التغيّر المناخي والفكر النسوي… علاقةٌ مترابطة

ليال نصر
ليال نصر

لطالما كان النساء والأطفال أكبر ضحايا التغير المناخ، لأننا عندما نتحدث عن هذا الموضوع، نتكلم عن الجفاف وعن مياهٍ أقل وتلوّثٍ أكثر. وفيما تظهر الدراسات التأثيرات السلبية لتغير المناخ، لم يتحدث أحدٌ عن المرأة بصورة جوهرية وضرورية، كإحدى المتأثرات بتغيرات المناخ أو الأضرار البيئية عموماً. فما هو الترابط بين تغير المناخ والفكر النسوي؟ وما أهمية دور النساء في هذا الإطار؟

لا شك أن التغير المناخي طال النساء والأطفال بصورة أكبر وخصوصاً في دول العالم الثالث، تقول المتخصصة بعلم الاجتماع جلنار واكيم لموقع “لبنان الكبير”، وتشير الى أن الوضع ليس أفضل حالاً في لبنان، ليس بسبب التغير المناخي وحسب، إنما أيضاً بسبب السياسة التي تدخل في هذا التغير والقرارات التي تؤدي إلى عواقب أكثر على البيئة.

في كل دول العالم، دفعت النساء بصورة أكبر ثمن التغير المناخي والسياسات التي أدت الى هذا الموضوع. ولذلك، ترى واكيم، أن الفكر النسوي كان وسيكون، جزءاً من المطالبة بالاستقرار أي السلام بمفهوم الاستقرار والسياسات الصحيحة في ما يتعلق بالتغير المناخي والسلوك الصحيح بالنسبة الى المناخ.

فالنسوية لا يمكن أن تدور حول النساء فقط، من دون رؤية النضالات التي تخوضها العديد من النساء حول أراضيهن، والوصول إلى الموارد البيئية؛ إذاً فالبيئة والنسوية مترابطان.

ما دور الحركة النسوية البيئية؟

للحركة النسوية البيئية دور مهم في مجابهة تلوّث المياه والهواء والأرض، والحق في الحصول على الرعاية الصحية الجسدية والنفسية للجميع، والحق بالتمتع بالموارد الطبيعية كالمياه النظيفة والطعام الصحي بصورة عادلة.

يؤثر المناخ المتغير على الجميع، لكن العالم الأكثر فقراً ومن هم في أوضاع هشة، وخاصة النساء والفتيات، هنّ اللواتي يتحمّلن وطأة الصدمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. لكن النساء والفتيات أنفسهن أيضاً من أوائل من تبنوا التقنيات الزراعية الجديدة، وأول المستجيبات عند وقوع الكوارث، وصانعات القرارات المهمة في المنزل بشأن الطاقة والنفايات. لذا لا يمكن أن يكون العمل المناخي ناجحاً أو مستداماً إذا لم يشمل النساء.

وفي تحليل للأمم المتحدة، تعتبر القيادة النسائية بسبب قدرتهن الفريدة، “محركات للحلول” عندما يتم تمكينهن. لذلك، ليس من المستغرب أبداً، أخذ عامل ديناميات النوع الاجتماعي في الاعتبار عند تصميم وتنفيذ استراتيجيات للمناهج التكيفية مع تغير المناخ.

وتركز الأمم المتحدة على النساء في جميع أنحاء العالم بوصفهن عوامل تغيير، وعلى تعليمهن كيفية دمج الحلول الذكية مناخياً في العمل الذي يقمن به. هذه الأساليب التي يقودها المجتمع لا تفيد البيئة فحسب، بل تمكّن النساء أيضاً من المساعدة في تحسين نوعية الحياة لأسرهن ومجتمعاتهن، مع تعزيز التنمية المستدامة.

رواندا وأوغندا نموذجان

تشير واكيم إلى أن “لدينا الكثير من الأمثلة النسوية الفاعلة مثل رواندا وأوغندا اللتين أخذتا إثر النزاع بعد الحروب، القرار بوقف استعمال البلاستيك والمواد البيئية، واعتبار البيئة أولوية نسوية ووطنية، والنساء كن الحاضرات الأول، ولعبن دوراً أساسياً على الصعيد البيئي وخصوصاً اللاجئات اللواتي كنّ صانعات فرق في هذا الإطار”.

تشترك رواندا – إحدى الدول الأقل نمواً – مع آيسلندا وفنلندا والنروج والسويد – الدول الأربع التي يصنفها البنك الدولي ذات دخل مرتفع، بامتلاك أعلى معدلات مشاركة من النساء في القوة العاملة في العالم بنسبة 86%، في حين تبلغ النسبة في الولايات المتحدة 56%.

وبفضل سواعد نسائها تقدمت رواندا على طريق التطور والتنمية، وحازت عاصمتها كيغالي على ألقاب دولية مثل “الأكثر أمناً في القارة” و”الأنظف بين عواصم أفريقيا” و”أيقونة التنمية الأفريقية الحديثة”.

كذلك، تقول واكيم: “إن النساء يثبتن دوماً، دورهنّ الريادي على صعيد البيئة، فهنّ اللواتي يربّين الأطفال وخاصة الذين يعانون أمراضاً، على تغيير سلوكيّاتهم بصورة أفضل كونهنّ على احتكاكٍ مع الأولاد لوقتٍ أكبر، وبما أن المطلوب منهنّ الدور الرعائي، ولما لهذا الدور من أهمية وتأثير إيجابي. لذلك، عندما أُقصيَ عنها هذا الدور، كان لذلك مردود سيء جداً على البيئة والتغير المناخي”.

إذاً، تضيف واكيم: “حقوق المرأة في هذا المكان هي حقوق الإنسان، لأن المرأة أكثر من نصف المجتمع والغرور وحب الذات عندها أخف، كما أن مسؤوليتها المجتمعية والبيئية أكبر وخاصة عند اتخاذ القرارات المهمة في هذا النوع من المواضيع”.

شارك المقال