عسل الفقراء دواء للأمعاء

حسين زياد منصور

على مدى السنوات الماضية لم يولِ اللبناني أهمية كبرى لشجرة الخروب، على الرغم من انتشارها في كثير من المناطق اللبنانية إضافة الى المعاصر التي تصنع الدبس والمتوزعة بين القصيبة احدى قرى قضاء بعبدا وإقليم الخروب في قضاء الشوف، وعكار والبترون في الشمال وأيضاً صور وزوطر في الجنوب.

“عسل الفقراء” لا يغيب عن مونة عدد كبير من اللبنانيين وموائدهم لفوائده فضلاً عن سعره الزهيد، وعلى الرغم من ذلك لم يكن الاهتمام به كافياً، اذ زرعت بعض البلديات هذه الأشجار للزينة من دون الاهتمام بقطافها أو الافادة منها في كثير من الأوقات. وتتعايش أشجار الخروب مع الطبيعة المحيطة بها والتربة المزروعة فيها.

ارتفع سعر دبس الخروب ليلامس الـ ٣٠ ألفاً بعدما كان لا يتعدى الأربعة آلاف ليرة، وفي الفترة الماضية ازداد اهتمام التجار بهذه الثمرة، يقول أحد أصحاب معاصر الخروب، وهو من أسباب ارتفاع أسعاره، فهم يصدرون قسماً كبيراً منه الى الخارج، ومن جهة أخرى لا يمكن نسيان الكميات التي يأخذها المغتربون في كل مرة يزورون لبنان فيها.

ويوضح أن “عدداً كبيراً من اللبنانيين يعمل على ضمان أشجار الخروب، فهي ليست بصعوبة قطاف الزيتون مع ازدياد طلب التجار على شرائها قبل تحويلها الى دبس أو عصير من أجل تصديرها لأنها مكون أساسي في تصنيع الأدوية الخاصة بالأمراض الجلدية والمعوية”.

ويؤكد أنه “لا يمكن لوم اللبناني خلال هذه الفترة لإقدامه على هذه الخطوة، فالأزمة الاقتصادية أجبرته على الاتجاه نحو الطريق الأسهل والأكثر ربحاً. التجار يتنافسون في ما بينهم للحصول على أكبر كمية من الثمار من أجل تصديرها اذ أصبحت تجارة مربحة”.

غالبية المعاصر المنتشرة على الأراضي اللبنانية قديمة وورثها الابن عن الآباء والأجداد، وفي العادة خلال شهر آب يقطف الخروب أسود ويوضع في أكياس الخيش، وبعد وقت معين من إدخالها الى المطحنة تخرج بأشكال متنوعة الأحجام، وتترك حتى تجف لفترة تتراوح بين شهر وشهر ونصف الشهر، وبعد غربلتها توضع كل مجموعة وحدها الناعمة والخشنة والعادية.

ثم تنقع لمدة ٣ ساعات في المياه الحلوة وأهم ما في ذلك وضع الأحجام الصغيرة في الأعلى والكبيرة في الأسفل. وبعد ذلك يصفّى العصير من الرواسب في أسفل الوعاء. وفي النهاية يوضب للبيع في المعصرة والسوبرماركت والمحال التجارية. وتجدر الإشارة الى أن البزر يفصل عن الخروب ويوضع جانباً.

يرى أحد العاملين في مجال قطف الخروب أن هذه التجارة قابلة للازدهار بقوة خلال الفترة المقبلة لأنها تدخل مباشرة في تركيب بعض الأدوية، بغض النظر عن قيمتها.

ويؤكد أحد الصيادلة أن الخروب يدخل في صناعة الأدوية، التي لا تصنع في لبنان بل في الخارج وتتعلق بالمشكلات المعوية وغالبيتها تصنع شراباً.

هذا الموسم لن تفوح روائح الخروب من المعاصر كالعادة ولن تكون أكياس الخروب أمامها كبيرة، والحسرة على الفقراء في هذه الأزمة المتوحشة فعسلهم لن يكون متوافراً بكميات كثيرة، هذا العسل وما له من فوائد صحية من تنظيف الكبد والمعدة والكلى.

شارك المقال