الأحداث… بين قضاة غير متفرغين ووزارات بلا دعم

ليال نصر
ليال نصر

يواجه الأحداث في لبنان العديد من الاشكاليات لكونهم على تماسٍ مع القانون سواء كانوا شهوداً على جرم أم ضحايا أو معتدين. فلا الأمكنة التي يتم فيها التحقيق آمنة، ولا البيئة في المخافر والفصائل والمفارز جيدة، كما أن بعض رتباء التحقيق غير مدربين على التعامل مع الأطفال، وبالتالي فإن وجود مندوب اجتماعي، يخفف من وطأة المكان والأسئلة الاستنطاقية وغيرها من الأمور التي يتعرض لها الطفل.

أسباب قرار التحويل إلى مؤسسات اجتماعية

قرار وضع الطفل في جمعية أو مؤسسة تعنى بالأطفال، هو من أصعب القرارات، تؤكد رئيسة الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أميرة سكر لموقع “لبنان الكبير”، وتقول: “نحن لا نحبذ ذلك وإنما نحاول البحث عن أهل وأقرباء وعائلة ممتدة، لمواكبة الاطفال، إلا أننا أحياناً نصطدم بأن إعادته الى البيئة الأساسية، ستؤدي إلى وقوع خطر محتّم على الطفل، وبالتالي نبدأ رحلتنا في البحث عن مؤسسات اجتماعية، وهنا يبدأ التحدي”.

مشكلة الأحداث في لبنان

هناك سبعة قضاة للأحداث في لبنان يتابعون الملفات كافةً بشغف وتأنٍّ، ولكن تضيف سكّر: “هناك مشكلات عدة وهي أن القاضي غير متفرّغ للأحداث وحسب، إنما لديه محاكم أخرى”.

ملفات الأحداث هي ملفات سرية لا يجب أن يطلع عليها أحد سوى المختصين في العمل الاجتماعي، وأحياناً تشير سكر إلى أنه تسرّب معلومات متعلقة بالملفات، ما يشكل خطراً على القاصر وكذلك على مندوبة الأحداث. كذلك، وبسبب الضائقة الاقتصادية، فإن كاتبي القضاة لا يستطيعون الحضور الى قصور العدل لمتابعة العمل والقضايا وبالتالي هناك تأخير في إصدار القرارات، ما يؤثر على سير المحاكم كونها أموراً طارئة، وكما نعلم الطفل لا ينتظر وهو بحاجة الى رعاية وعناية ومواكبة فورية أيضاً، وليس كل قضاة الأحداث لديهم اختصاص فهم يعيّنون من دون أي خبرة في هذا المضمار.

إضافة إلى ما سبق ذكره، فقد ساهمت الأزمة الاقتصادية الخانقة وجائحة كوفيد ١٩، في تفاقم الوضع، وتوضح سكر “فيما أصبح ضرورياً إجراء فحوصات قبل استقبال الطفل في المؤسسة، بدأنا نشهد تأثيرات الوضع الاقتصادي المتردي وانعكاساته على أداء الوزارات المعنية والجمعيات، وبات دعم وزارة الشؤون لها وللمؤسسات غير كاف. ولكن هناك محاولات دائمة في ظل كل هذه الصعوبات للعمل بأقل الموارد وأفضل النتائج”.

تعاون مشترك لحماية الأحداث

هناك تشبيك مع الجمعيات والمؤسسات والوزارات كافة التي تعمل في شؤون الأحداث والأطفال مثل وزارة العدل والشؤون والتربية والصحة والثقافة والعمل والشباب وغيرها، وكذلك الجمعيات التي تحيل الملفات القضائية الشائكة، إنما العمل في هذا المضمار، شائك جداً ولكن تشدد سكر على “أننا لا نكلّ ولا نتعب، بل نشعر بالانتصار في كل مرة نساهم في تحقيق العدالة لكل طفل في لبنان”.

كل مندوبي الأحداث متخصصين في الشأن الاجتماعي النفسي ويتابعون ملفات القاصرين بدقة. وتلفت سكر إلى أنه تتم متابعتهم وتدريبهم باستمرار على كل الاشكاليات والمستجدات، كما تعقد اجتماعات دورية تناقش فيها الحالات بسرية تامة من دون ذكر الأسماء، ليتم بعدها العمل على الاستفادة من طرق معالجة التحديات في المناطق، ويعمل الاتحاد على محاولة تغيير الوعي المجتمعي خصوصاً أن القاصر يعتبر ضحية حتى لو كان مرتكباً لجرمٍ ما.

على أمل أن يصبح لدينا يوماً ما، مؤسسة قضائية خاصة بالأحداث بدءاً من رتباء التحقيق، وصولاً إلى القضاة والمحامين المتخصصين أيضاً، إلى المدّعين العامين المختصين في شؤون الأسرة والأحداث، وكذلك أماكن التحقيق الصديقة للطفل وأماكن التوقيف والاصلاحيات ودور الملاحظة.

شارك المقال