائياً في القطاع العقاري، الذي على الرغم من انخفاض أسعار العقارات لا يزال في تراجع، والدليل التراجع الكبير في شراء الشقق السكنية على الأراضي اللبنانية كافة، وذلك يعني أنه لن يكون هناك من تطوير عقاري في لبنان خلال السّنوات المقبلة بسبب عدم مواكبة القدرة الشّرائيّة لدى المواطن اللّبناني لأسعار ​العقارات​”.

ويشير موسى الى أن “سعر المتر من مساحة الشقة في بيروت يصل من 600 دولار الى 4 آلاف دولار وذلك بالطبع حسب تواجد الشقة في أي منطقة”.

وأعلن رئيس مجلس الادارة المدير العام لمصرف الاسكان أنطوان حبيب، عن “إقبال كثيف على زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بالمصرف WWW.BANQUE-HABITAT.COM.LB، بلغ عشرات الآلاف منذ إعلان انطلاق قبول الطلبات اعتباراً من 20 حزيران الحالي، وذلك للاطلاع على شروط الاقتراض”، معتبراً أنّ “هذا الأمر يدل على توق المواطنين الى الحصول على قروض لشراء مسكن أو ترميمه، لاسيما قرض الطاقة الشمسية”.

وكشف حبيب في تصريح عن توسيع شريحة الافادة من القروض لتشمل كل المدن اللبنانية من دون استثناء وليس القرى فقط، نظراً إلى العدد الهائل لطلبات القروض التي يتلقاها المصرف من المدن، فأراد مجلس الإرادة عدم استثنائها وأقر توسيع “بيكار” تلك القروض، بحيث من شأن هذه القروض السكنية أن تخلق دورة اقتصادية جديدة كاملة وتحرك عناصر البناء من دون استثناء، ما يؤدي إلى خلق فرص عمل للنجار والحداد والسنكري وتاجر الحديد والخشب والباطون…. وصولاً إلى المتعهدين، علماً أن مجلس إدارة مصرف الإسكان زاد مساحة قرض شراء مسكن من 120 متراً إلى 150 كي يسهل أمور اللبنانيين، كذلك قرر مجلس الإدارة السماح بالحصول على قرض الطاقة الشمسية لمن استفاد سابقاً من القروض المدعومة.

محمد وزوجته نانسي كان يحلمان بشراء بيت دافئ يزيناه كما يريدان، وهذا الحلم كان سيتحقق قبل العام 2019 أي عندما كانا مخطوبين، حينها سعيا جاهدين الى البحث عن شقة سكنية في العاصمة بيروت وتحديداً في منطقة عائشة بكار الى جانب أهلهما، ولكن حلمهما تبخّر في لحظة غير متوقعة ليصبح شبه مستحيل. ويقول محمد: “في العام 2019 كانت لدينا الإمكانات اللازمة لشراء منزلنا الخاص الذي أعجبني وخطيبتي في ذلك الوقت، ولكن كنت أحتاج الى القليل من المال فوق المبلغ الذي كنا ندخره، وفجأة مع بدء الثورة لم نعد نذهب الى عملنا كثيراً في الوقت الذي كنت أسعى الى تأمين المبلغ المتبقي خلال 6 أشهر عمل، فانتظرنا وقلنا لا بد أن تُفرج، ولكن فوجئنا أكثر بتسارع الأحداث التي كبلت أيدينا وأرجلنا، وبدأت أسعار الشقق ترتفع وللأسف خسرنا منزل أحلامنا، واتفقنا على أن نعيش في بيت بالإيجار أفضل من مغادرة بيروت والاستقرار في منطقة بعيدة عن أهلي وأهلها، لذا نحن نعيش اليوم في بيت مستأجر وكل شهر يطلب صاحبه زودة. واليوم وبعد عودة منح قروض الإسكان أفكّر ملياً بالأمر حتّى أنّنا بدأنا بالبحث عن منزل في بيروت بمساحة صغيرة تكفينا أنا وزوجتي وابني”.

شارك المقال